hit counter script

أخبار محليّة

جريصاتي: تظاهرة الجمعة ربط نزاع مع الحكومة

الإثنين ١٥ آب ٢٠١٥ - 03:01

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يَجمَع عضو تكتل التغيير والإصلاح الوزير السابق سليم جريصاتي بين السياسة والقانون والدستور بطريقة مماثلة ويشكل حديثه في كل مرّة عنصراً جاذباً وفي معظم الأحيان عنصراً مقنعاً، وتتحوّل معظم الجلسات معه إلى دروس للاستفادة من الماضي والحاضر والمستقبل. وفي حديثه إلى «اللواء» تحدث عن الصح والخطأ، ولفت إلى ان رئيس التكتل العماد ميشال عون ربط النزاع مع الحكومة في تظاهرة يوم الجمعة المقبل، معلناً ان هذا الأسبوع هو أسبوع اتاحة الظروف للجميع لإعادة قراءة الموقف.

وإذ رأى ان غياب وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله والمردة والطاشناق عن مجلس الوزراء حقق أهدافه، أكّد ان أي غياب جديد له ظروفه، مشدداً على ان عودة الوزراء ستكون اصح بالمفهوم الميثاقي والدستوري.
وقال: لا نريد ان نترك حكومة ضمن ممرها الإلزامي ولا مجلس النواب لأننا الممر الإلزامي للتشريع ولن نعطي هدية الاستقالة لأحد مقابل لا شيء.
وأعلن ان مبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم تحرّك الوضع الحكومي والمجلس النيابي، داعياً رئيس مجلس الوزراء تمام سلام للعودة «فشخة» إلى الوراء وتفعيل عمل الحكومة وتسيير هذه المبادرة وطرحها في مجلس الوزراء. واضاف: نحن جزء من صناعة القرار الإجرائي ومن صلاحيات الرئيس لكن تم توقيع المراسيم من دوننا. وأكّد أهمية قيام سلام الشجعان والاقوياء لإنقاذ لبنان وإنجاز التوافق من فوق، مشيراً إلى ان بكركي تريد رئيساً أولاً وقبل كل شيء، مشيراً إلى ان المرشح الأقوى لرئاسة الجمهورية في المكون المسيحي هو العماد عون وهذا ما يدركه رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ولجنة بكركي.
في ما يلي نص الحوار مع الوزير السابق جريصاتي:
أجرى الحوار: د. عامر مشموشي وكارول سلوم
{ هل كان الهدف من غياب وزراء التيار الوطني الحر عن جلسة مجلس الوزراء تسهيل عمل الحكومة لتمرير بعض المشاريع الضرورية، أم انه موقف مستمر من الحكومة؟
- في الحقيقة، الهدف هدفان، الهدف الأوّل بالتأكيد امتعاض ومرارة من التعنت، لأننا سعينا من ضمن أجواء حوارية معينة، وسعى العماد عون إلى إيجاد مساحة مشتركة في موضوع آلية ممارسة الحكومة لصلاحيات رئيس الجمهورية خلال خلو سدة الرئاسة، عندما قدمنا وقتها تنازلاً مهماً سُمّي «التوافق المرن» اثر اعتكاف الرئيس تمام سلام لأسابيع، واعتبرنا اننا قطعنا مسافة نحو هذا التوافق وقبلنا به، ثم كان هناك اتفاق سار على توقيع المراسيم العادية، على ان يوقع رئيس مجلس الوزراء والوزراء جميعاً مكان رئيس الجمهورية الذي خلت سدة رئاسته.
