hit counter script

يهاجرون إلى أوروبا أملاً بمنحهم صفة لاجئ

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 10:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لعلّ حادثة غرق الزورق الذي كان يقلّ فلسطينيين لاجئين إلى مخيم البداوي في شمال لبنان وتحديداً من مخيم اليرموك السوري وقضى 9 أشخاص من بينهم كانت الخيط الأول في اكتشاف عمليات تهريب لشبان وعائلات من السوريين والفلسطينيين ومؤخراً اللبنانيين إلى بلدان أوروبا عن طريق تركيا أو اليونان. علماً أنّ لبنان الرسمي لا يودّ التخلّص من مشكلة النازحين السوريين على أراضيه بهذه الطريقة غير الشرعية، بل ينوي إعادتهم الى المناطق الآمنة في بلادهم حرصاً على سلامتهم ولكي يؤمّنوا حياة أفضل لعائلاتهم على حد ما يؤكد المعنيون في الحكومة اللبنانية في هذا الخصوص.

ميناء طرابلس
قبيل إعلان دول أوروبية مثل ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وغيرها عن نيتها فتح باب الهجرة واستقبال لاجئين سوريين على أراضيها، كان اللاجئون السوريون في لبنان يهاجرون إلى دول أوروبية بشكل سري عن طريق ميناء طرابلس وبعض الأشخاص اللبنانيين الذين كانوا يؤمنون لهم مراكب مقابل مبالغ مالية تتراوح من 2 إلى 5 آلاف دولار عن الشخص الواحد أو العائلة الواحدة، ويحط السوري رحاله في أوروبا لاستقباله كلاجئ هناك هرباً من قساوة العيش في لبنان كما يقولون، وإذا لم يستطع العبور إلى أوروبا بسلام وأعادته الشرطة فإن مستقره يكون في تركيا كلاجئ سوري على الأراضي التركية. ويعبّر كثير من اللاجئين السوريين "عن سخطهم من الحالة التي وصلوا إليها في لبنان خصوصاً بعد توقف العديد من المساعدات المادية وغير المادية عنهم لاسيما بدلات الإيواء". ومع إعلان دول أوروبية عن استعدادها لاستقبال لاجئين سوريين أصبحت هذه الهجرة بشكل علني بالبواخر والزوارق اللبنانية مقابل مبالغ مالية يدفعها المهاجر لصاحب الباخرة التي تقل المهاجرين من لبنان إلى أوروبا. وبالرغم من الانتظار الطويل لساعات عدة في ميناء طرابلس فإن اللاجئين السوريين لا يأبهون لكل هذه العذابات لأن الغاية هي دخول حرم المرفأ واستكمال الإجراءات المطلوبة ثم الإنطلاق إلى تركيا في رحلة العمر التي أصبحت شرعية كما يؤكدون. ويسجل ميناء طرابلس حركة مغادرة كثيفة من السوريين تفوق قدرة استيعاب البواخر اليومية، حيث بلغ عدد المغادرين الشهر الماضي 28 ألف لاجئ سوري وفلسطيني، بينما لا يزال الآلاف على لائحة الانتظار للمغادرة.

هجرة لبنانية أيضاً
وللهجرة اللبنانية إلى أوروبا طريقتان. الأولى: تبدأ الرحلة بالتوجه إلى بلدان لا تطلب تأشيرة سفر من حاملي الجنسية اللبنانية، كتركيا مثلاً وبشكل أساسي، ثم تجري متابعتهم من قبل مجموعة تنتظرهم في دول العبور “الترانزيت”، وتقوم بتأمين قطار أو “قوارب الموت”، وتسليمهم إقامات مزورة من دول أوروبية، تحمل أسماءهم وصورهم ليجتازوا بها تلك الحدود، وغالباً ما يقوم بإرسالها متعاون عربي مقيم في أوروبا، بعد أن يتم تحويل حصته من المبلغ المالي الإجمالي. غير أن العملية الأكثر صعوبة، تتمثل في تحويل جنسية المواطن اللبناني إلى سورية مقابل 3 آلاف يورو، ما يساعد المهاجرين على طلب الحق في اللجوء السياسي أو الإنساني في حال وصولهم لأي دولة أوروبية.
الطريقة الثانية التي كانت تتبعها العائلات السورية والشباب السوريون صارت معتمدة أيضاً لدى عشرات بل مئات الشبان والعائلات اللبنانية وخصوصاً من مناطق الشمال من عكار والضنية وطرابلس بنفس الطريقة عبر مراكب سفر تنطلق من ميناء طرابلس لأن الهجرة تتم عن طريق البحر بجوازات سفر لبنانية رسمية كمسافر إلى تركيا عن طريق البحر ومن تركيا يعمد هؤلاء المهاجرون إلى دخول الأراضي الأوروبية وهناك يقومون بتمزيق جوازات السفر وما لديهم من أوراق ثبوتية ويحاولون الدخول على أنهم مهاجرون سوريون إلى داخل الأراضي الأوروبية خصوصاً بعد سماح العديد من الدول الأوروبية باستقبال لاجئين سوريين على أراضيها. وتشير المعلومات إلى قيام العديد من الشبّان بالاستحصال على جوازات سفر جديدة والاستحصال على نموذج جواز السفر أي الطلب لتعبئته من مخاتير محلات إقامة هؤلاء الشباب بشكل كبير ومكثف استعداداً للهجرة إلى أوروبا.

تجميع أموال
ويدور الحديث في الكثير من القرى العكارية عن قيام الشباب وحتى العائلات بتجميع المبالغ المالية المخصصة لرحلة الهجرة هذه من لبنان إلى أوروبا التي باتت حلماً لدى الكثير من الشباب في مناطق شمالية مختلفة ويكاد لا يمر يوم إلا ونسمع "أن فلاناً هاجر إلى ألمانيا أو إسبانيا أو غيرهما" على أن الحديث يدور أيضاً "أن السفر يتم بمراكب في البحر انطلاقاً من الميناء" ومن كان مبلغه المالي "محرز" فإن مسفريه على استعداد لتأمين مركب صغير خاص به وحده يهاجر به في عرض البحر قاصداً غايته في أوروبا. وعلى الرغم من أن عمليات السفر هذه ليست آمنة وليست شرعية خصوصاً للبنانيين فإن الكثيرين ذهبوا وآخرين في الإنتظار على خط الهجرة هرباً من الوضع الإقتصادي السيئ الذي يعانون منه في لبنان. وانتشر الحديث عن هذه الظاهرة بين الناس في المناطق الشمالية من عكار إلى طرابلس ولم يعد سراً أبداً، وهناك شبان يختفون بين ليلة وضحاها من قراهم ليقال بعدها : إنهم هاجروا.

انسداد الأفق
الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب والضائقة المعيشية التي يعانيها اللبنانيون وخصوصاً الشباب في مناطق الشمال (عكار – طرابلس – الضنية) جعلت الأفق أمام هذه الفئات مسدوداً بسبب الوضع السياسي القاتم في البلد الذي لا يوحي بأي انفراجات وعليه فإن شباناً وعائلات منهم متعلمون وعلى درجة عالية من الثقافة ومنهم غير متعلمين يلجؤون إلى الهجرة حتى غير الشرعية من لبنان طمعاً بحياة أفضل في الخارج ولا يأبهون بالمهالك لأنهم يعيشونها في بلدهم والحال سيان.

(البلد، 17/10/2015، ص9)

  • شارك الخبر