hit counter script

أخبار محليّة

جريج: لا يجوز تحويل وسائل الإعلام إلى متاريس حربية في أيام السلم

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 12:01

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقيمت في فندق "هيلتون - حبتور مول" في سن الفيل، ندوة عن "الاعلام المرئي واثره على السلام"، بدعوة من نادي الشرق لحوار الحضارات وبلدية الدكوانة، شارك فيها وزير الاعلام رمزي جريج، سفير استراليا غلين ميلز، سفير البرازيل خورخي جيرالدو قادري، السكرتير الأول في السفارة المصرية نادر زكي ممثلا السفير الدكتور محمد بدر الدين زايد ورئيس بلدية الدكوانة ورئيس مجلس الأمناء في النادي انطوان شختورة، في حضور حشد ديبلوماسي وسياسي وإعلامي وثقافي واجتماعي.

بعد النشيد الوطني، ألقى المستشار القانوني للنادي المحامي إيلي نصر كلمة قال فيها: "السلام حالة إنسانية يعيشها الإنسان في انسجام مع ذاته قبل أن يعيشها مع الآخرين، فالسلام يبنى على العدالة والحرية، والعدالة هي احترام حقوق الإنسان بالتساوي، أما الحرية فهي ممارسة إنطلاقا من حرية الرأي والتعبير مع الحفاظ على كرامة الآخرين ؛ وهي ممارسة أخلاقية إنسانية وإحترافية في كل الميادين، تهدف الى تعزيز العلاقات الحضارية بين الشعوبوتساهم في صناعة السلام".

ثم رحبت الإعلامية مي كحالة التي أدارت الندوة بالمشاركين والحضور، وسألت: "هل يمكن الحديث عن أثر للاعلام على السلام فيما غالبية ما تنقله وسائل الإعلام يتعلق بالتحديد بكل ما يهدد هذا السلام، مثل الحروب والتقاتل والإضطرابات والمظاهرات بين ربيع عربي هنا وخريف حارق هناك؟".

وألقى الوزير جريج كلمة قال فيها: "للندوة التي دعا إليها نادي الشرق لحوار الحضارات بعنوان "الإعلام المرئي وأثره على السلام" أهمية بالغة، لأن موضوعها يثير الكثير من الإشكاليات. وما مشاركة عدد من السفراء والفاعليات فيها إلا دليل ساطع على هذه الأهمية".

أضاف:" ينبغي لي في البداية أن أذكر بأن المواجهة بين الحضارات تتخذ أحيانا طابعا من النقاش الفكري الصرف، وأحيانا أخرى طابعا من العنف والاقتتال. ولهذا أصبح من المتعارف عليه استعمال عبارة حوار الحضارات في مقابل عبارة صدام الحضارات للتفريق بين حالتي تلك المواجهة الفكرية او العنفية. وينبغي لي أيضا أن أذكر بأن الشرق كان منذ عصور قديمة الموطن الأول لصدام الحضارات أو للقائها. من هنا يصح القول: إن اسم النادي صاحب الدعوة إلى هذه الندوة، يختصر، بحد ذاته، المسار التاريخي للجدلية القائمة بين صدام الحضارات والحوار في ما بينها، ومراهنا على هذا الأخير. ولسوف تستمر هذه الجدلية، ما دام هناك مجتمعات وشعوب لكل منها خصوصيتها وتاريخها وتجربتها وإرثها الديني والثقافي".

وتابع: "على الرغم مما تضمنه كتاب "صدام الحضارات" لصموئيل هنتنغتون من نظرة تشاؤمية ذات أبعاد سياسية، فإن ما حفلت به كل حضارة من قيم ثابتة عبر تجربتها التاريخية، يحفزنا على التفاؤل بالمستقبل وعلى السعي من خلال الحوار إلى تجنب هذا الصدام وإلى تغليب الانفتاح والتواصل على الانغلاق والتصارع. فالحوار السياسي الداخلي الذي نشهده اليوم من أجل التوصل إلى وفاق وطني، هو حاجة ملحة، غير ان ما هو أهم منه وأعمق، انما هو الحوار بين الحضارات المتنوعة، لكي تغتني كل منها بما عند الأخرى من قيم ثقافية وانسانية، وتتفاعل فيما بينها. ولا شك في ان حوارا من هذا النوع على الصعيد الفكري والديني، من شأنه اخراج العالم الإسلامي من مستنقع التعصب والتطرف والأصولية، المتمثلة بالإرهاب التكفيري، وإعادته إلى أصالته وسماحته، التي فيها قبول للآخر بروح التسامح والمحبة والرحمة".