كنا نسير وفق هذا الاتجاه، ثم حصل هذا الانقلاب في الموقف، والذي تبين لنا انه لم يحصل اقصاء في السياسة فحسب، إنما في الموضوع الميثاقي الدستوري، واعتبرنا انه حصلت مخالفة هنا. إذاً امتعاض ومرارة واعتراض وترجمة هذا الاعتراض بموقف بين موقفين، الاستقالة من الحكومة أو المشاركة والصمت، أي تكرار مشهدية صدام داخل الحكومة بين رئيس مجلس الوزراء والأكثرية الحاكمة داخلها وبين المكونات الأربعة أي التيار الوطني الحر والمردة والطاشناق والحليف المقاوم. اما الهدف الثاني فكان أسمى. أردنا ان نقول لهذا الفريق اننا سنغيب فتهيبوا الموقف، أي ان تقيسوا بمقياسكم وبقاموسكم وبخطابكم وبمواقفكم ماذا يعني غياب التيار الوطني الحر والتكتل والحزب الحليف المقاوم عن جلسة مجلس الوزراء. وقيل كلام كبير في الجلسة سواء من قبل وزيري الحزب الاشتراكي أو وزيري «امل»، وكذلك من قبل الفريق الأكثري. هناك وزراء عبروا عن نوع من الاتهام بالتخلي عن المسؤولية الوطنية، آخرون قالوا ان هذا تعدٍ وهو أمر غير مقبول. ولكن تبين ان هذه الأكثرية باشرت بجدول الأعمال وتم اتخاذ قرارات، لم نكن ضدها في الأصل، إنما ضد تراتبيتها وليس مضمونها، لكنهم ادركوا ان في الأمر جللاً وبالتالي فإن هذا الهدف السامي تلاقى مع عنوان الجلسة التي اعطاها الرئيس سلام وهي «للصبر حدود». فتركنا صبر الرئيس سلام من دون حدود ولم نقدم له الذريعة. كما أعطيت للرئيس نجيب ميقاتي في الماضي ذريعة كي يذهب إلى ابغض الحلال، وفي الوقت عينه، افهمناه انه ليس هكذا تكون الأمور بدليل ان الهدفين تحققا، والتواصل تمّ بشكل مباشر بعد جلسة الحكومة من قبل قطبين، طبعاً الرئيس نبيه برّي بادر إلى طرح عدم جواز توقيع المراسيم العادية من دون 24 توقيعاً، وهو أمر كان يقوله منذ البداية، وقال ان الإقصاء لا يصح، وإذا كان بعض الغياب مبرراً فإن الوجود قد أنتج بعض القرارات الحياتية الأساسية أي عاد الرئيس برّي إلى دوره التوفيقي والمحبب إلى قلبه، ونحن لم نعترض ولم نرفع الصوت عالياً ضد بقاء وزيري أمل داخل مجلس الوزراء، لكي نترك للرئيس برّي هذا الهامش من التحرّك بعد ان ضاقت هوامشه في المدة الأخيرة ووصلت المرارة إلى مستوى عال في علاقته مع العماد عون.
إذا هذه الأهداف تحققت من الغياب، وكانت هناك إمكانية في إلاَّ تتحقق فيما لو حضر الوزراء الغائبون، كما كانت هناك إمكانية في تكرار مشهد الصدام مع رئيس مجلس الوزراء بسبب عدم التوافق على المقاربة الحكومية ومصير المراسيم الـ24 والاصرار على وضع حدّ للمخالفات التي حصلت بشأن التعيينات الأمنية والعسكرية. قرارنا في الغياب عن الجلسة كان حكيماً، اما بالنسبة إلى المستقبل، فإن الظروف نفسها تنتج المواقف نفسها مع فرق بأن العماد عون أطلق مبادرة هذه المرة وربط النزاع مع الحكومة في تظاهرة يوم الجمعة المقبل. أي اننا احتطنا أكثر هذه المرة للوضع وأبدينا حسن نية بأننا لم نحضر وقالها العماد عون في مبادرته اننا لن نستقيل من الحكومة، وأرسل رسالة قوية لرئيس الحكومة ولأطراف الحكومة في الأكثرية الحكومية ومن ثم ربط النزاع مع الحكومة في تظاهرة الجمعة، وافسح في المجال لأسبوع بهدف التفاعل مع هذه المبادرة، وقد بدأت بوادرها مع رئيس مجلس النواب ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وأعتقد انه باستثناء الرجلين يمكن ان يحصل تفاعل من قوى أخرى، والعماد عون زار البطريرك الراعي وشرح له المنحى الجديد في خطورة التوقيع على المراسيم العادية وأخطاراً أخرى تتهدد الدولة، وكان الاجتماع على قدر كبير من الصراحة، واعتقد ان هذا الأسبوع قد يُشكّل أسبوع اتاحة الظروف للجميع لإعادة قراءة المواقف، ونحن ربطنا النزاع ووضعنا بمثابة الفاصل الزمني بين موقفنا المنفتح والمبادر مجدداً ودوما، وبين فشل المساعي التي يمكن ان تؤدي إلى مساحة مشتركة من التفاهم.
