hit counter script

مقالات مختارة - ايلي الفرزلي

الجلسة الخامسة: تجارب عربية لإغناء التجربة اللبنانية

السبت ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 07:14

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

الضجة لا تكفي ليصبح لبنان على الخارطة النفطية. واكتشاف النفط والغاز لا يحوله إلى دولة نفطية. المطلوب القليل من التواضع والكثير من الفعل، ليكون للبنان حضوره النفطي في منطقة تسبح على آبار النفط. وهذا يعني أن قرارات استراتيجية، كتحديد أسعار الغاز، يمكن أن تتخذ في المنطقة من دون استشارة لبنان أو حتى دعوته لمناقشتها لأنه عملياً ما يزال «خارج النادي النفطي».
وإذا كان اكتشاف حقل «الشروق» في مصر قد ثبت مكانتها كأقوى دولة في حوض المتوسط، فإن لبنان لن يكون له مكانة، إلا عندما يستكمل مساره النفطي بالتنقيب والاستخراج.
لكن قبل ذلك، من الضروري لفت النظر إلى أن انطباع معظم من حضر ندوة «نفطنا لنا» التي عقدتها «السفير» خلال اليومين الماضيين نحا باتجاه تفضيل عدم استخراج النفط، ما لم تُضمن مساهمته في تنمية البلد. ففي ظل غياب الديموقراطية والشفافية، وفي ظل شبكة الفساد المسيطرة، وفي ظل الخوف على انتهاء الثروة في جيوب المحاصصة، كثر رأوا أنه قد يكون من الأفضل ترك الثروة في مكانها إلى حين يصبح في لبنان دولة، حتى لو كان ثمن ذلك الانتظار لأكثر من جيل.
ليزول ذلك الانطباع، على القائمين على القطاع إعطاء الأولوية المطلقة للشفافية والحوكمة والحرص على أن وظيفة الثروة الوحيدة هي تأمين حياة أفضل للبنانيين.. كل اللبنانيين. ولذلك، فإن أمام اللجنة الخاصة التي أعلن عنها مدير الندوة الزميل نصري الصايغ، ستكون أمام مهمة صعبة يفترض أن تتوج بالإعلان عن توصيات «من أجل سياسة نفطية للبنان».
في الجلسة الأولى من اليوم الثاني للندوة، كان لا بد من الرجوع خطوة إلى الخلف لرؤية المشهد الأوسع لقطاع النفط في لبنان، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الغازية للمنطقة. ولذلك، قارن الخبير النفطي العراقي د. وليد خدوري بين طريقة التعاطي مع الملف النفطي في لبنان وغيره من البلدان العربية، وحيَّا «هيئة إدارة البترول» لتعاونها مع المجتمع المدني، مشيراً إلى فرادة هذا النموذج بالمقارنة مع الدول العربية الأخرى، حيث يعتبر النفط والأرقام المتعلقة به من أسرار الدولة التي يمنع النقاش فيها.
واستعرض خدوري التجربة الإسرائيلية، التي تركز على استثمار الحقول الكبيرة، داعياً لبنان إلى القيام بعكسها. كما حذر من أن إسرائيل، تسعى إلى السيطرة على قطاع الغاز في المنطقة، تارة من خلال السعي مع الدول الأوروبية لإنشاء أنابيب لنقل الغاز إلى أوروبا بما يجبر الدول الأخرى على الانضمام إلى هذا الخط لتسويق غازها، وطوراً من خلال المساعي الأميركية لربط «دول السلام»، أي مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، اقتصادياً، بالاعتماد على عقود الغاز مع الدولتين الجارتين وبالسيطرة على محطة جنين في الضفة الغربية. علماً أن التوسعية الإسرائليلة ومساعيها للسيطرة على النفط اللبناني وقضم أجزاء من المياه اللبنانية ليست جديدة، فهي معروفة تاريخياً بسرقة غاز سيناء عندما كانت تحتلها، بالإضافة إلى استمرارها بسرقة الغاز من بحر غزة وأرض الجولان.
واعتبر أنّ «تبديل إسرائيل لتعاونها الغازي من الدول الأوروبية إلى دول الجوار هو بسبب تعرضها لشحٍ مالي»، مؤكداً أنها «حاولت تقديم ضمان سريع حتى توافق البنوك على توقيع العقود».
النقطة الأبرز التي تطرق لها خدوري كانت مسألة تسعير الغاز، موضحاً أن التسعير ليس عالمياً كما تسعير النفط، إذ إن كل منطقة تسعر النفط بشكل مستقل، فالأسعار في أوروبا أقل من اليابان وفي المنطقة أقل من الإثنين، متوقعاً أن تتحكم مصر في أسعار غاز المنطقة نظراً لكونها الأغنى في الغاز والأكثر خبرة في المجال.
من جهته، ركز رئيس شركة «Tri- Ocean Energy» محمّد الأنصاري، في مداخلته بشأن «التجربة العربية في إدارة الثروات النفطية»، على عوامل جذب المستثمرين. ورأى أن المستثمر ليدخل إلى القطاع، يجب أن تؤمن الدولة ثلاثة عوامل، هي: دعم جدي للقطاع، ضمانات حماية وتسهيلات لوجستية (وجود سياسة نقدية ومالية واضحة، وجود ضمانات أمنية، الحماية من التعديلات الضريبية أو التعويض على الشركات في حال حصول تغيير في القوانين، تسهيل دخول الخبراء ومعدات الشركة..)، طريقة فعالة لحل النزاعات في حال نشوئها (كالمحاكم الخاصة).
واعترض الأنصاري على وجهة النظر التي تعتبر أن لبنان في منافسة مع إسرائيل، مشيراً إلى أن المنافسة الفعلية ستكون مع مصر، خاصة أن معظم الشركات العالمية تتحفظ على الاستثمار في الدولة العبرية. وتبنى الأنصاري موقف «هيئة البترول» عندما أعلن أنه يُستحسن توقيع عقود مشتركة للتنقيب والاستخراج معاً، بما يشجع الشركات الكبرى على الاستثمار. كما رأى أنه يُستحسن أن يكون التنقيب أجنبياً لكي لا تتحمل الدولة المخاطرة، على أن تشارك الشركة الوطنية بعد ذلك في الإنتاج.

  • شارك الخبر