وأضاف: "قد تكون دعوة منظمة اليونسكو إلى مجتمع عالمي جديد على أساس التفاهم والاحترام المتبادل، وتبني نزعة جديدة من خلال الاعتراف بالقيم المشتركة في الحضارات المختلفة، منطلقا صالحا لبناء مجتمعات إنسانية، تتطلع إلى تجنيد جميع قواها وطاقاتها المادية والفكرية لتعميم ثقافة العيش المشترك وتطوير العلاقات بين أبناء الوطن الواحد وبين الدول. كذلك، إن إعلان الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 2001 عاما للحوار بين الحضارات يعبر عن إدراك المنظمة الدولية لأهمية حوار الحضارات والتفاعل الثقافي بين الشعوب، التي يمكنها من خلاله التوصل إلى إحلال السلام في العالم".

وتابع: "هذا الأمر يقودنا إلى الحديث عن وظيفة الإعلام ولا سيما المرئي الذي يمكن لأدائه أن يدفع إما نحو التباعد والتصادم والتفرقة وإما نحو التقارب وترسيخ الوحدة الوطنية والمساعدة على تحقيق السلم الأهلي وعلى إحلال السلام بين الشعوب والدول.
إن أداء الإعلام المرئي في لبنان وفي الخارج، لم يكن دائما على المستوى المطلوب. ففي بعض الأحيان تحولت بعض البرامج السياسية في محطاتنا التلفزيونية إلى حلبات مصارعة تغلب فيها الخطاب التخويني المتشنج على لغة الحوار الراقي والرصين".

وأشار الى أن "الخطاب الإعلامي المتطرف يهدد الاستقرار ويشيع الفوضى في المجتمع ويهدد السلم الأهلي، فلا يجوز، في أي حال من الأحوال، أن تتحول وسائل الإعلام إلى متاريس حربية في أيام السلم، لأن حرية التعبير التي تنعم بها تلك الوسائل في لبنان، لا تعني ولا يمكن أن تعني التفلت من كل قيد، بل إنها تفرض عليها تعميم ثقافة تقبل الآخر وتغليب مقتضيات السلم الأهلي على أي سبق صحافي أو إثارة إعلامية.
من هنا، من واجب القيمين على وسائل الإعلام عدم اللجوء إلى خطاب متطرف أو تحريضي يحمل أخطارا كبيرة على المجتمع، والتزام أحكام القانون ومقتضيات أخلاقيات المهنة التي يمارسون، بأبعادها الرسالية. وأنه لمن الضروري، في الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان وسائر دول المنطقة، أن يمارس الإعلام ولا سيما المرئي رقابة ذاتية مسؤولة على أدائه، علها تحصننا ضد وباء التعصب وتسهم في إعادة اللحمة بين المواطنين، فيسلم الوطن ويستعيد دوره الطليعي في العالم العربي ويكون ساعيا للوئام والسلام بين الأشقاء العرب".

وختم: "إنني، كوزير للاعلام، أعلن بصراحة ووضوح تعلقي الكامل، الذي لا تردد فيه، بالحريات العامة وعلى رأسها حرية التعبير، التي يجسدها بشكل أساسي الإعلام، غير أنني في المقابل، أؤكد بوضوح أيضا، أن الحريات يجب أن تمارس تحت سقف القانون، وهي تقف عند الحد الفاصل بين المسؤولية والفوضى، بين البناء والتخريب، بين الحقيقة الساطعة والأخبار غير الصحيحة. وعليه، أتمنى أن يكون للإعلام دور إيجابي في بناء السلم الأهلي، دون أن يكون طرفا في الصراعات السياسية، وأن يشجع على الحوار وتقبل الآخر، فيكون تأثيره ايجابيا على السلم والسلام. ولأنه لا بديل من الحوار سبيلا إلى حل كل المشاكل العالقة، أشكر القيمين على نادي الشرق لحوار الحضارات على تنظيم هذه الندوة، آملا أن نخرج في نهايتها بتوصيات عملية تسهم في تعزيز دور وسائل الإعلام في تحقيق السلم الأهلي والمحافظة على السلام".

وتبنى السفير الأوسترالي نظرية الفيلسوف الكندي في التواصل، مارشال ماك لوهان التي تقول: "إن وسيلة الإعلام بحد ذاتها هي الرسالة ، وهي تنقل رسالة ، وتكون أحيانا أهم من الرسالة التي تنقلها".

