hit counter script

مقالات مختارة - نصري الصايغ

فلسطين أيها العرب ..الأقصى يا مسلمون!

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 07:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

خبر دولي عابر، لم يثر أحداً. مرَّ من دون تعليق. الكل مشغول بالأحلاف الإقليمية والدولية وإحداثيات القتال الجوي والبري، في اليمن وسوريا والعراق وليبيا. فلسطين أُخرجت من خريطة الاهتمامات، ولذلك، لم يلتفت أحد إلى ما ارتكبته الأمم المتحدة منذ أيام.
الخبر من سطور قليلة: «موردخاي أموهاي، نائباً لرئيس لجنة إزالة الاستعمار ومكافحة الاستيطان والاهتمام باللاجئين الفلسطينيين».
نفاق أممي غير مسبوق. حدث مثله في حقبة الاستعمار، كأن يحاكِمَ القاتل قتيله، أو كتكليف قائد عسكري دموي، تدريب المستعمرين على «الحرية والديموقراطية». حدث مثله في بلاد العرب، بلا حسيب أو رقيب، كأن يتولى «قوميون» تفتيت الأمة ورعاية الكيانية وتحصين القطرية وتخريب السلطة وتمزيق الروابط الوطنية. ويحدث اليوم، عبر ازدواجية القاتل والمقتول. قاتل هنا، «يبكي» قتيلاً هناك، وقاتل هناك «يبكي» قتيلاً هنا. نموذج البكاء المزدوج، في اليمن وسوريا والبحرين وليبيا.
احتجاج السفراء العرب في الأمم المتحدة ذهب أدراج الرياح. الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية، التي تبيع العرب حقوق الإنسان كخردة سياسية، دافعت عن تأييدها للإسرائيلي الذي سيتولى شؤون اللاجئين وضحايا الاستيطان، بالادعاء أن الرجل قد انتُخب «لنزاهته ومهنيته ومقدراته الشخصية وهو سيبرهن عن ذلك عبر ممارسته». في الكواليس، كانت الذريعة مختلفة، فـ «إسرائيل» مستبعدة من عدد كبير من اللجان، فلا بأس من إعطائها «جائزة ترضية». منطق بلفور مرة أخرى، بعد قرن على الوعد المشؤوم.
نفاق أممي وعبث بالأسس الأخلاقية التي أرساها رواد حقوق الإنسان والتي قامت عليها الشرعية الأخلاقية الضامنة لسلطة الأمم المتحدة. بؤس على مستوى القيم. محاصصة مشبوهة. صفقات لتبييض صفحات سود من تاريخ دول وأنظمة وقادة. ازدواجية معايير وصلت إلى دوس الحقوق الأساسية للإنسان، باستباحة لا تخجل من الارتكاب. شيء من المباهاة بعد كل شناعة. حدث أن أقدمت الأمم المتحدة على تعيين سفير المملكة العربية السعودية فيصل بن حسن طراد، رئيساً للجنة الخبراء في مجلس حقوق الإنسان في جنيف. لم يُعرف السبب. إنما يُعرف أن السعودية لم توقع على الشرعة الدولية، ولا تعترف بها، ولا تمت إليها إلا بصلة النقيض المكشوف. فهي من أتباع الشرعة الوهابية فقط، وتمارس طقوس القصاص وفق ما جاء في تلك الشرعة. حدث ذلك في الوقت الذي ذاع فيه صيت «الظلم الانتقائي» في السعودية. كانت المملكة تستعد، وفق ما تدفق من معلومات، لتنفيذ حكم بالإعدام والصلب، حتى تتحلل جثة الشاب علي النمر في ساحة عامة، بتهمة الشغب والعصيان نصاً، أو بتهمة ممارسة الحرية سياسياً.
مر الخبر عادياً. لم ينتبه إليه أحد. لم يثر «الضمير الإنساني» الأوروبي والغربي الرسمي. فعلا. هذا شيء من زمن النهايات.
في مكان آخر من هذا الكوكب، تعيش فلسطين بطريقة مختلفة. سيرتها أنها محتلة ومستعمرة ومعتدى عليها. الاستيطان الممنوع دولياً، بلغ الذروة. عدد المستوطنين في الضفة الغربية بلغ 700 ألف مستوطن. السلطة اليمينية في إسرائيل المطعّمة بـ «دواعش» صهيونية، تستعد لمصادرة المسجد الأقصى. تقويضه من أساساته كان محاولة جادة من قبل نتنياهو ومن قبله ومن بعده. احتلاله، بدءاً من باحاته، أشد إغراءً. لم يسأل أحد أين العرب، ولا سأل أحد أين المسلمون. إنهم في كل وادٍ يهيمون...
والأقصى، له شعب يصلي فيه ويحميه. كأن انتفاضة ثالثة تستعد لشهادة الانتماء والرفض، ببسالة العراة الذين يملكون شرف التحدي. باحات الأقصى، كانت مسقط رأس الانتفاضة الثانية. تحدّى أرييل شارون العالم واحتفل بقوته وعدوانيته وعنصريته أمام المسجد، في زيارة لم يتحملها يومذاك رئيس حكومة العدو ايهودا باراك. انفجرت الضفة وغزة وكان ما كان.
لا يعيد التاريخ نفسه. شيء جديد يولد في فلسطين. فقط في فلسطين. العرب أنفقوا عروبتهم عبثاً. المسلمون انشغلوا بأسلحة «الفتنة الكبرى» الراهنة. نظّروا للتخلي بقولهم: «أهل مكة أدرى بشعابها»، فهم أهل الدار وأصحاب القرار. اتركوا فلسطين للفلسطينيين. تركوهم وحيدين، فيما العالم كله ينساهم أو ينكرهم. غسلوا أيديهم وضمائرهم وانصرفوا إلى معاقرة الهزائم وارتكاب العار القومي تفتيتاً وتجزئة وقتلاً.
فقط فلسطين وحيدة. لا أحد معها. «الإخوة الأعداء» موزعون على العراق وسوريا ولبنان ومصر وليبيا وتونس و... ينفقون نفطاً وحقداً ومالاً وسلاحاً، لمزيد من الخسائر. حروب العرب منذ أربعة أعوام، لو أنفق النزر اليسير منها من أجل فلسطين، لكان الأقصى بخير والقدس بأمان وفلسطين في الطريق إلى الحرية.
لا ترفع صوتك يا أخي... فلا حياة لمن تنادي.
 

  • شارك الخبر