hit counter script

مقالات مختارة - مادونا سمعان

الجهات الضامنة لا تعترف بالسبل الناجحة للعلاجات النفسيّة

الثلاثاء ١٥ أيلول ٢٠١٥ - 07:24

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

يعاني واحد من كل أربعة أشخاص في لبنان من مرض نفسي، بحسب دراسات «جمعية إدراك»، ما يعني أن نحو مليون لبناني على الأقلّ هم بحاجة إلى واحد من طرق العلاج النفسي، أو حتى الاستشفاء.
في المقابل، ووفق إحصاءات قوى الأمن الداخلي، ينتحر لبنانيّ كل ثلاثة أيام، بينما تقدّر حالات محاولات الانتحار بخمس عشرة كل ثلاثة أيام.
تشي تلك الأرقام بأن فاتورة العلاج النفسي في لبنان عالية جداً، إذا كان معظم المصابين يخضعون فعلا للعلاج المناسب. إلا أنّ الواقع يُظهر أنّ المشكلة أساسيّة ومستشرية، كما يشرح الطبيب المختصّ في العلاج النفسي الدكتور جوزف الخوري، مؤكّداً أن هناك مرضى نفسيين كثيرين لا يخضعون للعلاج، أو على الأقل لا يكملونه، بسبب كلفته المادية المرتفعة.
فعلى الرغم من أن الدولة اللبنانيّة تغطّي كلفة العلاج النفسي أسوة بالحالات المرضيّة الأخرى، إلا أن تلك التغطية تستثني الاستشفاء إلا في «مستشفى دير الصليب»، كما تستثني كلفة المُعالَجة النفسيّة التي تكون أساسيّة في معظم المرّات وكلفتها مرتفعة. أمّا شركات التأمين الخاصّة فلا تعترف بالمرض النفسي ولا تغطيه، باستثناء شركة واحدة.
ويشير الخوري، إلى أنّه على عكس ما هو سائد، فإن تقديمات قطاع التأمين الخاص في لبنان لا ترقى إلى مستوى تقديمات القطاع العام في المجال، «ما يؤدي إلى توقّف المرضى عن الخضوع للعلاج بما يعنيه ذلك من تردٍّ لصحّتهم النفسية والجسدية».
وتشرح فرح يحيى، الباحثة وعضو صندوق «Embrace» التابع لـ «الجامعة الأميركية في بيروت»، أنّ «الدولة اللبنانية تؤمن تغطية العلاج النفسي بالطريقة نفسها التي تغطّي بها الحالات المرضية الأخرى، من خلال الضمان الاجتماعي ووزارة الصحّة وتعاونية الموظفين والجهات الضامنة للجيش والقوى الأمنية..».
حتّى أنّ الجهة الضامنة لقوى الأمن الداخلي، وهي كانت الوحيدة التي تستثني علاج محاولات الانتحار الناتجة من مرض، تخلّت عن الاستثناء منذ سنة ونصف السنة، لتبقى الثغرة الأساسية بحصر وزارة الصحة تغطيتها الاستشفائية في ما خصّ العلاج النفسي بـ «مستشفى دير الصليب»، «الأمر الذي يدفع كثيرين إلى التهرّب من العلاج كون المستشفى يعالج الحالات النفسية الصعبة»، وفق الخوري.
ويروي الطبيب الشاب أن بعض المرضى يثابرون على العلاج، لكن حين تتم إحالتهم إلى المستشفى ينكفئون «حتى أن منهم من يعبّر بصريح العبارة عن عدم قدرته على تكبد المصاريف»، لافتا إلى أنّ «كلفة العلاج لأسبوع واحد في المستشفى تبلغ كمعدّل وسطي نحو ثلاثة آلاف دولار، وهو ما يردع عددا كبيرا من المرضى عن الخضوع له».
ومن البديهي أنّ لوقف العلاج، كما يشرح الخوري، «ذيولا وخيمة على صحة الفرد ومحيطه يمكن أنّ تؤدّي إلى خسارته لوظيفته ونشاطه، في حين أن علاجه لمدّة أسبوع في المستشفى كاف لإنقاذه وشفائه. وفي الغالب نجد أن أبناء الطبقة الوسطى عاجزون عن تلقّي العلاج في ظلّ غياب التأمين».
ويوضح الخوري أن كلفة العلاج لدى الطبيب النفسي تصل إلى نحو خمسمئة دولار في الشهر مع الأدوية، مؤكداً أن حال المرضى الذين هم بحاجة إلى متابعة من قبل معالجين نفسيين لا أطباء، صعبة جداً، لأن كلفة المعالَجة النفسية لا تغطيها أي جهة ضامنة، خاصةً كانت أمّ عامّة.
أمّا يحيى فتشرح أنه، من خلال دراسة خاصة تمت بإشراف «الجامعة الأميركية في بيروت»، تبيّن أن شركة تأمين واحدة في لبنان تقوم بتغطية كلفة علاج الأمراض النفسية، على ألا تتعدّى الكلفة الخمسة عشر ألف دولار، وفترة العلاج الثلاثين يوما.
«وهناك أيضّاً 14 شركة فقط أُرغمت على تغطية بعض العلاجات النفسيّة نزولاً عند رغبة عدد من أرباب العمل والشركات لدى التفاوض على بوالص التأمين الجماعية».
وتلفت الباحثة إلى أن الشركات غالباً ما تخشى قيمة التكاليف العالية التي يمكن أنّ تتكبدها جرّاء تغطية العلاجات النفسيّة، على الرغم من أنّ الإحصاءات العالمية تشير إلى أنّ كلفتها لا تزيد على البوليصة الفردية أكثر مما يتراوح بين الدولار الواحد والدولارات العشرة حداً أقصى.
ويوضح الخوري أن نقابة الأطباء، مثلا، فرضت على شركة التأمين المتعاقدة معها إدراج الأمراض النفسية ضمن لائحة الامراض التي تغطيها، لا سيما أن «العلاج النفسي ليس ترفاً ويرتبط ارتباطا وثيقا بسائر الأمراض الأخرى».
 

  • شارك الخبر