hit counter script

باقلامهم - مازن ح. عبّود

سبعون

الخميس ١٥ أيلول ٢٠١٥ - 06:49

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تطفئ الامم المتحدة هذا العام شمعتها السبعين، والبشري في السبعين يدخل طور الشيخوخة فلا يعود ما كان عليه، فهل هذه حال المؤسسات ايضا؟
تطفئ الامم المتحدة شمعتها السبعين وقد تغيّر العالم. نشأت قوى جديدة وقوى اخرى انطفأت وما عادت عظمى، وكراسيها الدائمة وفيتواتها مازالت هي هي في مجلس الامن. فهل عدم تطابق موازين القوى في مجلس الامن مع ارض الواقع سيطيح بحلبة الحوار ويعيد تسطير اخرى ولو بعد مخاض؟ فقد استفاقت دول في آسيا ودخلت منتدى العظام الاقتصادي.
تطفئ الامم المتحدة شمعتها السبعين وقد انجزت اتفاق القوى الكبرى (مجموعة 5+1) مع إيران بشأن برنامجها النووي على امل ان يكون ما انجز مفتاحا لحلول جديدة في الشرق الاوسط. والاتفاق مازال موضوع تجاذب في الولايات الامريكية ما بين الكونغرس والرئيس، وما بين الحزبين الرئيسيين. فهل يشكل الاتفاق مفتاح حلول اضافية في الشرق يحمي حضارته من الاندثار والموت؟
تطفئ المنظمة الدولية شمعتها السبعين والمتوسط يعج بأرتال النازحين المرحلين قصرا عن بلادهم هربا من الموت وبحثا عن امكنة اكثر امنا واستقرارا. لم يعد للحدود من قيمة ولا عادت تقي الشمال موجات نزوح الجنوب. وها هي اوروبا والعالم يدفعان اثمان عدم التدخل في سوريا وكل بقعة طالها ربيع او صيف او خريف لحل الازمات سلميا. المتوسط تحوّل بحر الموت وقصة عبور الى عوالم اخرى. وصارت اوروبا بوجه الخصوص والبشرية بوجه العموم تواجه ازمة اخلاقية وجودية تحت عنوان "النازحين".
اترى من يحمي سوريا والشرق والحضارة؟ من يحمي الفقير والمعذب والمهجر؟ اترى من حمى بابل وتدمر من عبث العابثين؟؟
سبعون عاما، وفي السبعين نسأل:
هل العالم اضحى أكثر امنا ونموا وازدهارا واستقرارا وحرية وعدالة؟ هل انتهى الجوع والظلم وعدم المساواة؟ كيف ستواجه الامم المتحدة الخطر الجديد الداهم على الحضارة البشرية القادم من غرف الطمع في مراكز القرار ومستنقعات الجهل والفقر والحرمان والديكتوريات في ساحات العبث واللهو بالبشر في الشرق الاوسط وافريقيا وكل مكان معذب في الدنيا؟
سبعون عاما وقد انجزت الامم المتحدة ما انجزته من ومضات في مجال مكافحة الاوبئة ونشر ما تيسر لها من سلام وعدل.
سبعون عاما، وفي السبعين تحديات جديدة تحتاج الى زعامات وافكار وقيادات جديدة. وتحديات اليوم خطر داهم يهدد الحضارة الانسانية برمتها. والعالم اضحى متعطشا الى كلمة حق، اضحى متعطشا الى نبوة تخرجه من كبوته. اضحى بحاجة الى توازن في التنمية كي لا تغرق دول بنازحي دول أخرى.
في السبعين تحتاج المنظمة الدولية الى تعزيز مشروعاتها لمكافحة الجهل والفقر والعوز والاوبئة لتأمين أدنى شروط العيش للجميع. وهذا لا يتم من دون تمويل صناديقها من جيوب الأغنياء الذين صاروا يفتقرون الى الإنسانية.
سبعون عاما والرأسمالية بنسختها الحالية قد سقطت، فمن يخرج النسخة الاكمل منها الى الوجود كي يصان الوجود؟ اترى من يخفض حرارة الارض؟ وما الحرارة في لغة الطب الا صرخة الجسم. وحرارة الارض صرختها جراء الطمع والاستعباد المالي والاخلاقي للشعوب حتى الانتحار.
في سبعين المنظمة الدولية يدخل لبنان الى مؤتمر باريس حول الاحتباس الحراري لهذا العام كهلا مقعدا في الخامسة والتسعين، ورائحته ملفات عفنة، وقد استقال بعض وزرائه من مسؤولياتهم دون التخلي عن القابهم وميزاتهم. يدخل المؤتمر مقطوع الرأس ينتظر صدقة من الاقوياء كي يعيدوا الى مؤسساته التوازن. لكن كلا ليس لبنان اولئك انما هو ومضة في بال المنظمة الدولية اخرجت الحق الانساني كلمات.
في السبعين اقف على ضفاف بابل واستذكر الديار، وبابل قد التهمها الوحش على مرأى البشر.
في السبعين اقف واحلم بعالم اكثر عدلا واستقرارا ونموا، كما حلم من قبلي.
في السبعين اصلي الى رب السبعين كي لا يغرب وجهه عن كوكب احبه ويتركه فريسة للوحوش.
في السبعين أصلي كي يبقى البيت الدولي جامعا ويقينا شر الحروب. وآمل ان يتطور كي يبقى ونبقى.
في السبعين أصلي من اجل الحضارة البشرية كي تبقى انسانية، فلا تنزلق في مطبات المعقولية فيلتهمها الطمع.
في السبعين احلم ومن حقي ان احلم...
 

  • شارك الخبر