hit counter script

مقالات مختارة - منال الربيعي

لائحة بـ19 ناشط ستعتقلهم الاجهزة الامنية

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 01:58

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

نجحت الأجهزة الأمنية في «تشتيت» نشاط «الحراك» المدني بعدما إعتمدت سياسة التوقيف «القانونية» لبعض الناشطين بتُهم الإعتداء على الممتلكات العامة وإثارة الشغب، وحوّلت مسار الإعتصامات من أمام المقار الرسمية والمؤسسات الحكومية - وتحديدا من ساحتي النجمة والشهداء - إلى المخافر والمحاكم العسكرية من أجل العمل على تخلية سبل الموقوفين الذين طالت مدة توقيفهم للمرة الأولى بالأمس، وامتدّت لأيام بعدما كانت تقتصر على بضع ساعات يتمّ فيه استجواب الموقوفين في بعض المخافر المركزية ثم تَخلية سبيلهم، ولكن التحوّل في مسار التوقيف وتحويل ملف إستجواب مدنيين أمام القضاء العسكري بتُهم غير واضحة يفتح باب التساؤل على مصراعيه عما إذا كان قرار «إنهاء «ظاهرة» الحراك» الشعبي قد اتخذ بعدما تخطّت نشاطات هذه الحركات الخطوط الحُمر - حسب آراء معظم القوى السياسية - التي نادرا ما تتفق على أي موضوع، فإذا بمسؤولية الإعتداء والتخريب تُرمى بوجه «الحراك» في محاولة لقلب الطاولة في وجههم ونقلهم إلى موقع الدفاع بعدما نجح في بعض عمليات الهجوم التي شنّها على السلطة السياسية، ما أنتج مزيدا من التكتل والحزم بالمواجهة اذ تقول مصادر قيادية في «الحراك» الوطني وأحد أعمدته الأساسية، إن التحول في توقيف الناشطين واستجوابهم أمام القضاء العسكري هو نوع من التطور الخطر الذي يتعارض مع أبسط أسس الدستور اللبناني الذي يكفل حرية الرأي والتعبير، ونضعه في خانة «التضييق» أو تنفيذا للقرار الأمني الذي إتخذه أكثر من جهاز بمواجهة ظاهرة «الحراك» بالحدّ الأقصى، وها هي تداعيات القرار بدأت تظهر من خلال إعتقال بعض الناشطين وتحويلهم إلى القضاء العسكري، ما نعتبره سابقة قانونية خطرة نظرا لغياب الجرائم المنصوص عليها في القانون والتي تمنع ذلك إلا في حالات نادرة.
واشارت المصادر إن التكتيك الجديد الذي تنتهجه السلطة يكمن في تشتيت تحركاتنا عبر تحويل طاقاتنا ووجودنا في الساحات وأمام المقرّات الرسمية، صوب المخافر والمحاكم العسكرية وبالتالي المطلوب هو تراجع وتيرة هذا «الحراك» الذي أدخل مفردات وظاهرة جديدة على العمل السياسي والاجتماعي لم يعرفه لبنان من قبل، حيث كانت الشعارات ترفع من أجل مصلحة حزبية وطائفية معينة، ولكن «الحراك» المدني تنّبه لمخطط السلطة ومحاولات إلهائه، وبالتالي سوف يستأنف نشاطه المعتاد ويترك مهمة الدفاع عن حقوق الموقوفين إلى قضاة نزيهين يتولون للدفاع عنهم، ونعود إلى النضال من جديد والإنطلاق بالمرحلة الثانية من «الحراك» التي سوف تشهد تطوّرا نوعيّا في الأسلوب والأهداف بشكل يُفاجئ السلطة، التي تحاول أن توحي بأن أعداد المشاركين قد تراجع - وهو المؤشر الذي لا نعوّل عليه كثيرا - حيث اشارت إستطلاعات الرأي أن أكثر من خمسين بالمئة من الشعب اللبناني يؤيدون «الحراك» ويدعمونه وإن كانوا يخشون المشاركة في الساحات لأسباب كثيرة منها حملة الترهيب والاعتقال التي تقوم بها الأجهزة الأمنية مؤخرا مدفوعة من السلطة السياسية، بعدما فشلت في التوصل إلى حلول لأي من المشاكل العالقة وأهمها موضوع النفايات.
