hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

ندوة في المركز الكاثوليكي للاعلام عن رسالة البابا حول العناية بالبيت المشترك

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 17:43

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عقدت ظهر اليوم ندوة صحافية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، عن الرسالة العامة للبابا فرنسيس "كن مسبحا" Laudato si، حول العناية بالبيت المشترك، شارك فيها رئيس أساقفة بيروت للموارنة، رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، رئيس نادي العلوم انطوان تيان، المديرة العامة لجمعية الثروة الحرجية والتنمية (AFDC) سوسن أبو فخر الدين، في حضور المسؤول عن الفرع البصري والسمعي في المركز الأب سامي بو شلهوب والأب بولس مطر، ولفيف من الإعلاميين والمهتمين.

وقال مطر: "كتب هذه الرسالة البابوية العامة حول البيئة والأرض التي سماها البابا بيتنا الواحد، في الربيع الماضي، وبعد الصيف نأتي إلى هذه الرسالة لنقدمها لكم فرصة للتأمل بالأرض ومصيرها كأرض واحدة للناس جميعا".

أضاف: "مقدمتي تتعلق فقط ببعض أفكار البابا وخلفيات هذه الأفكار، البابا يذكر في مقدمته أنه كتب رسالة قبل هذه سماها "فرح الإنجيل"، وقال: إني وجههتها إلى الكاثوليك وللكهنة والأساقفة ليكون لهم العزم على نشر الإنجيل وثقافة الإنجيل. انها تخص الكاثوليك وعملهم ورسالتهم، أما هذه الرسالة، فيقول البابا انها موجهة إلى جميع الناس. لقد قال لهم هذه الأرض هي بيتنا المشترك، وبهذا القول يعني البابا ما يعنيه من أننا كلنا عائلة واحدة انسانية، تسكن بيتا واحدا، ويدعو جميع الناس في هذه المناسبة لأن يتوحدوا حول مصيرهم المشترك، وحول الحفاظ على أرضهم التي هي بيتهم، لأن هذا البيت رأه البابا أنه تلوث كثيرا، وأن الحضارة العصرية خلقت مشاكل كثيرة في السكنى في هذا البيت بعد اختراع الآلات البخارية، وبعد اختراع كل ما تم اختراعه من وسائل للسيطرة على الطبيعة دفع الإنسان ثمن اختراعاته عاليا جدا. إن هذه البيئة التي نحن فيها والتي خلقها الله حفاظا على الأرض وعلى الحياة فيها، بدأت تتزعزع أركانها، الاحتباس الحراري شيء صعب جدا صعب التصوير، أن تعلو درجة الحرارة 9 درجات كل مئة سنة هذا يعني أننا بعد كذا سنوات سوف لا نعيش على هذه الأرض إذا ما بقينا بهذه الوتيرة".

وتابع: "للبابا كلمة جميلة جدا يقول فيها للمؤمنين "إن هذه الأرض هي خليقة الله، مقدمة لنا، لكننا لسنا أسيادها بالمعنى المطلق. الرب سيد الكون، ونحن مكلفون بهذا، هل نحن مكلفون لندمر هذا الكون أو لنحافظ عليه لأجيالنا الآتية؟ ما معنى سيادة الإنسان على الكون؟ هذا أمر أساسي يجب أن نفكر فيه؟ نحن لسنا أسيادا لنميت هذا الكون. الله السيد المطلق، هذا ما يجب أن نفكر به لأن العالم المعاصر يعتبر الحرية الإنسانية حرية مطلقة من أي قيد، وهذا أمر خطر، اوروبا تحيا اليوم مشكلة الحرية المتفلتة، ومن الممكن أن نشبه البيئة الجيولوجية والجغرافية بالبيئة الإنسانية الآن، خلق الله الإنسان ليكون له عائلة وليكون له نوع من الحياة والإنسانية والأخوة، وان نحن دمرنا هذه البيئة الإنسانية نكون دمرنا الإنسان نفسه، وان دمرنا البيئة الجيولوجية دمرنا الحياة نفسها".

وختم: "البابا يقول هناك مشكلة مياه عذبة. ليس للبشر اليوم مياه عذبة لكل الناس، ويقول كلاما جوهريا لكبار هذا العالم، وقد عقدت مؤتمرات كبيرة عن البيئة، الذين كانوا أقل اهتماما هم الأكثر قدرة، مثلا الولايات المتحدة الأميركية لم تدخل في ارتباطات من أجل البيئة، لأن بعض الناس عندهم يريدون أن يمصوا العالم وأن يذبحوهم دون النظر إلى الحياة ولا إلى المستقبل، البابا كلمهم في زيارته الأخيرة والرئيس الأميركي كان مستمعا الى كلام قداسته، لذلك يجب أن نكون أهل أيمان لهذه القضية، أن نتبناها ونجلس معا حتى نصل إلى الغاية التي من أجلها كانت الأرض وكنا".

