hit counter script

حكم قضائي يدقّ ناقوس الخطر للأطباء...

السبت ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 09:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

المحامي شربل ابو حمد - "الديار"

اصدرت امس محكمة القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا برئاسة القاضية سمرندا نصار حكماً قضائياً مؤلفاً من سبعة عشر صفحة، قضى بإدانة المدعى عليهما الطبيبين الياس عبدالله الحاج و الطبيب غسان كريم عجيمي بجنحة المادة 565 فقرتها الاولى عقوبات معطوفة على المادتين 30/2 و 18 قانون الاداب الطبية وبحبس كل منهما مدة شهرين وبوقف تنفيذ عقوبة الحبس في حال دفع الإلزامات المدنية بمهلة شهر واحد من تاريخ صدور هذا الحكم مبرماً وبإلزامهما بالتكافل والتضامن على دفع مبلغ ماية وخمسين مليون ليرة لبنانية، كتعويض للمدعي بشير كامل.
وفي وقائع القضية:
تبين بأن المدعي الشاب بشير ادمون كامل تقدم بواسطة المحاميين سايد فرنجية وشربل ابو حمد بشكوى مباشرة بحق الطبيبين بعد ان فقد بنسبة كبيرة من حاسة النظر لديه وعرض بأنه دخل برفقة الطبيب الياس الحاج لإجراء عملية الليزك للتخلص من مشاكل ضعف وقصر النظر لديه في مركز الطبيب غسان عجيمي،
وقد تبين خلال الفحص الذي أجري للمريض قبل لحظات معدودة من العملية خللاً بوضع القرنية الا ان الطبيبين فضلا اجراء عملية الليزر بدلاً من الليزك رغم وجود خلل بوضعية القرنية،
بالاضافة الى ذلك تم وضع عدسة لاصقة للمدعي مع علم طبيبه الياس الحاج بالحساسية المفرطة للمريض على العدسات اللاصقة،
وبعد اجراء العملية استمر الوجع لعدة ايام عندها اقدم الطبيب الياس الحاج على اعطاء المريض 4 قطرات دواء بنج موضعي cebezine وهو غير متوفر في الصيدليات ويحظر استعماله الا في حالات خاصة.
وبالرغم من ان تقرير نقابة الاطباء انحاز لمصلحة الاطباء الا ان القاضية سمرندا نصار استطاعت ان تكون قناعتها بوجود أخطاء طبية حاصلة سواء بواسطة الإستجوابات الحاصلة وبواسطة التقارير الطبية المبرزة كما بواسطة الدراسات الطبية المقدمة من المحامي شربل ابو حمد.
ان اصدار هكذا حكم له دلالات عديدة خاصة وان وزارة الصحة تتابع يومياً ملفات الاخطاء الطبية المتكاثرة في البلد ليكون هذا الحكم عبرة لمن يعتبر خاصةً وان بعض الاطباء يستخفون بصحة المواطن اللبناني. ويعتبرون ان حصانتهم النقابية فوق القانون.
«إن القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا،
لدى التدقيق،تبين ان المدعي بشير ادمون كامل تقدم بواسطة وكيليه المحاميين: سايد فرنجية وشربل ابو حمد بشكوى مباشرة بتاريخ 28/6/2011 بوجه المدعى عليهما:
1ـ الدكتور الياس عبدالله الحاج، والدته سعدى العلم، سجل /142/ رميش، وكيله المحامي جوزف كسباريان.
2ـ الدكتور غسان كريم عجيمي، والدته منى ضاهر، رقم السجل /48/ جون، بصفته مالك مركز ميدل ايست ليزر كلينك، وكيله المحامي شامل باسيل.
والشخص الثالث المطلوب ابلاغه: نقابة الأطباء طلب فيها:
اتخاذ صفة الادعاء الشخصي بحق المدعى عليهما والحكم بادانتهما بمقتضى المادة /557/ عقوبات واستطراداً كلياً احكام المادة /565/ عقوبات وإنزال اشد العقوبات بهما سيما انهما خالفا أحكام المواد 2 و6 من قانون (حقوق المرضى والموافقة المستنيرة) والفقرة الثانية من المادة /30/ من قانون الآداب الطبيّة.
