hit counter script

قصص ما بين الانفجارين: أرادوا المساعدة فسقطوا جرحى

السبت ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٥ - 07:16

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

قالت: «أبي بطل الأبطال».
هي مريم التي تهتم بوالدها الجريح في «مستشفى الرسول الأعظم». ليست وحدها من يحيط به، فهناك خمسة أو ستة وحتى عشرة أشخاص ممن اكتظت بهم الغرفة.
أصيب والدها محمد حرب في رجليه، وكان يتحضّر لدخول غرفة العمليات لإزالة ما تبقى من آثار لشظايا فيها. وقد أُحضر إلى المستشفى أمس الأول بمساعدة عناصر من «حزب الله» الذين نقلوه عبر دراجة نارية وهو ينزف بشدّة.
يروي أنه شعر بجسده يبرد، وكان دمه قد أحاط به من كلّ الجوانب، ورسم خطّاً خلف الدرّاجة التي كانت تنقله من مكان الانفجار حتى المستشفى. أعلم الطبيب بحاله فمدّه بالدم ليستعيد بعضاً من قوّته.
هو من الذين دفعهم الانفجار الأول إلى مساعدة الجرحى فأصابه الانفجار الثاني.
يروي أنه حين سمع دوي الانفجار الأول هرع لمساعدة المصابين، وكان يحاول فتح الطريق أمامهم لكنّ الانفجار الثاني أوقعه أرضاً، بين مجموعة من الشهداء والجرحى. يقول: «في لحظة تبدّلت معالم المكان، صار اللون رمادياً يخترقه لون الدمّ، وصراخ وأنين وعويل وتكبير. وكان الانتحاري بعيداً عنّي مسافة خمسة أمتار». لاحظ محمد أنه سقط بجانب سيّارة، خاف من أن تشتعل فزحف ما يقارب المئة متر، قبل أن يتمّ إسعافه. هو نفسه نجا من انفجار الرويس قبل أكثر من سنة. يومها أيضاً هرع لمساعدة المصابين لكنّه لم يتأذَّ. ويؤكّد أنه لو يقع انفجار بعد اليوم فلن يتوانى عن مساعدة غيره «فبرج البراجنة أشبه بقرية وكلّنا فيها أهل وأقارب وأصحاب». وقد أتاها محمد صغيراً من خلف الشريط الحدودي هرباً من احتلال إسرائيل لقريته.
في غرفة مقابلة، كان يرتاح ابراهيم حسن.
هو ترك الغربة منذ نحو عام للعيش بين الأهل والأقارب في لبنان، لا سيّما مع عائلته التي تتألف من ابنتين وصبيّ، أكبرهم عمره أربع سنوات.
كان إبراهيم يرتشف فنجان قهوة مع صديقه حين دوّى الانفجار الأول، فهرع صوب منزله لتفقّد عائلته. وكان لا يزال يفصله عن منزله خمسة عشر متراً حين دوّى الانفجار الثاني. وقد دفعته قوّة الصوت إلى داخل أحد المتاجر، شأنه شأن جرحى آخرين وشهداء ومنهم حسناء. هو أيضاً أصيب في رجليه بكسور وشظايا.
يروي أن شباباً نقلوه من المكان عبر درّاجة نارية، ومنها عبر درّاجة نارية أخرى إلى المستشفى.
انتشلوه من بين جرحى وشهداء فُصلت أجزاء من أجسادهم عن بعضها. وهو يذكر أن الشهيدة حسناء كانت تركض بعيد الانفجار الأول بحثاً عن شقيقها، فأصيبت بالانفجار الثاني. مثله يتذكّر صديقه علي الخطيب مشاهد متفرّقة: حسناء وغيرها من الجرحى الذين كانوا يئنون وسط الصراخ والتكبير، وتلك السيّدة التي سقطت أرضاً مضرجة بالدماء بينما بقيت مشترياتها موضّبة في أكياس في إحدى الزوايا.
لعلّ حال محمد وابراهيم لن تستدعي مكوثهما في المستشفى طويلاً، لكنّ هناك جرحى كثيرون ممن سيترك الانفجار آثاراً على أجسادهم. وحتى ظهر أمس كان لا يزال نحو 28 جريحاً في «مستشفى الرسول الأعظم» من بينهم عشرة في العناية الفائقة، وفق مديرها الدكتور محمد بشير.
وهو يلفت النظر إلى أن هناك ستة آخرين في العناية الفائقة التابعة لـ«مستشفى السان جورج» الذي يشرف عليه «الرسول الأعظم»، مؤكداً أن غالبية الجروح كانت متوسطة وصعبة. وقد استشهد أحد الجرحى صباح أمس ليصبح عدد الشهداء 44.
أمّا «مستشفى الساحل» فكان لا يزال يعالج حتى أمس نحو 12 جريحاً جرّاء الانفجارين، حال أحدهم خطرة.
مادونا سمعان - السفير - 

  • شارك الخبر