تشير هذه المصادر الى وجود معلومات تفيد بنيّة الأجهزة الأمنية إنتهاج سياسة الملاحقة للناشطين، hc تحضّر لائحة اسماء تضم 19 شابا سوف يكونون عِرضة للتوقيف بالمرحلة المقبلة، ومن أجل التخفيف من خطة الأجهزة الأمنية بعرقلة تحركات «الحراك» المدني فإن التوجه هو لنقل بعض النشاطات الإحتجاجية إلى مراكز بعض القطاعات والنقابات مع التأكيد على سِلميّة التحرك وحضاريته مهما كانت ردة فعل الأجهزة الأمنية، التي تحاول دقّ إسفين بين المجموعات الناشطة على خلفية اتباع سياسة «فرّق تَسد»، ولذلك كان المؤتمر الصحافي الذي عقدته هذه المجموعات وحضور ممثلين عن معظمهم للردّ على هذه الادعاءات التي نضعها في إطار الحرب النفسية الموجهّة ضدنا، حيث لا ننكر أن البيان القانوني والسياسي واحد، مقابل إستراتيجية عمل مَيداني مُختلف حسب رؤية كل جماعة ولكنها تصبّ في خانة واحدة هي مصلحة الوطن ومحاسبة كل المفسدين منذ تسعينيات القرن الماضي ولغاية اليوم وهي تُهم تطال معظم المتواجدين في السلطة، وهو ما يفسّر الحرب «الشرسة «التي تشنّ ضدنا أمنيّا وسياسيا، وحاليا تنتقل المواجهة إلى القضاء اللبناني الذي نعوّل على نزاهته.
في المقابل توصّلت القوى الأمنية والسياسية إلى قرار مفاده عدم المسّ بالأمن والممتلكات العامة ومواجهة هذا الأمر بأعلى درجات المسؤولية والحزم بعدما دخل على المشهد عناصر غير «منضبطة» لم يستطع القيّمون على «الحراك» النأي بنفسهم عن تداعيات ممارساتهم، وبالتالي كانت النتيجة قراراً واحداً بالتعامل مع كل «المخرّبين» الذي يحاولون تشويه صورة المطالب الشعبية والمحقّة عبر اتّباع طرق الكسر والتخريب في الممتلكات العامة أو الاعتداء على عناصر الأجهزة الأمنية وهو ما وثّقته الكاميرات والصور التي عُرِضت مؤخرا، ما إستوجب ردا مماثلا من قبل الناشطين لدحض إتهامات الأجهزة الأمنية على حدّ تعبيرهم.
تخشى أوساط مدنية متابعة أن تكون إستراتيجية السلطة في المرحلة المقبلة هي إطالة مدة التوقيف لبعض الناشطين من أجل كبح جماحهم وإرهاقهم وإرباك «الحراك» وتحويل اعتصاماته لتتركّز أمام المخافر والمحاكم العسكرية وليس أمام البرلمان أو رئاسة الجمهورية.
وتختم أوساط مراقبة بالقول إن قرار المواجهة المباشرة بين «الحراك» الشعبي وبين السلطة السياسية قد اتُخذ، بعد التدرّج بوسائل التوقيف والملاحقة، وخاصة بعد تسرّب معلومات تشير إلى وجود محاولات من بعض الدول الإقليمية لجمع معلومات عن الناشطين لغايات لم تُعرف بعد، وهو ما أقلق الأجهزة الأمنية وفَتح على نظرية «المؤامرة» والارتباطات الخارجية التي كانت المحاولة الأولى في التشويش ضد «الحراك» والذي على ما يبدو قد تجاوزها، لينطلق إلى مرحلة جديدة ومباشرة تقوم على التنسيق المُفيد بين المكونات مع الحفاظ على الخصوصية والحرية في انتقاء أساليب المواجهة، وهي رسالة من قِبلهم للسلطة ومفادها: «خيّطوا بغير هالمسلّة»!

  • شارك الخبر