{ هل يمكن ان يؤدي ذلك إلى عودة اقوى للوزراء المعترضين؟
- ما فهمناه هو ان لا جلسة هذا الأسبوع، وأن الأمر متروك للمشاورات وللاتصالات، العودة لن تكون اقوى إنما أصحّ بالمفهوم الميثاقي والدستوري. نريد الدخول إلى حكومة، نريد ان نكون شركاء كاملين فيها، ولا نريد ان نترك حكومة نحن ممرها الإلزامي وفق ما قال سماحة السيّد حسن نصر الله، ولا رئاسة نحن ممرها الإلزامي ولا مجلس نواب، بعدما طالبونا بالاستقالة، لا، لن نعطي هذه الهدية لأحد مقابل لا شيء، سنبقى في مجلس النواب لأننا الممر الإلزامي للتشريع أيضاً وإلا فكيف سيتم التشريع ما لم يتوافق المسيحيون حوله، سواء في دورة استثنائية أو في دورة عادية. لأن الدورة الاستثنائية تحتاج إلى مرسوم يُحدّد برنامجها في حين ان الدورة العادية تتطلب دعوة رئيس مجلس النواب اعتباراً من أوّل ثلاثاء بعد الخامس عشر من تشرين الأوّل، وهذا يبقى رهن اشتراكنا، وإن لم نشترك مع سائر الأطراف السياسية المسيحية، فستكون هناك إشكالية في الميثاقية، وهذا أمر يدركه الرئيس برّي الذي سبق ان جربه عند غياب تيّار المستقبل عن جلسة قانون الانتخاب.
{ هل يفهم من ذلك ان الشروط السابقة التي وضعها التيار في تسهيل عمل الحكومة في ما خص تعيين قادة الأجهزة الأمنية وتحقيق المشاركة سقطت وأصبح وجود وزراء التكتل عادياً وغير مرتبط بها؟
- على الإطلاق, هذه الشروط لا زالت قائمة لأنها لم تأت من الاستنسابية أو العدم، بل هي نتيجة التفسير الصحيح للميثاق والدستور، لم نبتدع شروطاً تعجيزية بهدف التعطل، من عطل تعطل مفاعيل تعطيله، قلنا ان هذه الحكومة اخلاقية تمارس بالإضافة إلى السلطة الاجرائية صلاحيات رئيس الجمهورية بالكامل، إذا هي مكتملة الاوصاف الدستورية كي تبادر إلى التعيين، نحن لم نقل إما مرشحنا وإما التفجير. لكن هناك مرشحاً لنا ندعمه على رأس السطح.
