hit counter script

مقالات مختارة - طارق ترشيشي

لبنان أمام مرحلة مقلقة

السبت ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 06:42

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

يبدي ديبلوماسيون عاملون في بيروت قلقاً إزاء مستقبل الأوضاع السياسية في لبنان في قابل الايام والاسابيع، لكنهم لا يبوحون بأي تفاصيل، مشيرين الى أن أوان انتخاب رئيس جمهورية جديد لم يحن بعد.يعزو هؤلاء الديبلوماسيون سبب تأخر الحل اللبناني الى أن القوى الاقليمية، وحتى الدولية، لا تضع لبنان في سلم اولوياتها في هذه المرحلة. ويؤكدون ان الانطباع عن إهمال المجتمع الدولي للبنان الذي عاد به رئيس الحكومة تمام سلام من لقاءاته في نيويورك، هو إنطباع دقيق، لأن اهتمامات عواصم القرار تركز على سوريا بعد التدخل العسكري الروسي المباشر فيها، وهو تدخل ستكون له انعكاساته على مجمل الاوضاع في المنطقة، وعلى مستقبل العلاقات الاقليمية والدولية.

ويتوقع الديبلوماسيين انفسهم ان يشهد لبنان تصعيدا سياسياً بين الافرقاء المتنازعين، ويتوقعون أن يعلن رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون غداً جملة مواقف ستكون لها انعكاساتها على مسار النزاع السياسي الدائر، خصوصا بعد فشل التسوية في شأن الترقيات العسكرية والامنية.

ويقول بعض الديبلوماسيين ان الامل في حصول اتفاق داخلي على انجاز الاستحقاق الرئاسي ما زال ضعيفا، وان الحوار بين قادة الكتل النيابية سيطول قبل ان يتوصل الى نتائج عملية، ولكن الجهود ستنصب على تأمين إستمرار هذا الحوار ومنع اي فريق من المغامرة بالانسحاب منه، بحيث يشكل جلوس المتحاورين الى الطاولة مظلة سياسية واقية للإستقرار الامني في انتظار ما سيؤول اليه الواقع الاقليمي الذي استجد نتيجة التدخل العسكري الروسي في الازمة السورية الذي بدأ يغير المعادلات العسكرية في الميدان، وكذلك المعادلات السياسية.

ويشير الديبلوماسيون ان موسكو بادرت الى التدخل انطلاقا من اقتناع لديها بأن انهاء الازمة السورية هو المدخل لمعالجة كل ازمات المنطقة بما فيها الازمة اللبنانية، وهي تعتبر ان القضاء على التنظيمات المتطرفة العاملة على الاراضي السورية سيؤدي الى تقويض وانهاء وجود مثل هذه التنظيمات في بقية الدول والبؤر في المنطقة، وهو امر لا يمكن الولايات المتحدة الاميركية وحلفاءها الاقليميين والدوليين الاعتراض عليه وإن كانت تراهن ضمناً على ما تسميه «غرق روسي في المستنقع السوري» مثلما حصل للإتحاد السوفياتي السابق في افغانستان.

ويرى الديبلوماسيون ان التدخل الروسي في سوريا وضع حدا لاستثمارات واشنطن وحلفائها لوجود كل التنظيمات المتطرفة، خدمة لمصالحهم في المنطقة، وهو ما سيدفعهم على الاقل الى السكوت عن هذا التدخل اذا لم يتسنَّ لهم المشاركة فيه، لأنهم لا يمكنهم مناقشة موسكو في حجتها لمكافحة الارهاب، خصوصا انهم كانوا انشأوا تحالفا اقليمياً ـ دولياً لهذه الغاية ولكنه لم يثبت فعالية في حربه على «داعش» واخواتها، كالفعالية التي يثبتها الروس في سوريا الآن.

بل ان التحالف الاميركي راح يتحدث عن أن هذه الحرب على «داعش» ستدوم سنوات، فيما يشي التدخل الروسي الآن بأن المعركة قد تنتهي خلال اشهر، بدليل الفعالية التي تحققها الغارات الجوية اليومية على معاقل التنظيمات المتطرفة.

ويتوقع الديبلوماسيون ان يكون للتدخل الروسي في سوريا انعكاساته الايجابية على لبنان أمنيا وسياسيا:

- أمنيا، بحيث يمكن وجود التنظيمات المتطرفة والبيئات الحاضنة لها ان يضمحل ولا يعود لديها اي قدرة على تنفيذ اي تفجيرات او اعمال على الساحة اللبنانية بقصد المشاغبة على الوضع في الميدان السوري.

ـ سياسيا، ستبدأ القوى السياسية، ولا سيما منها المعارضة للنظام السوري وحلفائه بمراجعة حساباتها،على رغم ان بعضها بدأ يراهن على «غرق» موسكو في «المستنقع السوري» على حدّ تعبير بعض سياسيها، والاقتناع بأن القوى المتطرفة لن تستطيع تغيير الانظمة والمعادلات في المنطقة مهما صالت وجالت لأن في النهاية ليست مقبولة لدى مجتمعات المنطقة، وان الازمة السورية صائرة الى حل سياسي عاجلاً أم آجلاً.

ويرى الديبلوماسيون انفسهم ان الحل اللبناني ربما انتظر بدايات الحل السوري لكي ينطلق، وفي هذه الحال فان الحوار بين قادة الكتل النيابية سيستمر ليوفر المناخ الملائم له.

ويقول الديبلوماسيون ان رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يدير الحوار ويرعاه، يريد من سلة الحلول التي يقترحها ان يعمل المتحاورون على الاتفاق على بنود جدول اعمال الحوار وتجميعها في السلة حتى اذا أزفّت ساعة الحل ينطلقون الى تنفيذها بدءا بانتخاب رئيس الجمهورية الجديد الذي يتصدر اولويات المتحاورين وجدول اعمالهم. وينقل زوار بري عنه قوله في هذا المجال ان هذه السلة لا تلغي اولوية انتخاب رئيس جمهورية، حتى ولو تم الاتفاق على بقية بنود جدول اعمال الحوار.

بل أن بعض المتحاورين قال ان اتفاق المتحاورين على قانون الانتخاب الجديد، ربما يسهل الاتفاق على رئيس الجمهورية الجديد اذا لم يُتفق عليه أولاً، لأن القوى السياسية عندما تطمئن الى مستقبلها السياسي في ضوء ذلك القانون يسهُل اتفاقها على انتخاب رئيس الجمهورية، وهو ما حصل في الحوار الذي انتج «اتفاق الدوحة» عام 2008.

  • شارك الخبر