hit counter script

مقالات مختارة - ألان سركيس

التأزّم والشارع عطّلا ذكرى «لبنان الكبير»

الثلاثاء ١٥ أيلول ٢٠١٥ - 07:20

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

تمرّ ذكرى ولادة لبنان الكبير بشكل عابر كلّ سنة من دون أن يدرك اللبنانيون ماهية هذا العيد، أو أن يدخل روزنامة الاعياد الوطنية الرسميّة، من إستقلال الى شهداء، فمقاومة وتحرير...

لم يكن إنشاء لبنان الكبير في 1 أيلول 1920 وليد صدفة، أو مثلما إعتبره البعض سابقاً أنه خطأ تاريخي، أو زاوية جغرافيّة إضطّر مهندسو الخرائط السياسيّة بعد الحرب العالمية الأولى الى رسمه لكي تستقيم خريطة المنطقة الجديدة، بل إنّ لبنان الكبير أتى بعد نضالات وتضحيات كبيرة قادها بطاركة الموارنة من البطريرك الأول يوحنا مارون وصولاً الى البطريرك الياس الحويّك الذي عزف جيداً على أوتار السياسة الدوليّة، وإستفاد من العلاقات التاريخية بين الموارنة وفرنسا لينتزع بلداً قابلاً للحياة، بجباله وسهوله وبحره وآثاره وشعبه المتنوّع طائفياً.

بعد 95 عاماً على إعلان الجنرال غورو من قصر الصنوبر ولادة لبنان الكبير، نرى أنّ هذا البلد بلا رئيس للجمهورية يديره، بعدما كان هذا المنصب حجرَ الأساس في بناء الدولة القوية والمزدهرة والحرّة، بينما تُشلّ بقية المؤسسات وتتوقّف عن العمل وكأننا عدنا الى ما قبل إمارة الجبل.

هذا الوضع المتردّي تُرجم عملياً من خلال إعلان «لجنة المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير» تأجيل الاحتفال بالذكرى 95 لإعلان دولة لبنان الكبير، الذي كان سيستضيفه السراي برعاية الرئيس تمام سلام اليوم. ويعود السبب الأول لهذا التأجيل الى وضع البلد عموماً، والتظاهرات والإعتصامات التي تنظّم في ساحتَي رياض الصلح والشهداء.

وقد تواصل سلام أمس الاوّل مع القيّمين على اللجنة، وتمنّى عليهم إلغاء الإحتفال لأنّ وضع البلد لا يسمح بالإحتفالات خصوصاً مع تأزّم الوضع السياسي والذهاب نحو التصعيد في وقت يحاول القيام بكلِّ ما يستطيع من أجل عدم الذهاب الى الهاوية، فتجاوبت اللجنة مع تمنّيات سلام، وقرّرت تأجيل الإحتفال، علماً أنّ السراي الحكومي يتّجه نحو تأجيل نشاطات وإحتفالات كثيرة كانت ستحصل داخل حرمه ويرعاها سلام.

حتّى الإحتفال بولادة هذا الوطن باتت صعبة في ظلّ التصعيد السياسي المرتبط بالنزاعات الخارجيّة، إذ لا تظهر في الأفق أيّ بوادر حلّ للأزمة، على رغم أنّ اللعبة الأمنية تبدو مضبوطة في الشارع بعد تظاهرة السبت في ساحة الشهداء وإنتقال قسم من المتظاهرين الى رياض الصلح، وممارسة المندسّين شغبهم المعهود.

لا أحد يعرف الى أين تذهب الأمور، مع أنّ السيناريوهات المتوقّعة هي الوصول الى تسوية سياسية تنتج رئيس جمهورية بعد التصعيد المرتقب، وفي هذا الوقت تنتظر الساحة اللبنانية الحوار الذي يحتاج الى رعاية خارجية لكي ينجح.

تظاهرات، صدامات في الشارع، سقوف عالية لمطالب سياسية متضاربة، أزمة إقتصادية خانقة تلاقيها أزمة حياتية ومطلبية تبدأ بالنفايات ولا تنتهي بالكهرباء وعائلتها.

وفي هذه الأجواء يُحيي لبنان عيد ميلاده، في حين أنّ البعض يتحسّر على حقبة الإنتداب الفرنسي التي بنت المؤسسات، من رئاسة جمهورية الى مجلس نواب ومرافق عامة وطرق ومشاريع إنمائية، لنصل بعد 95 عاماً وقد ذهب الإرث الفرنسي أدراج الريح وحلّت مكانه مخلفات الطائفية والحقد المذهبي، وآثار الحرب الاهليّة، وتركة الحكم السوري الذي كان إحتلالاً دمّر المؤسسات وقضى على اللعبة الديموقراطية وكرّس الزبائنية والمحاصَصة والفساد بتعاون من الداخل.

يردّد الشاعر الراحل سعيد عقل بأنّ عمر لبنان هو 7000 سنة وليس 6000، وهنا يتحدّث عقل عن لبنان منذ بدء التكوين، لكنّ الشكل الحالي لهيكله المؤسساتي ظهر في عمر الـ95 مهترئ وغير قابل للحياة، فكيف سيصبح بعد حين، وهل سيبقى لبنان بشكله الحالي او إنه ذاهب نحو التقسيم، وماذا عن دور الموارنة المؤسسين بعدما عطّل قسم منهم إنتخابات الرئاسة حتى الساعة نتيجة تشبّثهم بالكرسي؟
 

  • شارك الخبر