hit counter script

مقالات مختارة - جورج سولاج

رسالة إسقاط المقاتلة الروسية

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٥ - 07:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

إسقاط مقاتلة لدولة عظمى ليس مزحة. واللعب مع «الدب» الروسي لا يمرّ من دون حساب وعقاب. فهل نحن أمام حرب إقليمية أو عالمية ثالثة؟ وهل هناك قرار بالتصعيد العسكري في واشنطن أو موسكو؟ وهل تسرَّعت تركيا بإسقاط الطائرة الروسية أو أنّ هناك مَن هو أكبر منها أرادَ إرسال تحذير الى القيادة الروسية من خلالها؟ الخطوط الساخنة فُتحت على مصراعيها أمس. فلماذا حصل مع حصل، وما هي الرسائل والتداعيات؟خمس دقائق كانت كافية لتوجيه تركيا ضربة قوية تمسّ جوهر كبرياء روسيا، بعد أقل من ٢٤ ساعة على اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله خامنئي.

بوتين الذي خاض خمس حروب وربحها كلّها في الجوار الروسي، صُدِم بتجرُّؤ الأتراك على ضرب هيبته وتوجيه رسالة عسكرية إليه عبر إسقاط مقاتلة السوخوي 24.

خمس دقائق وضعت بوتين فجأة في وضع لا يُحسد على سوريا. إذا ضرَبَ تركيا وهو قادر على ذلك، يُغامر باندلاع حرب مع حلف شمال الأطلسي. وإذا تردّد في الإنتقام يُخاطر بالهالة التي بناها لنفسه وتأثيراتها على شعبيّته وصورته. لا يُمكن لشخصية مثل بوتين إلّا أن تردّ الضربة بأقسى منها، لكنه لن ينزلق الى حرب مع تركيا والناتو من خلفها.

ولكن لماذا أسقطت تركيا الطائرة الروسية؟

أولاً، تريد أنقرة أن تحترم موسكو مصالحها وخطوطها الحمر في سوريا، كما احترمت الخطوط الحمر الإسرائيلية.

ثانياً، تركيا جزء من التوازنات الإقليمية ولا تستطيع الإستسلام للسيطرة الروسية المطلقة في منطقة هي من أولويات الأمن القومي التركي، خصوصاً وإن الروس لا يأبهون لأحد، وقد أمروا بإقفال أجواء دول المنطقة، ما يُسبب بإرباك حركة نحو 800 طائرة يومياً.

ثالثاً، إستاءت تركيا من روسيا لإصرارها على قصف حلفائها بدل «داعش»، في سوريا، وعُقدت إجتماعات أمنية عالية المستوى في أنقرة في الأيام الماضية.

رابعاً، وهو السبب المباشر. يشعر الأتراك أن روسيا تسعى الى السيطرة على جبل الأكراد والتركمان، وهذه المنطقة الحدودية تشكّل حساسية للعمق التركي، وكانت أنقرة طلبت من موسكو وقف قصف جبل التركمان.

ويتألّف هذا الجبل من ٣٣ قرية، ١٦ منها نزح عنها أهلها بالكامل، وهناك ٥ آلاف نازح منهم على الحدود التركية بعد القصف الروسي المتواصل عليها.

تخشى أنقرة من موجة هُجرة قسرية الى داخل تركيا، وبالتالي يلعب العامل الديموغرافي دوراً مهماً في إسقاط الطائرة، ولا يمكن تغييبه.
وهذه ثالث مرة تحصل مناوشة طيران فوق تركيا. ووفق قواعد الإشتباك الدولي، عندما تقترب أي طائرة ٥ أميال من الحدود تناديها الدولة المعنية، وإذا أكمل الطيار طريقه يُصبح من حق الدولة إسقاط الطائرة.

كسبت تركيا على المدى القصير. ردّت على استعراض القوة الروسي، باستعراض مماثل ليست بعيدة عنه الولايات المتحدة الأميركية، في إطار تبادل الرسائل وعرض العضلات، على رغم عدم وجود نيّة ولا إمكانية أميركية للدخول في الأزمة السورية التي تنظر اليها على أنها محرقة لكل من يتدخّل فيها. كذلك فإنّ «الناتو» ليس في وارد التصعيد ضد روسيا الآن.

تركيا هي أول دولة في «الناتو» تُسقط طائرة روسية. بعد الآن هل تؤخذ الرسائل التركية على محمل الجدّ أو أن لموسكو كلاماً آخر؟
 

  • شارك الخبر