والزام المدعى عليهما بالتكافل والتضامن بتسديد قيمة العطل والضرر والاستشفاء والطبابة للمدعي نتيجة جرمهما بعد ان قدراه موقتاً بماية وخمسين مليون ليرة لبنانية،
وتضمينها العطل والضرر والنفقات والرسوم.
مع الاحتفاظ بحق المدعي في حال ترتبت اية مضاعفات ولأية جهة كانت،
وتبين انه بتاريخ 2/4/2012 تقدم المدعى عليه «غسان عجيمي» بطلب ادخال لشركة Bankers assurances ش.م.ل. في المحاكمة لكونه ابرم عقد تأمين لديها للفترة الممتدة بين 28/5/2010 و27/5/2011 تغطي مسؤوليته عن الاعمال الطبية في حال حصول أي خطأ يُنسب اليه،
وتبين انه بتاريخ 11/4/2012 تقدم المدعى عليه: «الياس عبدالله الحاج» بطلب ادخال الشركة نفسها في المحاكمة لكونه اجرى عقد تأمين لديها يغطي جميع المسؤوليات الناتجة عن ممارسة مهنته منذ تاريخ 17/6/2009 وقد جُدّد للعامين 2010/2011،
وتبين ان المحكمة وبناء على ما ذُكر ادخلت شركة بانكرز للتأمين ش.م.ل. في المحاكمة،
وتبين انه بتاريخ 13/3/213، تقدمت الشركة المطلوب ادخالها بمذكرة بواسطة وكيليها المحاميين: بشارة حاتم وسرمد بو شمعون طلبت فيها:
رد طلب الادخال المقدم من المدعى عليه غسان عجيمي لانتفاء صفتها كشركة ضامنة ولانتفاء علاقة المطلوب ادخالها بموضوع المطالبات الموجهة اليه بصفته صاحب مركز ميدل ايست ليزر كلينك MELC،
كما ورد طلب الادخال المقدم من الدكتور الحاج في الاساس لانتفاء السبب القانوني لاعمال بوليصة التأمين بثبوت انتفاء وجود أي خطأ أو إهمال.
وإبطال التعقبات بحقهما واستطراداً اعلان براءتهما،
وانه بنتيجة المحاكمة العلنية وبعد الاطلاع على الاوراق وتلاوتها علناً تبين ما يأتي:
Iـ أولاً: في الوقائع:
أن المدعى عليه الدكتور الياس الحاج، أخصائي في أمراض وجراحة العين وهو متابع منذ العام 2007 لملف المدعي الطبي ويملك المعلومات الوافية عن نظره ودرجات الـMyopie في عينيه وقد نصحه باجراء عملية «الليزك» Lasik ، في عينيه للتخلص من كافة مشاكل ضعف وقصر النظر لديه،
وقد تمّ الاتفاق على اجراء العملية في مركز «ميدل ايست ليزر كلينك» في الحازمية وذلك باشراف المسؤول عن هذا المركز المدعى عليه الدكتور غسان عجيمي وكان ذلك في بداية شهر أيار من العام 2011،
وقبل لحظات من اجراء العملية ونتيجة لفحص اجري للمدعى عليه وهو الـ«Penta Cam» تقرر اجراء عملية الـLaiser عوضاً عن الـ«Lasik» اذ ان العملية الأخيرة تستوجب ان تكون قرنية العين بحالة جيدة جداً اما في الحالة المعاكسة فيُفضل اجراء عملية الـ«Laser» في حال كانت القرنية تحتمل هذه العملية، علماً أن الـ«Laser» هي عملية موجعة اكثر من الاخرى وفترة الشفاء منها اطول (راجع افادة المدعى عليه الحاج ـ محضر المحاكمة ص 12)، وقد وافق المدعي على اجرائها،
وبعد اتمام العمليّة تم وضع العدسات اللاصقة للمدعي «Contact Lens» علماً أن المدعى عليه «الدكتور الحاج» يعلم ان المدعي لديه نوع من الحساسية او رفض للعدسات اللاصقة «Intolerance» (محضر المحاكمة ـ ص 13 ـ افادة الدكتور الحاج)،
