hit counter script

مقالات مختارة - ميشال ن. أبو نجم

لحظة الحقيقة لمفاعيل 13 تشرين

السبت ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 07:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار
تأسَّست أدبيات الخطاب السيادي في التسعينيات على ثابتتي «السيادة» و»الشراكة» اللتين عكستا بعدي الأزمة الخارجي والداخلي. وفيما كانت بعض الفئات تعتقد ــ سهواً أو تهرباً من دفع موجبات المطالبة بانسحاب الجيش السوري ــ أن تحقيق الشراكة وعودة المسيحيين إلى لعب دور فاعل في النظام، ممكنان حتى في ظل استمرار غطاء سلطة الهيمنة الخارجية، كانت الكفة راجحة لدى أفرقاء آخرين في التركيز على تحقيق السيادة كشرط جوهري يفتح الطريق أمام الانصراف لمعالجة مفاعيل ما بعد 13 تشرين 1990.

على أثر فرض الطائف بالقوة العسكرية، رُوج الكثير لإنشاء نظام ودولة على أسس التوازن وجمع اللبنانيين بعد أعوام الحرب والتمسك بالدستور والقانون. وربما كان هذا أمل حسني النية ممن أسهم في صياغة وثيقة الطائف. وسرعان ما كشف أركان السلطة الجديدة عن نياتهم الحقيقية، فاجتاحوا الدولة وجوفوها وفُتحت الأبواب أمام الفساد والسرقة وضرب الميثاقية وتشليع الدستور، بالتكافل والتضامن مع سلطة الوصاية. وهنا، يفتح الباب على نقاش مسألة لم يكتب عن عمقها الكثير بعد، هي هذا الارتباط بحبل السرّة بين تركيبتي الحكم في لبنان وسوريا آنذاك، وبالتالي مدى لبننة آليات الهيمنة السورية وأركانها. هذا الارتباط يعتقد أنه أسهم كثيراً في الوصول إلى لحظة الانفجار في خريف 2004 وبداية 2005.
تحقق حلم السيادة والقرار الحر، لكنّ هناك كابوساً أثقل وأكثر تعقيداً. ما ثَبت بعد عام 2005، أن معضلة الشراكة وبناء الدولة أصعب بكثير من مسألة انسحاب الجيش السوري، كان ذلك معروفاً. لكن بعد 10 أعوام على محاولات مستمرة لهدم جدار البناء المتجذِّر الذي أنشأته سلطة ما بعد 13 تشرين وكرسه التحالف الرباعي، والوصول إلى نتيجة أن الشراكة ممنوعة ولو باستمرار التشبيح وانتهاك الدستور، وأن نموذج الياس الهراوي هو «البروفايل» المطلوب لرجل الدولة المسيحي من الرئاسة إلى أصغر موظف، فذلك يضع كل بناء سلطة القهر أمام لحظة الحقيقة.
لقد سالت مياه كثيرة منذ 1990 حتى اليوم. تغيرت طبيعة الانقسام اللبناني من سياسي طائفي إلى سياسي مذهبي، ومعها أيضاً تبدلت صورة المشهد الإقليمي الذي سمح للسوخوي السورية بأن تعلن تأسيس نظام الطائف. قُدمت الكثير من المبادرات للوصول إلى تفاهمات تؤسس لمراحل جديدة قائمة على الشراكة وتطوي صفحة هدم الدولة ونهبها. على الرغم من كل ذلك، سلطة ما بعد 13 تشرين لا تزال تتشبث بأسنانها وأظفارها بمكتسبات حصلت عليها بالقوة العسكرية الخارجية.
لكن إشارة إطلاق بناء نظام الشراكة، يجب ألا تُنتظر فقط من تجمّع الغد في بعبدا، بل من الضاحية الجنوبية حيث أُثخن حزب الله بجراح سلطة ما بعد 13 تشرين، وباتت تهدد وجوده في حال استمرارها.

  • شارك الخبر