hit counter script

لبنانيون يبحثون عن "باسبور" سوري طمعاً باللجوء

الأربعاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 13:46

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

قبل أربع سنوات مضت كانت الهوية السورية أشبه بتهمة تلاحق صاحبها أينما ذهب. لكن وبعد فتح أبواب اللجوء للسوريين الهاربين من الحرب إلى أوروبا، تحولت الهوية نفسها اليوم إلى ورقة ذهبية يسعى أبناء الدول المختلفة للحصول عليها. قبل فترة ليست بالبعيدة انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لشخص أسود البشرة يدّعي بعربية ركيكة أنه من سوريا، ومن دمشق تحديداً: "أنا من داماسكو". لاقى الفيديو وقتها سخطاً كبيراً من السوريين بسبب استغلال هويتهم ومعاناتهم للحصول على الأمان في دول أوروبا.
في لبنان يسعى الكثير من الناس جاهدين للهروب من واقع بلدهم الذي ضاقوا به ذرعاً، لذا عمد قسم منهم للحصول على الهوية السورية، البعض منهم كان له أقارب في سوريا فاستطاع تدبير أموره، فيما قام البعض الآخر بتغيير هويته تماماً ليصبح سوريّ المولد والهوى.
يسعى أنطوان اليوم للحصول على جواز سفر سوري، إما عبر شرائه من أحد أو عبر "تدبير" جوازٍ باسمه عبر طرقٍ ملتوية حتى يستطيع العبور إلى أوروبا، وتحديداً ألمانيا.
لكن، يشير أنطوان إلى أنّ شراء باسبور ليس الطريقة الوحيدة: "اليوم يمكنك الزواج من فتاة سورية ومن ثم إرسالها إلى أحد هذه الدول المانحة للجوء وبعدها القيام بما يعرف لم شمل. يمكنك مثلاً الاتفاق مع إحداهن على هذه العملية مقابل مبلغ من المال لتوفر على نفسك مشقة رحلة التهريب والخوف وخطورة الموت، خاصةً أن أعداداً كبيرة من السوريين وأشخاصاً من جنسياتٍ أخرى غرقوا في البحر".
أما يحيى، وهو شاب لبناني كان يعمل في إحدى دول الخليج العربي، فقد نجح فعلاً في الوصول إلى أوروبا.
بعد أن ضاقت به سبل الحياة ولم يعد قادراً على تحمل العمل في الخليج العربي، عمد إلى شراء أوراق ثبوتية تبيّن أنّه سوريّ الجنسية. وهكذا بقيت له خطوة واحدة وهي عبور البحر من تركيا إلى اليونان، كما كل سوريّي الشتات.
يقول يحيى إنّه مثل غيره يبحث عن الأمان الذي لن يجده في لبنان أبداً، إضافةً إلى كونه يحمل جنسية عربية "ستُلحق به صفة الإرهابي طوال عمره"، حسب قوله، وستقلل من فرصه بالهجرة.
لم يجد يحيى في تصرفه أي نوع من الأنانية أو استغلالاً لفرصة غيره، هو يجد أن من حق أي شخص طلب الأمان، وهذه الوسيلة الوحيدة المتاحة أمامه ليحصل على الأمان له ولعائلته فيما بعد. أما عن الطريقة التي استخدمها يحيى لذلك، فقد لجأ إلى أحد السوريين الذين يعملون في تزوير الوثائق، فبعد سيطرة المعارضة على القسم الشمالي من سوريا، تم تهريب آلات طباعة للوثائق الثبوتية السورية إلى تركيا.
بدأت رحلة يحيى بالانتقال من الخليج إلى تركيا، ومن ثم اليونان بحراً، وبعدها براً عبر دول شرق أوروبا التي أوصلته إلى ألمانيا. هذه العملية كلّفت الشاب ما لا يقل عن عشرة آلاف دولار أميركي، حسب قوله، دفعها لشراء الباسبور والأوراق الثبوتية السورية والباقي دفعه للمهربين الذي أوصلوه إلى "أرض الأحلام"، كما يسميها.
يحيى وأنطوان ليسا حالةً استثنائية، فالكثيرون قاموا أو يحاولون القيام بهذا الأمر، لكنّهما لم يسرقا من أحد وثائقه، في الوقت الذي ينتشر الكلام حول لبنانيّين قاموا بسرقة أوراقٍ ثبوتية تعود لمواطنين سوريّين. أخاف ذلك الكثير من السوريين الموجودين في لبنان. محمد، وهو شاب سوري يعيش في لبنان منذ أكثر من عامين، واحد منهم. يقول الشاب إنّه يخاف على جواز سفره أكثر مما يخاف على محفظة نقوده، فهو يخبّئه تحت مخدته أثناء النوم خوفاً من أن يُسرق.
يؤكّد محمد أنّ العديد من الأشخاص عرضوا عليه أوراقه الثبوتية بمبالغ تصل إلى 3500 دولار أميركي للهوية و5000 دولار أميركي أو أكثر لجواز السفر. المضحك المبكي في الموضوع أنّ محمد يحاول منذ أكثر من عام جمع مبلغ 5000 دولار أميركي ليدفع تكاليف رحلة تهريبه إلى أوروبا. المحزن أكثر في هذه المعادلة في نظر محمد أنّه يستطيع بيع هويته والسفر بجواز سفره، لكن هل سيسمح له ضميره بذلك؟
يستغرب محمد حالة بعض اللبنانيين، فهم يسعون للحصول على الهوية السورية، في الوقت الذي يعامل قسم منهم السوريين بعنصرية واحتقار. يقول محمد: "من حق كل إنسان الحصول على الأمان إن لم يجده في بلده، لكن أليست هناك وسيلة أخرى غير منافسة السوري الذي ينزف دماً كل يوم؟".
إبراهيم زرقا (شباب السفير، 21/10/2015)

  • شارك الخبر