hit counter script
شريط الأحداث

من لبنان إلى مقبرة البحر

الجمعة ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 11:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 (المستقبل، 16/10/2015، ص6)

منكوبة عائلة آل صفوان، التي تقطن الأوزاعي بعدما نزحت من بلدة بقاعية حدودية بفعل الحرب السورية، منذ جاءها اتصال هاتفي من أحد أبنائها موسى الذي يبلغ من العمر 22 سنة ليعلمهم بأن «المركب غرق ولم ينج من عائلته المؤلفة من 12 فردا سوى ثلاثة والبقية مفقودون».
في المنزل المتواضع، والذي يطل على شاطئ الأوزاعي أمضت العائلة ليلتها السبت قبل أن تسافر عبر مطار رفيق الحريري الدولي الى اسطنبول ومن ثم الى إزمير حيث كان من المقرر أن تلتقي من يسهل انتقالها بحرا الى اليونان ثم عبر الباص الى مقدونيا ومن ثم يسيرون على الاقدام لأربع ساعات الى صربيا ومن ثم بالباص الى النمسا ومن هناك الى محطة بودابست فألمانيا حيث لهم أقارب شجعوهم على الهجرة أسوة بمعارف نجحوا في بناء حياة جديدة والفوز بحياة هانئة، لكن الريح لم تحالف زورقهم الذي غرق في المياه التركية. وبحسب ما أخبرهم الناجي موسى بأنه اضطر للسباحة لمدة 8 ساعات قبل أن يصل الى الشاطئ ويكتشف بأن إياد وماهر وحدهما اللذين نجيا من أفراد عائلته، في حين توفي الاب الستيني مايز وزوجته مريم وابنتاه لين ومايا وميلانا وأطفال الاخيرة الذين قضوا وزوجة موسى وابن اياد.
يحكي حسن ابن شقيقة الأب مايز بأن العائلة دفعت 1200 دولار عن كل فرد وكان من المتفق بأن تقيم في أحد الفنادق الى أن يهدأ البحر ولكنهم انطلقوا نهار الاثنين منتصف الليل ومن حينها انقطعت اخبارهم الى البارحة.
ومن المتوقع أن يسافر محمد، وهو الابن الذي لم يسافر مع العائلة الى تركيا ليتعرف من بين الجثث على من قضى من عائلته وان كانت هناك احتمالات لناجين، وكذلك ليطمئن الى قريبه إياد الذي يخضع للعلاج في أحد المستشفيات داخل الأراضي التركية.
يقول محمد: غداً سألقى عائلتي، فأي قوة سيمدني بها الله لأصمد في مثل هذه المحنة. يبكي فيعلو الصراخ بعد اتصال جاء ليؤكد وفاة الاب مايز وبناته.

سمية
وإن لم تكتب الحياة لآل صفوان، فإن التجربة التي عاشتها سمية التي تقيم في منطقة الناعمة جاءت بطعم الموت الذي اختبرته مع خمسين شخصاً لبنانياً ممن كانوا معها على متن زورق مطاطي غرق بهم قبالة شواطئ الجزيرة اليونانية. ولولا أن الحظ كان حليفها وأطفالها الثلاثة، للاقت مصير العائلة المنكوبة نفسها إذ علا الموج فجأة فمال بهم الزورق ولم يجدوا وسيلة لتفريغ الماء الا من خلال الأحذية التي تحولت الى ما يشبه الوعاء، وظلوا يصارعون الأمواج لمدة 20 دقيقة إلى أن صودف مرور سفينة يونانية نجحت في انتشالهم من عرض البحر من بين الجثث والحقائب والأغراض التي طفت على صفحة المياه. ولكن هذه السفينة اكتفت بانقاذهم وسرعان ما سلمتهم الى الشرطة اليونانية التي حققت معهم ومن ثم قدمت اليهم وجبات طعام وأطلقت سراحهم في منطقة سياحية لم يستطيعوا ايجار اي من غرف فنادقها لارتفاع أسعار تلك الغرف.
وتحكي سمية بأنه بعد أن أخلي سبيلهم لم يكن بحوزتها وأولادها أي أوراق ثبوتية، إذ فقدتها في البحر وبطريقة تحفظت عن ذكر تفاصيلها نجحت في العودة الى لبنان، وإن بقيت ذكرى الحادثة المشؤومة وصراخ من كان معها في المركب تطن في أذنيها. تتذكر سمية: «مقابل بحر تركيا، والذي يبعد 4 ساعات عن إزمير، هناك حرج كبير مغطى بالحشائش تفترشه حقائب السفر وأغراض المهاجرين الخاصة الذين يجبرون من قبل المهربين على القائها والتخلي عنها تفاديا للوزن الزائد خلال الرحلة».
وتلفت سمية الى أنها تعرفت على المهرب بعد وصولها الى تركيا حيث أعلمها بأن كلفة الرحلة ألف دولار عن كل شخص، وتكون الارباح الصافية للمهرب في الرحلة الواحدة عن خمسين شخصا حوالى 50 ألف دولار. وتعلق: «بداية تم اعلامهم بأن عدد الركاب لا يتعدى العشرين شخصا، وبأن المركب مجهز بأدوات النجاة وهو حديث، فإذا بهم يفاجأون بأنه زورق مطاطي وبأن الأعداد أكبر من المفصح عنها، عندها انسحبت عائلات غير آسفة على ما دفعته وبقي من سلم أمره الى الله متأملا بالوصول بأقل الاضرار».
وتشير سمية الى أنها على الشاطئ التقت بعائلة من طرابلس أخبرتها بأن المركب الذي أقلهم تاه في البحر فنفدت الوقود منه وكادوا يغرقون لولا نجدتهم من قبل خفر السواحل».
والمؤسف أن من يقود الزورق في العادة في حالات التهريب على حد تجربة سمية هو الذي يدفع أقل ولا يملك الأموال الكافية فتسلم اليه مهمة قيادة الزورق.
 

  • شارك الخبر