وانه بعد ثلاثة ايام من اجراء العملية كان المدعي قد أزال العدسات اللاصقة ولدى سؤال المدعى عليه الحاج عن السبب اجابه المدعي انه بسبب الاوجاع الكبيرة لم يعد يحتملها فاستبدلها المدعى عليه الحاج بعدسات خاصة لهذه الحالة، وبعد معاينة العينين وجد الطبيب ان جرحهما لم يلتئم والاسباب ممكن ان تكون متعددة (الادوية ـ العدسات اللاصقة ـ المضاد الحيوي Antibiotic..) فغيّر الطبيب الحاج الادوية للمريض ليعود هذا الاخير بعد يومين، مع اوجاعه المستمرة، دون اي تحسن يُذكر وكان نظره مشوشاً (Blurring Vision)، فوضع له الطبيب الحاج قطرة بنج موضعيّ (Cebesine)، وافهمه ان هذه القطرة تؤخر التئام الجرح وتوضع عند الشعور بالالم، وسلمه اربع عبوات، علماً أن هذه القطرة تستعمل فقط في العيادات والمستشفيات دون الاستعمال الفردي بالنظر لخطورة استعمالها المتكرر والمكثف (المحضر ص 14 ـ 17، افادة المدعى عليه الحاج وصفحة 23 منه ـ افادة المدعي)،
وتبين ان المدعى عليه الثاني الدكتور عجيمي أدلى في استجوابه امام المحكمة «أنه جرت العادة انه وقبل اجراء اية عملية أن يتم التداول بحالة المريض معه الا اذا كان هناك اية حالة مشبوهة فيتمّ ارسال المريض لاجراء الفحوصات اللازمة، وانه في حالة المدعي تقرر اجراء عملية الليزر وكانت الحالة عادية جداً (محضر المحاكمة ص18) وانه، اي الطبيب عجيمي كان مع الطبيب الحاج لدى اجراء العملية وانه لم يكن يعلم بالحساسية المفرطة لديه تجاه العدسات اللاصقة (ص 19) وانه بعد ثلاثة اسابيع اتصل به المدعى عليه الاول الدكتور الحاج واخبره ان جرح المريض لم يلتئم بعد وانه حين عاينه الدكتور عجيمي وجد ان الجرح التأم بحوالى 60% ، (ص180)
وأنه لدى سماع افادة المدعي امام المحكمة أفاد ان نظره حالياً يتمثل بعشرين بالماية بالنسبة للعين اليُمنى وخمسة وأربعين بالماية بالنسبة للعين اليسرى، وهذا وفقاً لتقرير الاطباء في مستشفى رزق (ص 22)،
كما وافاد انه اجرى عملية الليزر عوضاً عن الليزك بعد أن أبلِغ ان اجرى الليزك دونه صعوبة بسبب ضعف القرنية لديه وهو وافق عليها لكن احداً لم يشرح له مدى خطورتها وان الدكتور الحاج يعلم ان لديه حساسية مفرطة على العدسات اللاصقة وهو يُتابعه منذ العام 2007 وتبين من التقارير الطبيّة الواردة الى الملف ما يأتي:
ـ اولاً: في تقرير الطبيب «عميد سماحة» وهو أخصائي في جراحة قرنية العين والعدسة الكدرة وجراحة الليزر الكاسرة للضوء، وقد عاين المدعي بعد حوالى الشهر من اجرائه عملية الليزر (2/6/2011) وأدلى في تقريره:
«ان المريض أُبلِغ لدى معاينته من الدكتور سماحة عن عدم احتماله لعصابة العدسة اللاصقة المستخدمة عقب الجراحة وعن افراط في استخدام القطرات الموضعية بما فيها قطرات من الأدوية غير الاستريودية المضادة للالتهاب والبنج الموضعي اي سبيزين 0.4% واوكسيبو بروكين اللذين استخدما ضمن مجموعة الجرعات التي اعطيت للمريض فوراً وبعد العملية وفي المرحلة الاولى ما بعد العملية، وقد اضاف في تقريره تاريخ 1/11/2012،
