hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ناصر زيدان

ايادٍ خفية تدفع لبنان نحو الفوضى

الإثنين ١٥ آب ٢٠١٥ - 07:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

بصرف النظر عن احقية بعض المطالب التي حملها المعترضون على الاخفاق الحكومي في معالجة ملف النفايات. ومهما كانت الوجهة التي ستسير فيها الامور بعد التحركات التي حصلت في بيروت وسادها شغبٌ مُخيف. تتساءل اوساط سياسية مراقبة عن الخفايا التي تقف وراء جزء من هذه التحركات، والتي وصلت الى حد إثارة الفوضى، بعد ان انخرط في موجة الاعتراض خليط غريب عجيب من القوى السياسية والحزبية، وبعض من المجموعات المعروفة بصداقاتها مع سفارات اجنبية، ومع شركات تجارية لها مصالح مالية مرتبطة بملف النفايات، مما اجهض التحرك الاول، واضاع الفرصة على اصحاب النوايا الحسنة من الناشطين، وخصوصاً من طلاب الجامعات، الذين ليس لديهم هدف، سوى اصلاح الاعوجاج في الدولة، وتصويب انحرفات اغلبية من المسؤولين.
الاوساط المحايدة ذاتها؛ تتساءل: لماذا لم تتحرَّك هذه المجموعات الدخيلة اعتراضاً على الكارثة التي يعاني منها المواطنون من جراء انقطاع التيار الكهربائي. ولماذا لم تواكب اغلبية هذه المجموعات - التي ظهرت فجأةً - حملة سلامة الغذاء التي كانت بمثابة الثورة على الفساد الذي كان يُعشعش في القطاع الصحي على مدى سنوات. والحملة انجازٌ يُسجل لحكومة الرئيس تمام سلام برمتها وليس لوزير الصحة فقط.
والاسئلة تتزايد على خلفية إندفاعة الشغب التي حصلت في وسط بيروت للمطالبة بإسقاط الحكومة. فلو يذهب المتظاهرون الى امام منازل النواب الذين يقاطعون جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، لأختصروا الطريق، لأن انتخاب رئيس جديد يؤدي فوراً الى اسقاط الحكومة. ولماذا لا يذهب هؤلاء النشطاء ايضاً، الى التظاهر امام منازل الذين يمتنعون عن توقيع المراسيم الضرورية المُتعلقة بحياة المواطنيين، والذين يُعطلون سير العمل الحكومي، وبالتالي تعطيل خطة الحل النهائي لمسألة النفايات. علماً ان فترة السماح التي أُعطيت للحكومة من قبل القيادات السياسية والفعاليات البلدية المؤثرة حول مطمر الناعمة، تم استهلاكها من خلال افشال جلسات الحكومة منذ بداية العام 2015 حتى 17 تموز/يونيو.
وتسترسل الاوساط السياسية المُحايدة في التساؤلات؛ قائلةً: ما هو الهدف المخفي وراء مهاجمة السرايا الحكومية، واستطراداً، وسط بيروت. علماً ان الرئيس تمام سلام ابدى كل تجاوب مع المطالب المُحقة، وطلب من لجنة من المعتصمين مقابلته، لكنهم رفضوا، مما اوحى كأن بعض التحركات هي بمثابة استكمال لما قامت به المواكب السيارة بداية الشهر. وبعض القائمين بالتحركات يحملون امتعاضاً قديماً من شركة "سوليدير". علماً ان الضائقة التي يشكوا منها اللبنانيون، ناتجة عن تراكم إهمال وتعطيل لمؤسسات الدولة منذ سنوات، كما ان جزءً منها ناتجٌ عن الضغوطات الامنية والاقتصادية من جراء الاحداث الحاصلة في سوريا والعراق، وتدخُلات بعض الاطراف اللبنانيين في هذه الاحداث.
واستغربت الاوساط محاولات كسر هيبة الجيش وقوى الامن الداخلي، واستفزاز عناصرهم وسط بيروت، من خلال محاولة سحب البنادق الحربية منهم، او صفعهم، وبالتالي اجبارهم على الرد على هذه التحرشات، واستغلال الامر لرفع الصوت، والقول ان هناك تضييق على الحريات العامة، علماً ان المعايير الاوروبية او الاميركية لحقوق الانسان، لا توافق ابداً على الحاق الضرر بالقوى المُكلفة حفظ الأمن – حيث سقط من هذه قوى اكثر من 96 جريحاً وسط بيروت – من جراء الضربات التي اصابتهم من بعض المتظاهرين الدُخلاء. وكسر هيبة القوات العسكرية الشرعية، ليست ابداً في مصلحة المُجتمع المدني الذي سيصبح فريسة المُتطرفين من كل الاطراف، على شاكلة"داعش" او الميليشيات المُسلَّحة الأُخرى" كسرايا المقاومة" فيما لو قوِّضت قدرة القوى الشرعية في ضبط الامور.
قد يكون مُبكراً الحُكم النهائي على تفاصيل ما جرى وسط بيروت، لكن المؤكَّد ان هناك ايادٍ خفية تعمل على اسقاط الدولة، وليس فقط اسقاط الحكومة، ولهؤلاء اهداف شخصية، او عقائدية، تتعارض مع مصالح الاغلبية الساحقة من اللبنانيين. كما ان المؤكد ايضاً ان هناك مطالب شعبية مُحقة يجب تلبيتها قبل فوات الاوان، ولا تغطي عورات المسؤولين تهجمات عشوائية على المتظاهرين. وبعد فوات الأوان لن تغفر الناس للذين يزايدون في رمي الكرة في ملعب غيرهم، بينما هم شركاء اساسيين في الويلات التي تعيشها البلاد، اذا لم نَقُل السبب الرئيسي لها .

 

  • شارك الخبر