hit counter script

مقالات مختارة - العميد الركن خالد حمادة

العلاقات الروسية ? الخليجية على محك محور دمشق- صنعاء

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 02:02

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

اللواء

مواكبة الدبلوماسية العربية - الروسية للمجريات الميدانية في سوريا توّجت باللقاءين اللذين عقدا أول من أمس في «سوتشي» ما بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهة، وكل من ولي ولي العهد في المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد من جهة أخرى. المحادثات التي أملتها حقائق الساحة السورية أرست بعض الثوابت التي وردت في التصريحات الصحفية للفريقين على لسان كلّ من وزيري الخارجية. الجانب الروسي طمأن ضيفيه الخليجيّين حتى النهاية بابعاده هاجس إدخال قوات بريّة إلى سوريا، مُعلناً إنّ الجهد الجوي سوف يركّز على تدمير داعش وبنيتها التحتيّة وأنّ أصدقاءه السوريين يعلمون ذلك، وهو بهذا يعلن تكريس الستاتيكو القائم الذي عبّر عنه الميدان، حيث وحدات الجيش السوري المنهكة عاجزة عن تحقيق أي تقدّم نوعي يتجاوز بعض النجاحات المحليّة، بالرغم من الدعم الجوي الذي يوفّره الطيران الروسي وبرغم وجود وحدات إيرانية ومجموعات من حزب الله التي أصبحت بدورها دون مستوى تحقيق اي نجاح، وهذا ما أثبتته معركة الزبداني خلال الاشهر المنصرمة.
الثابت الآخر هو الإيحاء السعودي بالميل نحو ملاقاة الرغبة الروسية، بإشراك الرئيس بشار الأسد في المفاوضات، التي يُفترض أن تضمّ كافة فصائل المعارضة وشخصيات من النظام، والتي ستشكّل مقدّمة للمرحلة الانتقالية، وهذا ما يضفي الواقعية على العملية السياسية المنشودة، ويؤكد ما أشار إليه الوزير لافروف حين قال إنّ إحدى غايات هذه المحادثات، هي جعل الظروف مؤاتية لإطلاق عملية سياسية بمشاركة دول أخرى، على قاعدة إحياء مقررات جنيف في 30 حزيران 2012. هذا بالإضافة إلى أنّ كليّ الطرفين أبديا في أكثر من مناسبة إصرارهما على الحفاظ على مؤسسات الدولة في مقدمتها القوات المسلّحة، والحفاظ على وحدة سوريا إلى جانب مكافحة التطرف الإسلامي والقضاء على مشروع إقامة الخلافة في بلاد الشام.ٍ
الظروف الدولية والاقليمية المرافقة والمتزامنة مع هذين اللقاءين، اللذين لم يكونا مدرجين من ضمن روزنامة دبلوماسية تقليدية، يأتي في مقدمها، وربما ليس بالأولوية، القرار الذي إتّخذه الرئيس أوباما بوقف برنامج تدريب المعارضة السورية، وتأكيده المتتالي أن ادخال وحدات أميركية الى سوريا لن يحدث أي تغيير في الموقف. وهذا ما ألقى بمسؤولية اضافية على عاتق المملكة العربية السعودية التي تخوض مع دولة الإمارات العربية المتحدة حرباً في اليمن منذ أكثر من ستة أشهر، هذه الحرب التي وصلت الآن إلى مشارف مناطق الحوثيين في الشمال، مما يفترض نشر المزيد من القوات أو القبول بوقفها عند حدود تلك المناطق، ما يُؤرق المملكة العربية السعودية والإمارات هو الوصول إلى نوع من الحرب الباردة بين الشمال والجنوب في اليمن، حيث الرياض لن تنحصر مسؤوليتها فقط في ترسيم دولة عربية وفقاً لحدود مذهبية، ولكن كذلك في رفض وجود دولة حوثية على حدودها الجنوبية.
إنّ الساحتين السورية واليمنية تشكّلان مساحتي التقاء وتأزّم، روسيا تريد الخروج بشكل يحفظ مصالحها في سوريا ويؤمن لها غطاءً اقليمياً، والمملكة تريد أقصى ما يمكن من الدعم للحفاظ على التزاماتها تجاه اليمن واطلاق العملية السياسية بأكبر قدر من الدعم الدولي، وغنيٌّ عن التوصيف هنا، الدور المقرّر الذي يمكن لروسيا أن تضطلع به في المحافل الدولية، ومدى الدعم الذي يمكن أن تقدّمه للمملكة السعودية ودولة الإمارات في الوصول إلى مخرج سياسي للمسألة اليمنية طبعاً تحت مظلّة الأمم المتحدّة، ووفقاً للقرار 2216.
إنّ إزعاج روسيا أو مواجهتها هما آخر ما يرتسم في العقل الدبلوماسي السعودي، فروسيا حاضرة منذ زمن في الدبلوماسية الدوليّة، والثقة بالدور الروسي في فتح الباب واسعاً أمام مفاوضات ستفضي حتماً إلى ترتيبات سياسية في سوريا عبّرت عنه أكثر من دولة أوروبية، خلافاً للتصوّرات التي تذهب إليها تقارير الصحافة الأميركية. الرئيس أوباما يُدرك هذه اللعبة حتى ولو بدا غير قادر على إعلانها، سيما أنّ واشنطن ستبدأ هذا الاسبوع بإزالة بطاريات صواريخ الباتريوت من تركيا، كما أنّ البنتاغون أعلن إنهاء عملية تدريب المعارضة السورية، كما أنّ القرار الأميركي بنقل العمليات العسكرية إلى شمال شرق سوريا أي بعيداً عن مسرح الضربات الجويّة الروسية، يُثبت أنّ الولايات المتحدّة ليست في وارد إقامة أي حرب بالواسطة مع روسيا، حتى لو صرّحت مراراً أنّ الوجود الروسي في سوريا يُعقّد المسألة.
فهل تنجح اللقاءات بين الزعماء الخليجيين والرئيس الروسي في إنجاز تسوية سياسية شاملة على محور صنعاء - دمشق، مبنية على خط وسطي يجمع المصالح المشتركة ويؤسس لرؤية أكثر شمولاً بين العالم العربي وروسيا؟

  • شارك الخبر