ثم تحدثت أبو فخر الدين عن التحديات البيئية في لبنان، ومما قالت: "يؤدي تغير المناخ إلى مجموعة واسعة من الأثار، بامكاننا تقسيمها إلى: ارتفاح مستوى البحر، حين ترتفع حرارة الأرض من المتوقع أن يرتفع مستوى سطح البحر بسبب ذوبان الصفائح الجليدية والتمدد الحراري لمياه المحيطات، وتتضمن الكوارث المناخية القصوى الفياضانات والجفاف والعواصف، ومع ارتفاع درجات الحرارة، اجتاح الجفاف وموجات الحر الكرة الأرضية، ستكون منطقة الشرق الأوسط وافريقيا من المناطق الأكثير تأثرا، وسوف تواجه هذه المناطق نقصا حادا في المياه في المستقبل. وقد يعاني أكثر من 4 مليارات شخص، أي أكثر من نصف سكان العالم، ندرة المياه بحلول العام 2080. وعلى صعيد الزارعة، تغير المناخ يعرض الزارعة لخطر أكبر، وسترتفع أسعار المواد الغذائية، وسوف تعاني الماشية إجهادا حراريا أكثر، كما أن المحاصيل ستشهد ضررا جراء موجات الحر".

أضافت: "نتوقع أن ينقرض نصف أجناس الكوكب بحلول العام 2050 كنتيجة مباشرة للتغير المناخي. كما أن الأحراج ستتأثر بشكل هائل بتغير المناخ. ستزداد حرائق الغابات مع ارتفاع الحرارة. وستتأثر الصحة العامة بصورة لافتة بسبب مستويات انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون المتزايدة. كما من المتوقع أن تشهد الأمراض المعدية والأمراض الناتجة من ارتفاع الحرارة ازديادا بسبب تغير المناخ".

وتابعت: "أما في لبنان، فتغير المناخ سيؤدي الى إختفاء غاباته إبتداء بغابات الأرز من جراء إرتفاع الحرارة وفقدان الثلوج وازدياد في وتيرة الحرائق وتكاثر الحشرات والآفات. أما إرتفاع البحر سيؤدي الى خسارة في المساحات الشاطئية وتعطيل البنية التحتية وارتفاع نسبة الملوحة في المياه الجوفية الساحلية".

وختمت: "في تاريخ 31/8/2015، وفي ضوء ما آلت إليه مشكلة النفايات، قرر دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ تمام سلام تكليف وزير الزراعة أكرم شهيب ترؤس لجنة من الخبراء وأصحاب الاختصاص، تكون مهمتها النظر في الملف واقتراح مخارج وحلول فورية للأزمة. وبناء على ذلك، شكل وزير الزراعة لجنة من الخبراء وأصحاب الإختصاص خلصوا إلى وضع خطة الهدف الأساسي منها الإنتقال بالأزمة الحالية إلى إدارة مستدامة للنفايات الصلبة في لبنان. وبالتالي فالخطة تضمنت مرحلتين الأولى إنتقالية هدفها إزالة النفايات المتراكمة في الشوارع منذ أكثر من 75 يوما والتحضير في الوقت نفسه للإنتقال إلى المرحلة المستدامة التي تقوم على اللامركزية في إدارة النفايات، وحيث البلديات هي الجهة الأولى المسؤولة عن إدارة هذا المرفق العام".

ثم كانت مداخلة تيان، ومما جاء فيها: "مع التطور التكنولوجي والنووي وتحول المجتمع الى مجتمع مستهلك جشع، تدهور الوضع البيئي وتفاقمت الأزمات البيئية، وبدأت الشعوب ترزح تحت ثقلها وخصوصا الفقيرة منها. لهذا السبب لم تجد الكنيسة سببا في هذا العالم يجعلها تقف مكتوفة الأيدي غير مبالية بما يصيب الخليقة ويهدد استمراريتها".

وقال: "يدعونا قداسة البابا فرنسيس اليوم الى التحرك من أجل السلام البيئي الشامل. يدعونا لتغيير جذري في نمط عيشنا المستهلك المفرط والجشع، الى تجدد روحي عميق، والعبور من الاستهلاك إلى التضحية، ومن الجشع إلى السخاء، ومن الهدر إلى القدرة على المشاركة، في تزهد "يعني تعلم العطاء وليس فقط مجرد التفضل"، الى تربية وروحانية إيكولوجية، الى تربية على العهد بين البشرية والبيئة".

