hit counter script

الحدث - ابراهيم درويش

أسبوع مضى... محظوظة باريس... ويتيم شعبنا

السبت ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٥ - 06:00

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أسبوع بالتمام والكمال مضى على أحداث باريس... ولا زال الخبر الباريسي الحدث الأول في الاعلام... كيف لا وهناك مئات الابرياء قُتلوا في فرنسا الحضارة والرقي... هناك المئات جرحوا... والآلاف روّعوا...

لا شك أن التضامن الانساني مع أي مظلوم يقتل أو يعذب في هذا العالم هو أمر بديهي تلقائي غير مقترن بقرابة او صلة او معرفة، انما مرتبط بالنزعة الانسانية الطبيعية التي من المفترض انها ترفض الاجرام في أي مكان يقع، وهذا ما يجب ان  يكون سياقاً عالميا طبيعيا، لكن المتابعة تظهر المساحات الشاسعة في تقييم الاحداث الدموية بين مجتمع وآخر...

فكم هي محظوظة فرنسا! كل القلوب معها، كل الصلوات لاجلها، محظوظ شعبها، هو لا يستحق ان يموت، محظوظة شوارعها ومبانيها، فهي لا يجوز أن تدمّر وتعرف الخراب، وهذا ليس حالة استثنائية بل هذا هو الشعور البديهي تجاه أي بلد.

وحدها الشعوب الفقيرة، لا تحظى بهذا الشرف، وحدها الشعوب الفقيرة تستحق الموت، وحدها فلسطين يمكن أن تزف الشهداء، الشهيد تلو الآخر، وان تدّكَ بكافة أنواع الاسلحة، وهي لا تستحق في ان تحتل خبراً متقدماً بين الاخبار الرئيسية في النشرات العالمية، وحتى المحلية منها.

وما المشكلة ان نزفت بيروت بعض الشهداء جراء عمل ارهابي؟ وان واصل العراق النعي اليومي لعشرات ومئات الراحلين بالعبوّات المزروعة على دروب الآمنين؟ وإن سطّر السوريون ملاحم الموت اليومية بشتى أنواع الاسلحة! لا عجب في ذلك، فشعبنا في نظر العالم "لم يحيا بعد لكي لا يستحق الموت".

الجثث في دول العالم الثالث تحولت بعد أحداث الحادي عشر من أيلول العام الفين وواحد الى مجرد ارقام، فهي جميعها تهدد أمن الدول النامية، ونحن تحولنا الى عدادات يومية عاجزة الا عن التسجيل والصراخ المسجون في حناجرنا.

للدول الكبرى الحق في استنفار العالم لحماية أمنها، ولها الحق في تسخير الامم المتحدة ومجلس الامن لحماية اراضيها، لا ليعبّر فقط عن قلقه، نعم جميعنا مقتنعون ان البلاد الغربية هي بلاد الراحة والامن والامان، وهي ملاذ جميع الهاربين والحالمين بحياة افضل وهي كذلك، انما المشكلة في ميزان البشرية المغشوش الذي يميز بين الناس، والمشكلة اننا نعيش قناعة تاريخية راسخة بأن مسارحنا هي المكان الانسب للعروض العالمية المختلفة، نتنقل من مخاض الى مخاض، ونرضى بما تبقى لنا من مساحات ضيقة للعيش، تضمحل احلامنا اكثر فاكثر، الى ان  يصبح أكبرها البقاء على قيد الحياة.

 

  • شارك الخبر