hit counter script

لبنانيون يشترون الهويّة السورية للجوء إلى أوروبا؟!

الجمعة ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 11:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 (النهار، 16/10/2015، ص9) - سلوى بعلبكي

من خبر غرق عائلة لبنانيّة أثناء انتقالها من تركيا الى اليونان، وقبلها عشرات العائلات التي ابتلعها البحر، نبدأ لننتهي بالسؤال: ما الذي يدفع بأشخاص لا حرب في بلادهم الى المضيّ وراء موت محتم، إن لم تكن حالتهم متدهورة الى درجة أنهم فضلوا خوض مغامرة نجاة مفترضة على وطن لا أفق فيه.
لن تكون عائلة صفوان العائلة اللبنانية الاخيرة التي تختار الهرب الى دول تؤمن لها الاستقرار، ما دام بلدهم لبنان لا يوفر لهم ادنى مقومات العيش الكريم، ماديا ومعنويا. هذه الامور يدركها المعنيون، ولعل ما قاله وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ "النهار" خير دليل على ذلك. فاللبنانيون برأي درباس يهاجرون لعوامل عدة، منها السياسية والامنية ومنها الاهم، اي العامل المعيشي والحياتي، إذ لا كهرباء ولا ماء ولا فرص عمل، وهم عندما وجدوا أن باب الهجرة فتح للسوريين استبشروا خيراً، فتلقفوا الفرصة خوفاً من ضياعها". وأكثر، فإن البعض منهم وفق ما كشف درباس، عمد الى شراء هويات سورية لتسهيل لجوئه الى اوروبا، فيما عمد بعض السوريين الحاصلين على جنسيات لبنانية الى الاستعانة بهوياتهم السورية القديمة للغرض عينه".
هذه العوامل ليست المسؤولة وحدها عن هذا الوضع برأي درباس، إذ إن تركيز وسائل الاعلام على ما يجري في الشارع من حراك وشغب على ما عداه من الأحداث، وفتح الهواء للبرامج السياسية الحوارية المحبطة، كلها أمور تزيد الامور تعقيدا وتجعل اللبنانيين يفكرون بمستقبل بعيدا من بلدهم.
ولكن هل من برامج تعدها وزارة الشؤون الاجتماعية للتخفيف عن كاهل اللبنانيين وخصوصا الفقراء منهم؟
في جعبة الوزارة الكثير من البرامج للأسر الفقيرة والاطفال والشيخوخة، ولكنها ليست كافية لتكون العلاج الشافي لكل ما يعانيه اللبنانيون. وإذا كان عدد اللبنانيين الذين سجلوا اسماءهم في برنامج الوزارة لـ "دعم الأسر الأكثر فقراً" يقدر ما بين 600 و700 الف لبناني، فإن ذلك يشير، وفق درباس، الى مدى ارتفاع نسبة الفقر في لبنان وتاليا مدى الحاجة الى توفير فرص عمل للشباب لإعالة عائلاتهم. ولفت الى أن الوزارة تؤمن لهؤلاء من خلال البرنامج اعفاء من رسوم المدارس الرسمية والكتب، وفارق التعرفة الطبية بين وزارة الصحة والمستشفى، اضافة الى بطاقات غذائية بنحو 30 دولاراً شهرياً للفرد الواحد.
وفيما يشبه وزارة الشؤون بمؤسسة كهرباء لبنان على اعتبار ان الطرفين لديهما أكبر شبكة من المشتركين، إلا أنه لا طاقة لديهما، رأى درباس أن العلاج للمشكلات التي يعانيها لبنان يتمثل بقطع دابر الفساد وانتخاب رئيس للجمهورية ودعوة الاعلام الى عدم تسخير برامجه لمصلحة الإثارة السياسية والامنية.
هجرة غير مسبوقة
الاخبار الواردة عن امكان لجوء عدد كبير من اللبنانيين الى السفر في الاسابيع القليلة المقبلة عبر قوارب الموت في هجرة جماعية غير مسبوقة منذ الحرب الاهلية، لم يستغربها الخبير الاقتصادي الدكتور كمال حمدان، الى درجة ان فئات واسعة من اللبنانيين اختارت العيش خارج لبنان. والعوامل التي يتحدث عنها حمدان تتمثل في فقدان فرص العمل، مع متوسط كسب منخفض، وعدم توافر ديمومة العمل. وهذه العوامل تبدو هشة جداً لدرجة أن اللبناني الذي لديه اسرة، لا يرى إلا صورة سوداوية حيال مستقبل اولاده تدفعه الى المغادرة.
