hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - جورج غرّة

الشباب اللبنانيّ يريد اللجوء أيضاً إلى أوروبا... لمَ لا؟

الثلاثاء ١٥ أيلول ٢٠١٥ - 01:20

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بعدَ تدفُّق موجة السوريّين إلى دوَل أوروبّا عبرَ تركيا واليونان، وفَتحِ باب قبول عدد كبير منهم لأسباب إنسانيّة واقتصاديّة، أصبَحَ الشاب اللبنانيّ، من منطلق غيرتِهِ من الشابّ السوريّ، بحاجةٍ هوَ أيضاً إلى مَن يستقبله في أوروبّا، ويؤمِّن لهُ العملَ والمعيشة والطبابة والكهرباء والماء والتعليم.
الوافدون إلى أوروبّا قُسِّموا على دولٍ عدَّة، وفقَ حاجة كُلٍّ منها. فألمانيا كانت بحاجة إلى حِرَفيّين ومزارعين، فأخذَت حاجتها من اللاجئين السوريّين، وأقفلت الحدود.
أمّا بقية البلدان، فهي تدرس كُلّ حالة على حدة، لِتُحدِّدَ العملَ الذي ستؤمّنهُ للّاجئ، علماً أنّها أخضعت الأطفال لفحوص مدرسيَّة بغية معرفة مدى تأقلُمِهم مع المنهج التعليميّ، وأمَّنَت مدارس خاصّة لهم لإكمال تحصيلهم العلميّ وتطوير مهاراتهم للاستفادة منهم مُستقبَلاً.
وفي لبنان، يَبحثُ الشابُّ اللبنانيّ عَن ماء وكهرباء وتعليم وطبابة وطرُقٍ مُعَبَّدَة وأمنٍ وأمانٍ، ولا يَجِدُ شيئاً من كلّ هذه الحاجات الحياتيّة، فيما نسبة العنوسة ارتفعت بينَ الفتيات، لأنَّ الشباب الباقي في لبنان لا يستطيع الزواج، إذ إنَّ شراءَ شقّةٍ صغيرة لا تتخطى مئة متر مُستحيلٌ، لأنَّ عليه أن يَرهُنَ نفسه للمصارف ومصرف الإسكان 30 عاماً. هذا إذا استطاعَ تأمين الشروط اللازمة التي تُخَوّله تقديم طلب لشراء الشقّة المستطاعة. وفي حال استحصَلَ على القرض، فسيكون قسطه 1000 دولار أميركيّ. وإذا كان يتقاضى راتباً جيّداً في لبنان، أي نحوَ 2000 دولار أميركيّ، فإنَّ الألفَ دولارٍ المُتَبقّية لا تكفيه لدفع البنزين والطعام، فلا يُمكنه بالتالي الزواج من الفتاة التي تحلم بالزفاف الكبير وبعشرات المُصَوّرين وسيّاراتٍ بيضاء.
نحنُ أيضاً نريد أن نكون لاجئين. هذا ما نَسمعهُ يوميّاً مِنَ الشباب اللبنانيّ الذي يَئِنُّ تحتَ وطأة عجزه الماليّ، وفي حال عثر على عمل في الخارج، سيعود لِدَفع جنى سنوات شقاه دُفعةً أولى ثمَنَ شقة صغيرة ولزفاف الأحلام، وفرش المنزل من لائحة الهدايا. وبعدَ ذلكَ، إمّا يموت من الجوع في لبنان، وإمّا يُغادر مُجدّداً للعمل لأنه لن يقبض في لبنان ما كانَ يجنيه في الخارج.
نحنُ أيضاً نريد الذهاب إلى أوروبّا، لأنَّ حُكّامَنا عاجزون عَن إدارة الأزمة وتمريرها بأقلّ قدرٍ مُمكن من الخسائر، وهُم يعملون فقط على دفع الشباب إلى الهجرة، لكنَّ قلوبهم تبقى دائماً في بلداتهم وقُراهم. نحن لا نُحبّ الهجرة، بَل نحب العمل وبناء عائلة في لبنان الذي تحوَّل إلى بلد ولادة أدمغةٍ وتصديرها إلى الخارج، لأنَّ أدمغة حُكّامنا تلمع من كثرة سبائك الذهب في خزائنهم.
لا نريد استكمال "مشروع كيسنجر" الذي أرسَلَ بواخر براون لترحيل مسيحيّي لبنان إلى أستراليا وكندا وأميركا، بل نريد العيشَ بكرامةٍ في أرضنا، ونريد رئيساً نظرَتُهُ الاقتصاديّة ثاقبة، وحكومةً تُقوّي الاقتصاد ومجلسَ نوّابٍ يُنقِذ ما تبقّى في لبنان من شباب.
 

  • شارك الخبر