hit counter script

باقلامهم - طوني وهبه

بصمت مدوّ رحل الذي كنا نسميه الزعيم "الآدمي"

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 07:19

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

- رحل الذي كنا نسميه الزعيم "الآدمي"، رحل الذي دخل القلوب ببراءته وطيبته، رحل الصادق الوفي، رحل الذي توحد الجميع على محبته واحترامه.
هكذا هي الأقدار، هكذا وبصمت مدوّ، وبهالة الكبار رحل، مضى الزعيم "الآدمي" ، هكذا ترجل الفارس عن صهوة جواده، وهكذا ترحل القامات الكبيرة، وحيدة، وحيدة، فتخلّف فراغا وخسارة لا تعوّضان.
غياب الياس سكاف غطى زحلة والبقاع بسحابة حزن، وصلت الى كل لبنان الى كل من عرفه، فبشخصيته الودودة كان قريبا من الجميع، تتفق او تختلف معه، لكن ابدا لم يكن من خلاف عليه أنه من صفوة "الأوادم" في لبنان.
في تاريخنا المعاصر عرفنا سياسيين كانوا ارفع من السياسة، وأعلى من الواقع السياسي، وأنصع بكثير من الممارسات السياسية، كانوا قلة وفي غياب الياس سكاف اصبحوا أكثر قلة، خصوصا ونحن نعيش في زمن انحدار القيم حيث تشرّع المحرمات للوصول الى الأهداف.
عندما خاض الياس سكاف غمار السياسة في مطلع التسعينات، كانت ثروته المادية كبيرة، أملاكا وأرزاقا وأموالا، لكن "الآدمي" نذر نفسه على ألا يصرف على الشان العام الا من ماله الخاص، ومن أرزاقه واراضيه، مبتعدا كل البعد عن المس بالمال العام، يبيع اراض واسعة وتركب عليه الديون، ولكنه لم يتنازل عن مواقفه ولم يهادن يوما على مبادئه.
حارب الفساد والرشوة بصلابة الصخر، يوم كان الكثير من السياسيين منغمسين حتى أذنيهم، فتابع ملفاته ملاحقا ادنى تفاصيلها حتى اوصلت الى نتائج وادخلت بعض الفاسدين الى السجون.
كانت مناعته الوطنية عالية، رغم كل الحصارات والألاعيب السياسية التي حيكت بوجهه وضده، لكنه كان صابرا متعاليا ولم ينحدر بأدائه يوما الى مستوياتهم.
فلسفة السياسة عنده كانت بسيطة بسيطة وبعيدة عن كل تعقيد، كانت ترتكز على محبة وخدمة الناس للوصول معهم الى الافضل الى وطن افضل وبيئة افضل واقتصاد افضل وحياة أفضل، فعاش في قلب محبيه وعاشت زحلة في قلبه، كما وطنه الغالي لبنان، احلامه كانت كبيرة يعمل دوما لتحقيقها، ولعل أكبرها ليس الوصول الى مواقع بل الوصول ببيئته "بزحلة" الى سؤدد عيشها وحرية قرارها.
ذوى الراحل الكبير الياس سكاف بسرعة وغاب قبل الأوان، وكلماته الأخيرة كانت نابعة من عمق تعلقه بأهله بوطنه "خلوا عينكن عزحلة خلوا عينكن علبنان". غاب باكرا، وكم كانت تليق له الحياة، ويليق بها.
عائلته الصغيرة زوجته وولداه حزنهم كبير وسيفتقدونه كثيرا، سيفتقدون للرجل الأب والصديق والمشير لكن الخسارة هي للوطن لزحلة لكل من عرفه، لأن فقدانه لا يعوّض، فهو خسارة لقيم الأصالة، ولكل رمز من رموز النبل، خسارة لمنطقته وللوطن، خسارة يعيش مرارتها كل من عرف "البيك".
لكن ما يعزي القلوب أن الراحل ترك الارث الكبير، ارث عائلة راسخة بالزعامة الوطنية، آمنت بالعيش الوطني المشترك وبنهج الاعتدال، ارث محبة الناس، والتفافهم حولها، وتطلعهم دوما الى تحقيق آمالهم وطموحاتهم وتقدم بيئتهم معها ومن خلالها. وكي تبقى السياسة راقية في اذهانهم على صورة الراحل الكبير، فالآمال اذا كبيرة والحمل ثقيل على زوجته وولديه، وهذا الارث الكبير يحتاج الى كبار، وعلى قدر اهل العزم تأتي العزائم.
 

  • شارك الخبر