hit counter script

حكايات مَن هاجر من «الميناء».. ومَن يستعدّ

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 13:34

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

هنا في مدينة الميناء، ومن خلفها احياء طرابلس الفقيرة وصولا الى قرى عكار والمنية والضنية وباقي أقضية الشمال، يتداول المواطنون أرقاماً خيالية عن اعداد الذين هاجروا في الاشهر الاخيرة، وعن ارقام اكبر عن اعداد الذين يستعدون للمغادرة في الايام المقبلة، غير آبهين بكل ما يترتب على ذلك من تداعيات ومخاطر، «لم يعد امامنا سوى المغامرة بحياتنا من اجل تأمين حياة افضل»، كما يبرر محمد مساعيه التي اكتملت للهجرة الى اوروبا، بانتظار «ساعة الصفر» حيث سيغادر بطريقة شرعية الى تركيا ومنها الى اليونان بعد عقد الصفقة مع المهربين هناك.
في التبانة، حيث الكثافة السكنية الأكبر في طرابلس، وحيث تجتمع البطالة مع الفقر ومع ارتفاع منسوب التسرب المدرسي، قد يكون حديث السفر هو القاسم المشترك للأهالي. هنا تجلس الحاجة «ام خالد» تروي لجارتها تفاصيل رحلة ابنها وكيف استطاع، بعد طول عناء، الوصول الى المانيا. جارة «أم خالد» تستغل كثافة المهنئين لتطلب من الحضور الدعاء لابنها ليستطيع ان يصل الى النمسا. الرحلة بالنسبة لـ «ام خالد» وجارتها برغم المخاطر تبقى اقل خطورة من الحياة التي عاشها ولديهما خلال جولات العنف في المدينة وكانا معرضين خلالها للموت، عدا عن عدم توفر فرص العمل.
حال العائلات في التبانة التي ودّعت اولادها او تلك التي تستعدّ لوداع دفعات جديدة من المهاجرين، تشبه الى حد كبير روايات ابناء الميناء، فالبحر ملعب الاهالي، وهم اعتادوا العيش فيه وتأمين قوت يومهم من مهنة الصيد او من مهنة تنظيم الرحلات السياحية إلى الجزر القريبة منه.
يقارن أحد الشبان بين وضع كورنيش المدينة ليلاً حيث كان يعجّ بمئات الشبان سابقاً، وبين وضعه اليوم، حيث لم يبق من عجقة هؤلاء سوى مقاعدهم التي كانت تنتشر على الكورنيش وكانوا يجلسون عليها يومياً لتدخين «النرجيلة» ولعب الورق.
إلا أن أكثر ما يلفت الانتباه في حديثه هو جرأة التحدث عن ظاهرة الهجرة غير الشرعية: «نحن هنا امام خيارين اما السفر الى تركيا عن طريق مطار بيروت او مرفأ طرابلس او الصعود في القارب والتوجّه مباشرة الى اليونان، في رحلة تستغرق يومين ونوفّر فيها الكثير من المال».
أما عن أعداد الذين غادروا، فالرقم بالنسبة لهم هو أضعاف ما يتمّ تداوله، حيث يؤكدون بأن الميناء وحدها هاجر منها اكثر من الفي شاب، وهناك مثلهم من طرابلس.

(عمر ابراهيم (السفير، 24/10/2015، ص4))

  • شارك الخبر