hit counter script

مقالات مختارة - ماهر الخطيب

توافق سياسي على اسقاط الحراك

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 05:41

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

بعد عودة الحراك المدني إلى الساحات، في منتصف الاسبوع المنصرم، هناك جملة من المعطيات الجديدة التي ستحكم «اللعبة» في الشارع بعد اليوم، خلال المواجهات المقبلة بين المتظاهرين وعناصر قوى الأمن الداخلي، لا سيما بالحالات التي ستخرج فيها الأمور عن سيطرة المنظمين، حيث بات من الواضح أن هناك شبه إجماع بين الأفرقاء السياسيين على منع «كرة الثلج» من التمدد أكثر، في مقابل شعار «كلن يعني كلن» الذي يصر الحراك على تبنيه، من دون النجاح في الوصول إلى أي تسوية قادرة على منع إنزلاق البلاد نحو المجهول.
في المشهد العام، ترفض كل القوى والتيارات تحميلها مسؤولية الحالة الصعبة التي تمر بها البلاد، على مختلف المستويات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، وبالتالي هم يعترفون بوجود «الجريمة» لكنهم يريدون تسجيلها بحق «مجهول» لمنع «المحاسبة» عنهم، في وقت تقف السلطة القضائية عاجزة عن القيام بأي أمر، ما يعني عدم وجود أي سلطة فعلية قادرة على الحسم.
على مستوى الحراك المدني، هو لم ينجح حتى الآن في تقديم خطاب موحد يحمل مطالب واضحة من الممكن تحقيقها، لا بل على العكس يرفع كل يوم سقف مطالبه من دون أن ينجح في تحقيق أي منها، بالتزامن مع إرتفاع وتيرة أعمال الشغب التي تقع في الشارع عند كل تحرك، وبالتالي دخل في المحظور على المستوى الشعبي، في حين كان المطلوب منه العمل على معالجة الهواجس التي عبرت عنها فئة واسعة من المواطنين.
في هذا السياق، تلاحظ مصادر سياسية متابعة، تحولاً على مستوى الخطاب السياسي في البلاد، خلال الأيام الأخيرة، على صعيد النظرة إلى الحراك المدني، حيث عمدت بعض القوى والشخصيات إلى الخروج بمواقف واضحة تدين ممارسته، مقابل تأمين الغطاء لقوى الأمن الداخلي بهدف العمل على «ضبط» الأوضاع بأي ثمن، مستفيدة من المشهد الذي احتل الشاشات يوم الخميس الماضي، ومن المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، المقدم جوزيف مسلم، يوم السبت الماضي، من أجل عرض وجهة نظر القوى الأمنية لما يحصل، من دون أن يعني ذلك حل أي من المشاكل التي يطالب المتظاهرون معالجتها بطريقة علمية وسليمة، بعيداً عن لعبة المحاصصة والفساد المعتمدة.
وتشير هذه المصادر إلى أن الإتهامات والإنتقادات التي توالت على الحراك، بالتزامن مع رسم خطوط حمراء حول دور قوى الأمن الداخلي، من قبل كل من كتلة المستقبل النيابية ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، بالإضافة إلى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ووزير المالية علي حسن خليل وغيرهم من الشخصيات والقوى السياسية والدينية، لا يمكن أن تكون إلا ضمن سياق عام هدفه إنهاء الحالة التي باتت مزعجة بالنسبة إلى معظم المعنيين في السلطة اللبنانية، بعد أن فشلوا في ركوب «الموجة» من خلال الإدعاء بالوقوف إلى جانب المطالب التي يرفعها المتظاهرون، وبالتالي فرض الحلول التي تم التوصل إليها بالقوة السياسية والأمنية، بغض النظر عن التداعيات التي قد تترتب عن ذلك، مع العلم أن هذا الخيار أدى إلى حصول مواجهات في عكار بين الأهالي وعمال مكب سرار، يوم أمس، سقط خلالها 3 جرحى بعد إستخدام الأسلحة الحربية.
بالنسبة إلى هذه المصادر، الطبقة السياسية الحاكمة، بغض النظر عن الحراك الحالي والشبهات التي تدور حوله، سواء كانت حقيقية أم ملفقة، أثبتت عجزها وفشلها، والدليل عدم قدرتها على الخروج من الأزمة الحالية، بالرغم من الدعم الدولي والإقليمي الذي تحظى به، ما يعني عدم إمكانية الدفاع عنها بأي شكل من الأشكال، أي أن قضية الحراك لا يمكن الجدل في مشروعيتها، لكن الأخطاء التي وقع فيها ساهمت في «شيطنته».
بالنسبة إلى مصادر مراقبة، نجحت القوى السياسية في البلاد في كسب الجولة الجدية الأولى التي تخوضها، على صعيد الدفاع عن مصالحها في النظام والسلطة، وتؤكد أن هذا الأمر لا جدال فيه بعد فشل الحراك في كسب المزيد من المؤيدين له، نظراً إلى حالة الفوضى في الشعارات التي طبعت تحركاته من جهة، وإلى الأوضاع الأمنية العامة على مستوى البلاد والمنطقة من جهة ثانية، لكنها توضح أن ذلك لا يعني كسب المعركة التي من المرجح أنها ستكون طويلة، خصوصاً في ظل مواقف بعض أركانها الغامضة.
وتعتبر هذه المصادر، أن الأزمة الحقيقية، التي وقع فيها الحراك، تكمن في عدم إدراكه طبيعة التركيبة اللبنانية، الفريدة من نوعها على مستوى المنطقة والعالم، حيث يرى أغلب الأفراد أن مصيرهم مرتبط بالمجموعات الطائفية والمذهبية التي ينتمون إليها، التي بدورها مرتبطة بوجود «القائد» الذي يؤمن لها الحماية، في ظل تعميم نظرية الخوف من الآخر.
في الختام، ترى هذه المصادر أن الأوضاع على المستوى اللبناني لا تبشر بالخير، لكن من الواضح أن هناك رغبة في القضاء على الحراك، في ظل أزمة كبيرة على مستوى النظام السياسي، متمثلة بالخلافات بين القوى السياسية.
 

  • شارك الخبر