hit counter script

مقالات مختارة - نقولا ناصيف

تسوية الترقيات بين حجّة القانون والتنكيل بعون

السبت ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 07:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

الأبواب موصدة ومفتوحة في آن على الفرصة المحتملة لتسوية الترقيات قبل 15 تشرين الأول، موعد إحالة القائد السابق لفوج المغاوير العميد شامل روكز على التقاعد. لا توافق سياسياً، بينما الحجج القانونية تلقي بأثقالها

المرجح في اعتقاد متابعين عن قرب المداولات الدائرة في فلك تسوية الترقيات أن التداعيات السياسية لإسقاطها أكثر كلفة من التسوية نفسها، وخصوصاً أن التوافق السياسي عليها يجعلها لا تقتصر على ترقية ثلاثة عمداء إلى ألوية فحسب، أحدهم العميد شامل روكز، بل تشق الطريق إلى ملء شغور ثلاثة مقاعد في المجلس العسكري. ناهيك بتسهيل بعث الروح في اجتماعات مجلسي الوزراء والنواب، مع أن دوافع تعطيلهما مختلفة تماماً: الأول يرتبط بالتوافق على آلية ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، والثاني بجدول أعمال «تشريع الضرورة».

ثمة أسباب يحتفظ بها بعض الواسعي الاطلاع على مداولات تسوية الترقيات، تحملهم على القول إن الفرصة الأخيرة قد تنتظر الدقائق الأخيرة. وهي في أي حال تتجاوز وزير الدفاع وصلاحيته الحصرية المنصوص عليها في قانون الدفاع لترقية الضباط بمرسوم عادي، كي يضع مجلس الوزراء الملف برمته بين يديه دونما تعرّضه لطعن.
ما يتحدث عنه الواسعو الاطلاع أنفسهم، مخرج يقضي بالتئام مجلس الوزراء واتخاذه قراراً بإسناد وظيفة قيادية عالية الى روكز، بموجبها يصير الى ترقيته الى لواء، على نحو مطابق لتعيين قائد الجيش ورئيس الأركان وأعضاء المجلس العسكري وقادة الأجهزة الأمنية الذين يتخذ مجلس الوزراء أولاً قراراً بتعيينهم في منصب أعلى من رتبهم، يصير بعد ذلك الى ترقيتهم الى رتبة أعلى، من دون أن تكون الرتبة الحالية استوفت مهل الأقدمية للترفيع بالضرورة.
بذلك تتفادى التسوية المرور بالصلاحية المقيّدة لوزير الدفاع لترقية الضابط، بأن يُعيّن الأخير في منصب، ثم يُرفَّع في المرسوم نفسه الى رتبة أعلى. هكذا تسري على روكز آلية التعيين في مجلس الوزراء، لا آلية الترقية لدى الوزير والمجلس العسكري.
مغزى ذلك الاتفاق سلفاً على الوظيفة التي ستسند الى القائد السابق لفوج المغاوير لتبرير ترقيته الى لواء، على أن تصدر عن مجلس الوزراء كأن يُعيّن نائباً لرئيس الأركان أو رئيساً للمحكمة العسكرية أو قائداً لأحد المعاهد العسكرية أو قائداً للكلية الحربية.
مع ذلك، دون أي من هذه التعيينات عقبات قانونية لا يستهان بها؛ من بينها:
ــ أن قائد الكلية الحربية شأن قائدي كلية الأركان ومعهد التعليم يخضع لإمرة نائب رئيس الأركان للعمليات. فلا يصح إذ ذاك أن يكون المرؤوس في رتبة أعلى من الرئيس، ما لم يصر في الوقت نفسه الى ترقية نائب رئيس الأركان للعمليات بدوره.
ــ تعيين روكز نائباً لرئيس الأركان يفتح الباب على ترقيات مماثلة لنظرائه نواب رؤساء الأركان الآخرين والمساواة في ما بينهم، رغم أن وظائف المؤسسة العسكرية لا تحتم بالضرورة أن يكون شاغلوها في الرتبة والأقدمية نفسها. على أن الترقية هذه ــ إذ تعزى الى دوافع سياسية استثنائية كي لا تتحوّل الى سابقة ــ تتسبب في خلل انتظام الأنظمة العسكرية وقواعد الانضباط والمعايير الملائمة للفرص المتكافئة.

موافقة الوزير ممر حتمي للترقية بمرسوم، أو التعيين في مجلس الوزراء

ــ أياً تكن الوظيفة التي تسند الى هذا الضابط أو ذاك، لا يسع مجلس الوزراء إدراجها في جدول أعماله، ما لم يكن التعيين ملازماً لقاعدة قانونية ملزمة ومطبقة على الوزارات كلها بلا استثناء، هي اقتران التعيين باقتراح الوزير المختص وموافقته. لا يصح، تالياً، إدراج بند يتناول وظيفة عسكرية لا يخضع للقانون الذي يقول بشرطَي اقتراح قائد الجيش تعيين الضابط الذي يحل فيها وموافقة وزير الدفاع. ما يقود مجدداً الى وضع القرار أولاً بين يدي وزير الدفاع.
على نحو كهذا، تتساوى فرص إخفاق التسوية هذه ونجاحها، في ظل انقسام سياسي حيال استجابة مطلب الرئيس ميشال عون. بل تبدو العقبة الكأداء في موقف وزير الدفاع، إذ يرفض استخدام صلاحيتيه الملزمتين لإمرار التسوية: ترقية روكز بمرسوم عادي، والموافقة على إسناد وظيفة إليه في جلسة يعقدها مجلس الوزراء. ما يحيل بعض العقبات تلك، كما سواها، مبرراً لإضفاء مسحة تشاؤم أكيدة على أن الجهود المبذولة تُهدر عبثاً.
يتوخى انتظار الدقائق الأخيرة بلوغ نتائج سياسية، منها اثنتان على الأقل تتساويان في المغزى، سواء رقّي روكز أو أحيل على التقاعد:
1 ــ إنهاك عون مقدار ما يستطيع خصومه كي يصل الى ترقية لروكز عديمة الجدوى. بل تكون قد استنزفت أعصابه وأضعفت تأثيره، وأوحت بتقهقر دوره في لعبة التوازن الداخلي. مؤدى ذلك توجيه رسالة واضحة إليه، مفادها أن المعركة الضارية التي قادها لأشهر خلت في سبيل إيصال صهره الى قيادة الجيش أخفقت، وانتهت الى مجرد ترقية بوظيفة ليس إلا. تالياً، لا يستحق كل ما مضى ما انتهى إليه.
2 ــ إشعاره بأن ما قد يعدّه أنصاره مكسباً وانتصاراً سياسياً ليس في الواقع سوى هزيمة سياسية، وإن بعد ترقية روكز. وهو ما يشيعه «التنكيل» برئيس تكتل التغيير والإصلاح عبر تأليب معظم الأفرقاء عليه بالإصرار على رفض الترقية، بينما يقود المواجهة العلنية ــ لا الفعلية ــ أفرقاء مسيحيون مناوئون لعون، كالرئيس ميشال سليمان وحزب الكتائب ونواب مستقلون، أخرج حزب القوات اللبنانية نفسه من معتركها.

  • شارك الخبر