انه قد أجريت للمدعي عملية «ليزر» اخرى في العين اليمنى على امل تجنيبه عملية زرع قرنية اذ ما يزال يعاني من خطأ انكساري في العين، مع انه بنسبة أقل من العملية السابقة لازالة الخلايا السطحية للقرنية لمعالجة عيوب إنكسار العين وإزالة عكرة سطح القرنية، ما يسبب له اختلافاً في مدى العينين وبعض الصعوبات في التأقلم مع النظارات التصحيحية في الوقت الحالي،
وفي حال بقيت حالة تفيّم قرنيته تتدهور باستمرار او تعاني من عدم الاستقرار في النظم البيولوجية فسيكون مضطراً الى اعتبار خيار زرع قرنية سواء بسماكة جزئية او كاملة،
ثانياً: في تقرير الطبيب «داني العلم»، المعيّن من قبل المحكمة وهو جرّاح للعين ـ جراحة القرنية ـ ليزر جراحة ترميميّة ورأب العين،
وقد أدلى في تقريره:
La Topographie corneenne pre -operatoire revelait un keratocone fruste qui n'est pas une contre - indication absolue a pratique un traitement au laser excimer photo - keratectomie refractive".
ما ترجمته انه:
أظهر تخطيط القرنية قبل اجراء العملية تمخرط القرنية الخشن وهو ليس دليلاً بالمطلق على تضاد الاستطباب للعلاج بالليزر اكسيمر.
كما اضاف:
"La prescription de la cebesine collyreaur patients ayant subi une chirugie au laser Excimer est proscrite vu qu'elle retarde la cicatrisation corneenne e peut entrainer une fibrose corneenne superficielle ou profonde provoquant ainsi une baisse d'actuite visuelle parfois irreversible.
اي ما ترجمته:
يحظّر وصف غسول العين Cebesine للمرضى الذين خضعوا للجراحة بالليزر اكسيمر لانه يؤخّر شفاء القرنية وقد يؤدي الى تليّف قرني سطحي او عميق يسبب احياناً فقدان البصر الذي لا رجعة فيه.
ثالثاً: في تقرير لجنة التحقيقات المهنية في نقابة الاطباء في بيروت:
ورد ما يلي: حول استعمال دواء الـCebesine «هذه الادوية المخدّردة السطحية توقف مبيعها في الصيدليات للمواطنين وللاطباء على السواء لتوقف استيرادها، الا ان الاطباء يحصلون عليها بصفة فردية من خارج لبنان..»
رابعاً: في الدراسة المفصّلة حول استعمال دواء الـ«Cebesine» والمبرزة في المف:
فقد ورد فيها ما يلي:
"Le medicament est indique comme anesthesique local au cours de differentes interventions chirurgicales ou differents examens de l'oeil.
ما يعني ان استعمال هذا الدواء محصور بالعمليات الطبية والفحوصات (وهو بنج موضعي)، كما أوردت:
"Le Collyre ne doit pas faire l'objet d'un usage repete ou prolonge, de meme qu'il est imperatif de respecter les posologies recommandees car en raison de la presence d'un anesthesique local (chlorhydrate d'oxybuprocaine), de graves lesions oculaires en particulier corneennes peuvent survenir",
"Un usage repete et prolonge expose a un risque de lesions oculaires de la cornee".