ويلفت الى أن مستويات البطالة أصبحت مقلقة، إذ المعلومات المتوافرة تشير الى أن طلبات التوظيف للبنانيين تفوق بـ 100 مرة ما هو معروض، مع مستويات اجر منخفضة، تترافق مع تزايد معدلات الفقر، ومستوى معيشة متدن. والامر المقلق برأي حمدان أن الامور الى تأزم أكثر، خصوصاً أن هذه المشكلات الكبيرة مطلوب حلها على ايدي طبقة سياسية موجودة في عالم آخر. وفي مجال آخر، يتخوف حمدان من عمليات الخصخصة التي تجري على قدم وساق من دون أن تستند الى مسوغات قانونية، مشيراً الى اهمية توافر الخدمات العامة للمواطنين التي تحررهم من الفواتير الموازية للكهرباء والمياه وغيرهما من الخدمات. علماً أن معدلات الفقر نتيجة هذا الوضع أصبحت مقلقة، مستنداً بذلك الى احصاءات البنك الدولي الذي توقع أن تكون نسبة البطالة 20% وأن ينضم نحو 200 اسرة الى عداد الاسر الاشد فقراً.
ما هي الحلول المرحلية التي يقترحها حمدان؟ لا يمكن اجتزاء الحلول، وفق ما يقول. لكن في المقابل، الحل يكاد يكون مستحيلا في ظل النظام الطائفي والطبقة السياسية الحالية، وهذا يعيدنا الى الاساس. اذ أن الاصلاح الحقيقي يبدأ برأيه، بقانون انتخاب نسبي خارج القيد الطائفي يتيح المجال أمام نخب جديدة تتداول الحكم وتخضع للمساءلة والمحاسبة. وفي الانتظار، يشدد على ضرورة اتباع سياسة استثمارية، وليس كما هو متبع حاليا اي ما نسبته 1.5% و2% من الناتج المحلي. والى أهمية تأهيل البنى التحتية لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار، يشدد على ضرورة أن تنتهز الحكومة الفرص المواتية بوجود اللاجئين السوريين والضغط على الدول المانحة لدعمنا في برامج المشاريع الاستثمارية.
نسبة البطالة التي حددها البنك الدولي بـ 20%، لا تقنع الاتحاد العمالي، إذ يقول رئيسه غسان غصن انها تناهز الـ 35% وهي كافية لدفع الشباب الى الهجرة. ويضيف الى هذا العامل عوامل أخرى، وهي عدم الاستقرار السياسي والامني (لا وجود لرئيس جمهورية، حكومة معطلة، ومجلس النواب مشلول)، وفقدان العوامل المعيشية والحياتية (كهرباء، مياه، وسائل نقل، تعليم رسمي، طبابة واستشفاء). ويذهب غصن في تشاؤمه الى أبعد من ذلك، إذ يشير الى ان الذي تتوافر لديه فرصة عمل، يعتبر محظوظاً ولكنه على رغم ذلك لا يضع فكرة الهجرة جانباً، فهو عندما يفكر في الاستقرار وبناء أسرة لن يتقبل فكرة ان يعيش اولاده في هذا الوضع الرديء ولن يسمح تاليا بان يورثهم هذا المصير القاتم. واعتبر غصن ان بلدا قائما على ابعاد القطاعات الانتاجية التي توفر فرص عمل، هو بلد يولد فيه جيل برسم الهجرة.
(http://newspaper.annahar.com/article/275869-%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%85-%D9%85%D8%B9-%D8%A3%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%B9-%D9%85%D8%B9%D9%8A%D8%B4%D9%8A%D9%8A%D8%B4%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A3%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AF%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%B3-%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A7%D8%B1)
 

  • شارك الخبر