hit counter script
شريط الأحداث

إستشهاد بشير... وضياع المسيحيين

الإثنين ١٥ أيلول ٢٠١٥ - 07:21

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تطلّ الذكرى الـ33 لاستشهاد الرئيس بشير الجميّل وموقع الرئاسة الأولى ما زال فارغاً، فيما الدولة تفقد هيبتها، وتترنّح وسط اتّساع رقعة الفساد وشلل المؤسسات.ليس مطلوباً سنة 2015 من مسيحيي لبنان أن يذهبوا الى أقصى اليمين ويُنشئوا «الجبهة اللبنانية»، أو يحملوا سلاحاً للمقاومة، ويعقدوا خلوات على غرار خلوة «سيّدة البير» لإيصال أحد الموارنة الى سدّة الزعامة الأولى للمسيحيين في الشرق، بل يجب أن يتحمّل من يدّعي الزعامة المسيحيّة المطلقة، مسؤولياته، ويوقِف مقاطعته جلسات الإنتخاب وينزل الى مجلس النواب ويمارس أبسط واجباته، وهي انتخاب رئيس للجمهورية.

14 أيلول، عيد الصليب، ومنذ 14 أيلول 1982 حمل المسيحيّون صليباً كبيراً محمّلاً بأثقال الماضي وخيباته، دخلوا مرحلة الخلافات المتجدّدة حتّى ضرب البيت من داخله، وسار قسم منهم بعكس خطّهم التاريخي، ما أضعَفهم وشَتّتهم وأفقدهم دورهم التاريخيّ، وها هو مشهد تهجير مسيحيّي الشرق يعطي إنذاراً مدوّياً عن عجز مسيحيّي لبنان عن المواجهة وإيجاد حلول، مع العلم أنّ المسألة أكبر منهم، وسط تخلّي اوروبا والغرب عنهم.

هناك حدث يتذكره المسيحيّون دائماً، حصل مع بداية حرب لبنان، وهو أنّ الغرب أرسل البواخر لتهجيرنا إليه. يومها وقف أركان «الجبهة اللبنانية»، أمثال الرئيس كميل شمعون ورئيس حزب الكتائب اللبنانية الشيخ بيار الجميل والرهبانيات المارونية، في وجه هذا المخطّط الرامي الى إفراغ لبنان من مسيحيّيه، لكنّ صمود المسيحيين ربما دفعَ المخطّطين الى استهداف الحلقة الأضعف المتمثّلة بمسيحيّي العراق ومن ثمّ سوريا، وقد نجحوا الى حدٍّ ما، في وقت يزيد غياب قائد مسيحي، مثل بشير عن الحلبة اللبنانية وتبدّل الأولويات، الوَضعَ سوءاً.

لا يستطيع المسيحيون العيش على ذكرى بشير، وعليهم التطلّع الى المستقبل وإجراء نقد ذاتيّ يشملهم قبل أن يُطاول الشركاء الآخرين في الوطن، وإذا كانوا يحبّون فعلاً بشير ويسيرون على خطاه ويؤمنون بمبادئه، عليهم أن يسألوا أنفسهم: بعد 33 عاماً على رحيله، ماذا فعل بعضنا في موقع الرئاسة الاولى؟ لماذا تجاوز الفراغ الرئاسي السنة والثلاثة أشهر؟ ما هو دورنا وتأثيرنا في اللعبة السياسيّة الداخلية والخارجيّة، ولماذا فقدنا هذا الدور؟

متى نحقّق مصالحة مسيحيّة حقيقيّة تطوي مرحلة الحرب وتؤسّس لمستقبل هذا الوطن؟ هل ما زال النظام اللبناني واتفاق «الطائف» صالحاً، ولماذا لا نطرح اللامركزيّة الموسّعة أو حتّى الفدرالية؟ ما هي مشاريع الأحزاب المسيحية إذا فوجئت بمؤتمر تأسيسي جديد؟ ولماذا يدعم بعض المسيحيين الدويلة على حساب الدولة؟

قد تكون الإجابة عن بعض هذه الاسئلة موجودة، فيما تخضع أجوبة أخرى لميزان القوى الإقليمية والدولية وأحداث خارجة عن الإرادة الداخلية، لكنّ الأكيد أنّ المسؤولية تقع على عاتق الموارنة أولاً، فالحرب الاهلية انتهت منذ 25 عاماً، والجيش السوري خرج منذ 10 أعوام، والوقت حان ليخرج المسيحيون من كبوتهم ويتقدّموا الى الصفوف الأمامية التي لا يملأها إلّا رئيس الجمهورية، اللبناني الانتماء.

من الاشرفية الى كسروان وزحلة وبقية المناطق، تفتقد الساحة اللبنانيّة عموماً والمسيحيّة خصوصاً، مَن تقدّم مسيرة المقاومين الذين وقفوا مع أبناء قومهم يدافعون عن لبنان الحرّ المتحرّر من الاحتلال، ويخوضون المعارك الواحدة تلو الأخرى لتثبيت فكرة الاستقلال اللبناني وتعميقها.

تروي كتب التاريخ أنّ لبنان كان مكسوّاً بغابات الأرز، لكنّ الاحتلالات المتلاحقة وقطع الأشجار جعلت بلد الأرز يتغنّى ببضع غابات، فيحاول حفظها من التخريب البشري، والأمراض والعواصف، لكنّه عبثاً يفعل في بلد كان يوصَف بجنّة الله على الأرض وبات على أبواب الإفلاس، يخسر شبابه، يغرق أكثر وأكثر في الفساد، يفقد حياته الديموقراطيّة، والأسوأ أنه بلا رئيس للجمهورية.
آلان سركيس - الجمهورية -

  • شارك الخبر