ثم تطرق الى تجربته كمراقب لوقف إطلاق النار في جزيرة bougainville شمال أوستراليا التي شهدت حربا أهلية كلفت خمسة عشر ألف قتيلا بين عامي 1988 و 1998، وعمله كجزء من فريق على نقل المعلومات عن سير مفاوضات السلام، لافتقار الجزيرة آنذاك لوسائل نقل المعلومات من تلفزيون، راديو، صحف وإنترنيت".

أضاف: " كان علينا أن نكون وسائل إعلام متنقلة من أجل تزويد السكان بتفاصيل عملية السلام، أن نزور مناطق تأذت من الحرب، وأن نكون حياديين في نقلنا المعلومات، ولم تكن الرسالة التي نحملها هي المهمة، بل الطريقة التي نقلناها بها : كنا مدنيين، نساء ورجالا، نزور القرى ، مشيا على الأقدام، بلا سلاح، مظهرين كل الإيمان والثقة بوقف إطلاق النار وبعملية السلام، وهذا يعني كما قال مارشال أن الوسيلة كانت الرسالة".

ورأى أن " وسائل الإتصال باتت أكثر تعقيدا، والجمهور أوسع وأكثر تنوعا، بطريقة لم يشهدها التاريخ"، مشيرا الى "تعدد هذه الوسائل لتشمل التواصل الإجتماعي، ويبقى السؤال الكبير عن مدى مصداقيتها".

وشدد على أن " وسائل الإعلام المرئي هي الأكثر تأثيرا لأن الصورة تعبر ما لا يمكن أن تعبره الكلمة لمن يجهل اللغة، مقدما الأمثلة عن دور الإعلام في الحروب التي باتت بشقها الإعلامي تفوق التقدم على الجبهات، كمثل تبادل الإتهامات بين النظام السوري والمعارضة ، مستشهدا باستعمال داعش لفايسبوك وتويتر مستهدفا الشباب الذين يجسدون الشريحة الأكبر من مستعملي وسائل التواصل الإجتماعي".

وتطرق في الختام الى آفاق السلام معتبرا أن " الأمر بات يتوقف بنوع خاص على هذه الوسائل "، داعيا الى " استغلال الثواني القليلة بالشكل الأفضل فتكون سردياتنا معاكسة للسرديات السيئة والمسيئة " ومشددا على أن " الحوار هو الأهم ".

كلمة السفير المصري الذي اعتذر عن عدم تمكنه من المشاركة شخصيا في اللقاء تلاها السكرتير زكي وجاء فيها: " نقطة البدء التي أظن أننا جميعا ننطلق منها هي فهم التحولات الضخمة التي تتسم بها الظاهرة الإعلامية في عالمنا المعاصر، والغريب أننا نرصد منذ عقود بروز دور الإعلام في حياتنا المعاصرة، وبشكل خاص الإعلام المرئي - حيث لن يمتد حديثنا الى أشكال الإعلام الأخرى المكتوبة والمسموعة، فضلا عن التواصل الإجتماعي وثورة الإنترنيت إلا أن ما نراه اليوم هو تضخم غير عادي في الإعلام المرئي في كل دول العالم، وبشكل مبالغ فيه في بعض المجتمعات بأكثر من غيرها".

أضاف: "عندما اكتشفت ألمانيا النازية دور الإعلام في صياغة توجهات الرأي العام، تابع العالم ظاهرة وزير الإعلام النازي غوبلز، وما سببته هذه الظاهرة من آثار ونتائج كارثية على السلوك العدواني النازي بما عنته هذه الكارثة ألمانيا ودوليا. ثم كان ظهور أدوات الإعلام المرئية وتطورها لكي تبدأ دورها الخطير في البداية في المجتمع الأميركي في التأثير السياسي والإجتماعي، ثم تنتشر في العالم كله ، ولكي تؤثر في كل المجتمعات حتى ولو كانت بشكل متفاوت من مجتمع لآخر".

وعرض بعد ذلك بعض النماذج من أنحاء متفرقة من العالم لرؤية دور الإعلام في السياسة الخارجية ومنها" الدور السلبي الشديد الذي لعبه الإعلامان المصري والجزائري عام 2010 حول أزمة مباراة كرة القدم الشهيرة، وأزمة مصايد السلمون بين الولايات المتحدة وكندا"، مشددا على أن وسائل الإعلام وخاصة الإعلام المرئي " لعبت دورا بالغ السلبية في تعميق التوتر بين أطراف دولية والتوتر والأزمة هي عكس مفهوم السلام والتعايش".