أضاف: "بيئات التربية متعددة: المدرسة، والعائلة، ووسائل التواصل، والتعليم الديني، وبيئات أخرى. إن تربية مدرسية جيدة، في سن الطفولة والمراهقة، تزرع بذورا قد تعطي ثمارا على مدى الحياة. بيد أني أريد تأكيد الأهمية المركزية للأسرة، لأن الأسرة هي "مهد الحياة، هبة الله، وحضنها اللائق، وحصنها ضد الأخطار الكثيرة المحيطة بها، وتشكل الأسرة قلب ثقافة الحياة. في الأسرة، تترعرع أولى عادات المحبة والاعتناء بالحياة، كما، على سبيل المثال، الاستعمال الصحيح للأشياء، والنظام والنظافة، واحترام النظم الإيكولوجية المحلية، وحماية جميع المخلوقات. إن الأسرة هي مكان التربية الشاملة".

وأكد أن "التربية ليست محصورة بالوالدين أو بأساتذة التربية، إنما الجميع هم في شراكة واحدة في العمل التربوي، والدور الأساسي والرئيسي في هذا العمل هو لك يا امرأة".

أضاف: "بعد هذه الرسالة أصبح للبيئة مفهوم أشمل وأوسع. فهي كل ما يحيط بنا من عناصر طبيعية واجتماعية وثقافية. لذلك فأي خلل في أحد عناصرها يسبب خللا في توازنها، ويهدد حياة الإنسان ويجعلها عرضة للمخاطر والهلاك".

وختم: "علينا ان نتذكر دائما انه لا يحق لنا تجاهل الآخر، واننا لسنا أسياد البيئة وليس لنا الحق في تشريع القوانين التي تلائم اهواءنا وجشعنا، وعلى الآخرين الخضوع لها، لأن هذا المنطق هو سبب الدمار الشامل للبيئة الطبيعية والإجتماعية وسبب فقداننا للسلام الداخلي والخارجي. فالشركة والمحبة هي السبيل الوحيد للحفاظ على بيتنا المشترك".

واختتمت الندوة بكلمة أبو كسم الذي قال: "الرسالة العامة لقداسة البابا فرنسيس التي تحمل عنوان: "كن مسبحا " تسلط الضوء على أهم قضية في عصرنا الحالي، ألا وهي قضية البيئة، إذ ينبه قداسته إلى المخاطر الحقيقية التي تواجه العالم اليوم نتيجة الإستهلاك البشري والعشوائي للطاقات والثروات الطبيعية، من دون النظر إلى ما يلحقه من ضرر بالبيئة".

وأضاف: "إن قداسة البابا فرنسيس يدعونا إلى المحافظة على الخليقة وعلى احترام الكائنات البشرية التي هي جزء أساسي من هذه الخليقة، والمحافظة عليها تقضي بمحاربة كل أشكال العنف والإتجار بالبشر، وبالمخدرات، لأننا بذلك نحمي الإنسان الذي أوكله الله المحافظة على خليقته وائتمنه على حماية بيئته التي يعيش فيها".

وتابع: "في لبنان يجب أن تكون هذه الرسالة مصدر تأمل لنا كي نحافظ على ما تبقى لنا من بيئة نظيفة. فالإستهلاك العشوائي لمقدرات الطبيعة عندنا يتزايد في شكل مستمر، من قطع الأشجار، إلى الحرائق المفتعلة للحصول على الحطب والفحم، إلى استبدال الأحراش، بكتل من الإسمنت تعرف بتجارة الأبنية، إلى تلويث الينابيع والأنهار، وضرب المياه الجوفية بمياه الصرف الصحي، إلى أزمة النفايات، كل هذا يشكل خطرا على بيئتنا وأولادنا، وما نشهده من تلوث من الإنبعاثات الناتجة من المعامل، كله يضرب صحة المواطن ويكثر الأمراض السرطانية".

وختم: "من هنا ندق ناقوس الخطر ونضع الجميع أمام مسؤولياتهم، لكن في الوقت عينه يجب أن يكون كل مواطن خفير ومسؤول أمام الله وأمام ضميره، فنشكل إذذاك حلقة متكاملة لحماية مجتمعنا وبيئتنا، وعسى أن تكون هذه الرسالة منطلقا جديدا من أجل بيئة تحمي الإنسان".
 

  • شارك الخبر