اي ان الاستعمال المتكرر والطويل لهذا الدواء يؤدي الى تليّف وضرر في قرنية العين وهو يجب ان يُعطى بعيارات محدّدة وباشراف الطبيب،
وتبيّن ان المدعي كان قد طلب في مذكرته تاريخ 18/2/2015 ادانة المدعى عليهما، اضافة الى المواد المذكورة في الشكوى المباشرة، بالمواد /123/ من قانون الموجبات والعقود والمادة /18/ من قانون الآداب الطبية، وكرّر أقواله ومطالبه السابقة، وتبيّن ان المدعى عليهما كرّرا في مذكرتيهما تاريخ 18/2/2015 كافة دفاعاتهما السابقة التي طلبا فيها إبطال التعقبات عنهما لعدم حصول أي خطأ من قبلهما وبسبب عدم جدية وقانونية الشكوى المقامة بوجههما ولانتفاء العلاقة السببية بين فعل المدعى عليهما والضرر المزعوم والا لكونه ناتجاً عن خطأ المدعي الشخصي والا استطراداً اعلان براءتهما أو الاكتفاء بالغرامة.
وتبين ان شركة التأمين «Bankers»، المطلوب ادخالها كررت مآل دفاعها في الجلسة الختامية بتاريخ 9/7/2015.
ثانيا: في الأدلة:
تأيدت هذه الوقائع، بمجمل اوراق الملف لا سيما الشكوى المباشرة، بالمستندات المرفقة، بالتقارير الطبية وبمجريات المحاكمة العلنية.
ثالثا: في القانون :
حيث انه من المتعارف عليه قانونا (قانون الموجبات والعقود - قانون العقوبات - قانون الآداب الطبية) وفقهاً واجتهاداً أن الموجب الذي يلزم الأطباء خلال ممارستهم لمهنتهم الطبية هو موجب بذل عناية (obligation de moyen) وليس موجب تحقيق غاية (obligation de resultat).
وحيث ان موجب بذل العناية يجب ان يبقى بعيداً عن الاخطاد الجسيمة «fautes lourdes» التي من الممكن ان تترك وراء التدخل الطبي للطبيب أضراراً، أحيانا «تكون قابلة للتصحيح وأحياناً أخرى لا تصحح».
وحيث انه وبالعودة الى حالتنا الحاضرة، فمن مراجعة الوقائع تبين ان المدعى عليه «الحاج» نصح المدعي باجراء عملية «الليزك Lasik» قبل أن يُجري له أيا من الفحوص الطبية اللازمة التي تحدّد ما اذا كان المريض يحتمل اجراء هكذا تدخّل طبي، أم لا، سيما وانه يتابعه منذ العام 2007 ويعلم بوجود حساسية مفرطة لديه لاستعمال العدسات اللاصقة، كما أنه من المفترض ان يكون على علم بوضع القرنية في عينيه التي وكما ورد في تقارير الاطباء تعاني من «تمخرط خشن» «Keratcone fruste»،
وحيث انه وفي يوم العملية المقررة، أجري له فحص الـ«Pentacam» ليُقرَّر بعدها عدم احتماله اجراء عملية «الليزك» واستبدالها بعملية «الليزر» «Laser» بسبب وضع قرنيته وحيث انه وإن كان هذا التخرّط لا يمنع حصول عملية الليزر بالمطلق وفق تقارير الأطباء الا انه ودون ادنى شك يستوجب عناية دقيقة وتمهّل في أخذ القرار مع دراسة النتائج لهكذا عملية،
كما يُلقي على الطبيب موجب إعلام المريض «obligation d'informer» بتفاصيل ونتائج هكذا عملية على قرنيتيه وبنسبة نجاحها وبالاجراءات البديلة عنها، الأمر غير المتوافر في الحالة الراهنة،
اذ أن جُل ما خُيّر به المريض هو استبدال الليزك بالليزر وباعتراف الطبيبين امام المحكمة، فوافق على ذلك المدعي دون معرفة خلفية ونتائج ونسبة نجاح هكذا اجراء طبي عليه،
أضف الى ذلك فإن وضع العدسات اللاصقة العادية من قبل الدكتور الحاج وهو يعلم مدى حساسية المريض عليها، ليعود ويستبدلها لاحقا بعدسة خاصة في عيادته، كما أدلى أمام المحكمة، بسبب الأوجاع التي أصابت المريض،