وتساءل: "هل يمكن للاعلام المرئي أن يلعب دورا مغايرا ويساعد على بناء السلام؟"،
وأجاب أن " الإعلام المرئي نقل السينما العالمية وكان له دور على صعيد التقريب بين الشعوب من خلال الدراما الفنية"، مشيرا الى "إمكان إستخدامه لتعريف الشعوب بعضها ببعض، لاكتشاف أن هناك الكثير من المشتركات بين البشر، ولنقل رسائل سياسية للتهدئة، وتهيئة الرأي العام في عملية سلام "، مركزا على " دور الإعلام الأميركي في تهيئة الرأي العام لمفاوضات الإنسحاب من قناة بنما". 

وختم: "الإعلام ليس إلا أداة، ودور الساسة والإعلاميين هو الذي قد يجعل هذه الأداة تهديدا للسلام، أو أداة مدعمة لتحقيق السلام ". 

وركز السفير البرازيلي في مداخلته " على المنتج السمعي - البصري الأكثر نجاحا والأكثر تأثيرا في الرأي العام البرازيلي : المسلسلات الدرامية "، واعتبر أن " شعبيتها تتخطى كل ما يمكن أن يتصوره العقل، حتى أنها قد تتفوق على شعبية كرة القدم، وتؤثر في القرارات السياسية على أعلى صعيد".

وشرح " كيف استخدمت الدراما في البرازيل لتوجيه الرسائل المعززة لثقافة السلام واحترام حقوق الإنسان والدمقرطة ، ناشرة الوعي بين الناس بطريقة استراتيجية، بعد الإنتقال من مرحلة المسلسلات الأميركية المديلجة الى المسلسلات البرازيلية".

أضاف: " كان من شأن هذه الأعمال فتح النقاشات حول المواضيع الشائكة والمعضلات الإجتماعية وتحديد الأولويات في جداول الأعمال"، وقال: "عوض أن تظهر المجتمع كما هو، أظهرت المجتمع كما يجب أن يكون".

وأشار الى " تظهير الدراما البرازيلية لمواضيع كانت من المحظورات كالإجهاض، الإدمان على المخدرات، الإعتداء على الأطفال، التمييز العرقي، الفساد، وغيرها من المواضيع وصولا الى الأمراض المستعصية كاللوكيميا وكيفية تعامل المجتمع معها ومساهمته في معالجتها، كالتشجيع على التبرع بالدم للمصابين بهذا الداء العضال من خلال مسلسل " كاميللا "، معددا أمثلة كثيرة من الأعمال الدرامية التي ساهمت في تغيير الذهنية في المجتمع".

وخلص الى اعتبار أنه " بإمكان وسائل الإعلام المرئي تأدية دورا كبيرا في وضع الأجندات والتسويق الإجتماعي وتعزيز ثقافة السلام على أساس التسامح والحوار واحترام التمايز وحقوق الإنسان".

بدوره اعتبر شختورة أن " وسائل الإعلام المرئي هي جزء أساسي في صناعة السلام العالمي "، معتبرا أنه " كان لا بد من إلقاء الضوء على دورها في دعم مسيرة السلام وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة العنصرية والعنف والتطرف، وهي أداة ووسيلة لإبراز الحقيقة، وباب للمعرفة على قاعدة حرية التعبير ".

ورأى أن "للاعلام المرئي رسالة مهمة في نقل الأحداث بالصوت والصورة وتحريك الضمير العالمي"، مشيرا الى "قدرته على بناء رأي عام فاعل سلبي وإيجابي".

وجدد مطالبته الإعلام المرئي المحلي " بمتابعة دوره الوطني ورسالته الإنسانية تعزيزا للوحدة الوطنية وحفاظا على مكونات المجتمع اللبناني وثقافة الحوار ".

وفي الختام قدمت دروع تقديرية باسم نادي الشرق لحوار الحضارات وبلدية الدكوانة، لوسائل الإعلام اللبنانية كافة " تقديرا للدور الذي تضطلع به وعربون وفاء واحترام لها على كل ما تبذله في ميادين حرية الرأي والتعبير"، تسلمها ممثل لكل منها.
 

  • شارك الخبر