hit counter script

خاص - ملاك عقيل

عن أمن "الانتفاضات"...

الأربعاء ١٥ أيلول ٢٠١٥ - 06:47

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

من قطوع التاسع من تموز الى بداية "الانتفاضة" الشعبية في الثاني والعشرين من آب ثم في التاسع والعشرين منه، بقي الشارع نسبيا بمنأى عن الفوضى الكاملة.
في مختلف هذه المحطات اختلف إداء القوى الامنية في التعاطي مع طبيعة التحرّك على الارض. الحسابات السياسية حضرت كلها دفعة واحدة في مواجهة مدّ شعبي خوّن منذ اللحظة الاولى والصقت به اتهامات من "العمالة" للسفارات حتى تحميله وزر التأسيس والتمهيد للمؤتمر التأسيسي!
بين التاسع من تموز ومحطات آب "اللّهاب" بتظاهراته، كل الفارق. في المحطة الاولى عشرات العونيين اقتربوا من السرايا فكان الجيش لهم بالمرصاد، بعد ان تراجعت قوى الامن الداخلي الجهة المعنية الاساسية بحفظ الامن الى الخطوط الخلفية.
في التاسع والعشرين من آب، كما تماما مشهد 22 آب، كان الجيش على العكس، خارج منطقة الاشتباك يرصد عن بعد ويتحاشى الاصطدام مع المتظاهرين.
ولتضعضع القوى الامنية والعسكرية في اسلوبها في التعاطي مع تحرّكات فرضت نفسها للمرة الاولى منذ التسعينيات من خارج الاصطفافات الطائفية أسبابه المتعدّدة. أهمها ان الطبقة السياسية لم تكن أمام مدّ شعبي لقوى 14 آذار، أو آخر لقوى 8 آذار. في الحلقات الضيّقة ثمّة من المسؤولين الامنيين والعسكريين من سعى لوضع الامور في نصابها، أمام مشهد نوعي وجديد على الارض يفترض حياله توزيع المسؤوليات في السياسة والامن بشكل مشترك، إن كان داخل قاعة مجلس الوزراء او في غرف العمليات العسكرية.
السبّاق الى دقّ ناقوس التحذير كان وزير الداخلية الذي سعى، ولا يزال، كي لا يتحوّل وسط بيروت، بكل رمزيته السياسية والطائفية، الى ميدان تحاك على أرضه حسابات ابعد من التحرّكات المطلبية بكثير، لتصل الى عمق الحسابات السنّية الصرف، طالما ان رئاسة الحكومة والحكومة، هي من ضمن بنك أهداف منظّمي التظاهرات. واصابع الاتهام والمطالبة بالمحاسبة تتوجّه بشكل اساس الى وزيرين سنّيين داخلها!
مشهد الفوضى والمواجهة والغليان داخل وخارج وزارة البيئة يوم الثلاثاء أتى ليؤكد وجهة نظر البعض: تصويب مباشر على "المشنوقين" في الوقت الذي ارتفعت فيه مجددا الاسوار أمام مبنى السرايا، لكن هذه المرة بوابات حديدية لفصل المتظاهرين عن مقرّ السرايا مع انتهاء العدّ العكسي الذي أعطاه منظّمو الحراك للحكومة.
لكن المواجهة على الارض، وفق المتابعين عن قرب، ليست طائفية او مذهبية. لا مسيحية- سنية ولا شيعية سنية. بكل بساطة هي حركة مطلبية قدّر لها تحت وطأة الظرف السياسي، وتقصير المسؤولين الفاضخ، ان تكبر ككرة الثلج.
كل الحسابات على طاولة المسؤولين ستختلف حين ينزل "شارع عون" او "شارع حزب الله" الى تظاهرة "طلعت ريحتكم" وأخواتها. وهذا ما بات مسلّما به أنه لن يحدث! لكنه ربما قد يحصل في موعد آخر ضمن أجندة الرابية- الضاحية المرتبطة بمواقيت مختلفة تماما... ضرب العونيون موعدا جديدا مع الشارع يوم الجمعة المقبل لن تختلف الادارة الامنية "السلٍسلة" له عن التظاهرة البرتقالية السابقة في ساحة الشهداء.
السؤال الاتي هو الاهمّ؟ ماذا لو انفلش متظاهرو "طلعت ريحتكم" أكثر في وسط العاصمة، وارتفع عدّاد المشاركين في التحرّكات المطلبية؟ ماذا لم تمكّنت الارض من اجتذاب المزيد من الحانقين على الدولة والنظام الطائفي والحكومة البائسة؟
المعنيون يقاربون الامور من زاويتين أمنية وسياسية. في الامن القرار المتّخذ، تحديدا منذ اجتماع مجلس الامن المركزي إثر مواجهات 29 و30 آب، هو تجنّب الاصطدام التام مع البلوك الشعبي، وهذا ما ترجم أيضا في نهار وزارة البيئة الذي تجنّبت خلاله العناصر الامنية قدر الامكان التعاطي الخشن مع المتظاهرين، الى ان اتى القرار بإخراجهم بالوسائل المتاحة من مبنى الوزارة، ما أوقع بعض الاصابات المحدودة في صفوفهم.
المنّدسون لهم حساباتهم المغايرة. يقول أحد الامنيين "متى عرف من يحرّك هؤلاء تصبخ المهمة أسهل علينا بكثير". في السياسة، تبدو حكومة تمام سلام أمام مفترق صعب، لكن الاستقالة غير واردة على أجندتها لكثير من الاعتبارات الداخلية والخارجية.

 

  • شارك الخبر