هو أمر غير اعتياديّ وغير مهني unprofessional ويجاور الخطأ الفادح للممارسة الطبية، كما أن وصف دواء الـ«Cebesine» وهو بنج موضعي مع كل المخاطر التي يحيط بها هذا الاستعمال للمريض (وقد بيّنها الحكم في باب الوقائع) درءاً للأوجاع التي مُني بها وتزويده بأربع علب منه دون وصفة طبية تحدّد كيفية الاستعمال والمعيار والمقادير (استعملها عند الوجع... راجع الوقائع) ما هو إلا خطأ جسيم وإهمال فادح لممارسة مهنة الطب وتجاوز لقسم «أبقراط»،
وحيث أنه وباعتراف الطبيب «عجيمي» في استجوابه (كما ورد في باب الوقائع)، فهو يطّلع على الملف الطبّي للمريض قبل إجراء العملية في مركزه، وهو قد شارك أيضاً في العملية موضوع الدعوى وتابع المريض، المدعي، بعد أن أرسله الدكتور الحاج بعد العملية بأيام بسبب الأوجاع المؤلمة التي عانى منها المدعي وفقدانه لنسبة كبيرة من نظره،
وحيث أن عدم درايته لهذا الملف الطبي الدقيق ولوضع العدسات اللاصقة العادية غير المناسبة للمريض،
وهي توضع عادة بعد عملية الليزر مباشرة اي في مركزه الاستشفائي يجعله مرتكباً الخطأ الجسيم المماثل للمدعى عليه الحاج وغير المسموح به طبياً في ممارسة الطبيب لعمله بصورة علمية، مهنية وواعية،
وحيث انه بذلك يقتضي ادانة المدعى عليهما بجنحة المادة 565/1 من قانون العقوبات، معطوفة على المادتين /18/ و30/2 من قانون الآداب الطبية، وحيث انه بالعودة الى الضرر الذي لحق بالمدعي جرّاء فعل المدعى عليهما، يتبيّن من تقرير الطبيب «داني العلم»، المعين من قِبل المحكمة أن «فقدان البصر الذي لا رجعة فيه هو 40% في العين اليُمنى و50% في العين اليسرى رغم التصحيح»،
وقد التقى هذا التقرير مع تقرير الطبيب «عميد سعادة» الذي اضاف انه في حال تعذّر التصحيح قد يضطر المريض الى اجراء عملية جراحية لزرع القرنيتين وحيث انه وبالنظر للضرر الحاصل غير القابل للتصحيح وبالنظر لسن المدعي وبمقارنة حالته الصحية قبل اجراء عملية الليزر وبعدها، يقتضي الزام المدعى عليهما وشركة التأمين Bankers، المطلوب إدخالها والضامنة لهما بعقد يغطي (الأخطاء الطبية) «malpractice»، على وجه التكافل والتضامن بعطل وضرر مقداره ماية وخمسون مليون ليرة لبنانية، وبرد طلب الحكم بالفائدة القانونية، سنداً للمادة /129/ من قانون العقوبات التي عدّدت الالزامات المدنية في الجرم الجزائي على وجه الحصر ولم تذكر الفائدة القانونية،
لذلك يحكم :
1- بإدانة المدعى عليهما: «الياس عبدالله الحاج» و«غسان كريم عجيمي» بجنحة المادة /565/ فقرتها الاولى من قانون العقوبات معطوفة على المادتين 30/2 و18 من قانون الآداب الطبية وبحبس كل منهما مدة شهرين وبوقف تنفيذ عقوبة الحبس في حال دفع الالزامات المدنية بمهلة شهر واحد من تاريخ صيرورة هذا الحكم مبرماً.
2- بالزامهما وبالزام شركة Bankers المطلوب ادخالها بالتكافل والتضامن على دفع مبلغ ماية وخمسين مليون ليرة لبنانية للمدعي: «بشير إدمون كامل» كتعويض عن العطل والضرر وبرد طلب الحكم له بالفائدة القانونية.
3- بتدريك المدعى عليهما نفقات المحاكمة.
حكماً بمثابة الوجاهي بحق الفرقاء أعطي وأفهم علناً في بعبدا بتاريخ /10/8 2015».

  • شارك الخبر