نحن نمثل الحيثية الأقوى في المكونات، ولنا الحق في ان نرشح كما يرشح سوانا، لم يتم تلقف الرسالة، صنعوا مسرحية الأسماء والوقت الضائع والظروف إلى ان ذهبوا إلى التمادي في المخالفات الشهيرة إلى ما يسمى بالقرارات المتعلقة بتأجيل التسريح والصادرة عن الوزيرين المختصين، وكانت المبادرة المشكورة للواء عباس إبراهيم، في الصياغتين الأساسية والمعدلة سواء تعديل المادة 56 من قانون الدفاع مع ترشيق المؤسسة والتعديلات التقنية أو مبادرة الألوية، لم نقل كلا، وهنا سهلنا. لم يتبدل الهدف الذي يقوم على شرعنة القرار وسلوك الدرب الصحيح في ما خص التعيينات العسكرية والأمنية، ولا يقوم الهدف على تعطيل الحكومة بسبب هذه التعيينات، وقلنا ان التعيين هو ما ينص عليه الدستور، اما إذا لم يتم لأكثر من سبب، فهاتكم هذه المبادرة فاعتمدوها كمشروع قانون وأرسلوها إلى مجلس النواب كي نعتبرها من ضمن تشريع الضرورة، لأنها تشرعن مواقع قيادية عسكرية وأمنية، نحن بأحوج ما نكون إلى شرعنتها في هذه الظروف، وقلنا نحن معكم. وقف التعيين وحاولوا مرّة أو أكثر وأد مبادرة اللواء عباس إبراهيم الأولى وتعدلت المبادرة، وبدأنا بالحديث عن ألوية، ولم نرفض ذلك، وقلنا احذروا الرشوة الوظيفية ولا تتجهوا نحو الشخصنة، إنما عمموا. تريدون إعطاء حظوظ وكأنكم تعوضون عن أخطاء ارتكبت بحق قادة يستحقون ان يكونوا قادة للجيش، نعم أيدوا ارساله بمشروع قانون إلى مجلس النواب، وقيل ان هذه المبادرة تحل مشكلة البند الأوّل في كل جدول أعمال، وهو وضع حدّ للمخالفات الدستورية والميثاقية في تعيين القادة الأمنيين والعسكريين. وإن لم نتمكن من فعل ذلك عبر التعيين الذي يعد المسلك الطبيعي في حكومة المصلحة الوطنية والحكومة الائتلافية، اذهبوا باتجاه المبادرة الأولى وإن رفضتم تعديل المادة 56، اذهبوا الى المبادرة الثانية لأنه من شأن هاتين المبادرتين تحريك الوضع الحكومي وتحريرنا من الشرط الأوّل، أي وضع حدّ للمخالفات وتحريك مجلس النواب لأن يذهب إلى تشريع الضرورة ويقر مشروعاً كهذا.
{ ولكن كتلة التغيير والإصلاح وبعض المكونات تطالب بأن يضم جدول أعمال تشريع الضرورة في البنود الأوّل قانوني الانتخابات النيابية واستعادة الجنسية، وإلا فلن تشارك في المجلس، وهناك خلاف حول ذلك، كما ان مبادرة اللواء عباس إبراهيم دونها عقبات مالية فلماذا تطلبون المستحيل إلا إذا كان هناك قرار بتعطيل الحكومة؟
- لم نكن وراء إطلاق مبادرة اللواء عباس إبراهيم، كانت موجودة في الدرج تحت عبارة «للتريث»، وعندما طرحت علينا كي لا نقول لا لكل المسالك التي من شأنها ان تشرعن أوضاع القادة الحاليين الأمنيين الذين عينوا بمخالفات صريحة للدستور والقانون، قال العماد عون نعم للواء إبراهيم، هذه ليست بمبادرتنا، لا زلنا نقول بالتعيين، ثم عندما نظرنا إلى النصوص، وهناك قائد جيش سابق يُدرك عن الجيش، قال عن التخمة والكلفة، فرشقنا النصوص متفادين التخمة في المواقع القيادية العليا، أي ما يشمل ذلك اللعب على سنوات الترقيات ولم يتم المس بسنوات الخدمة بحيث بقيت كما هي، وأصبحت الرتبة من عقيد إلى عميد 7 سنوات، ولا بدّ ان تكون الرتبة مقترنة بوظيفة.
{ أي الترقيات؟
- كلا، دخلنا إلى موضوع المدة الزمنية للترقيات من دون المس بسنوات الخدمة، تحدثنا عن رفع سن التسريح الحكمي، وهذا يؤدي إلى التخمة من فوق، دخلنا في عملية ترشيق وما يسمى عدد سنين استحقاق الترقية وعمدنا إلى إطالته ومن ثم دخلنا إلى تغيير الهيكلية، أي إذا كان أحدهم مستحقا للترقية ولا يملك الوظيفة، ينال الترقية لكن يجري تسريحه، أي اننا ربطنا الرتبة بالوظيفة، فترشقت المؤسسة وزادت الأكلاف لأن هناك عمداء كثر في جيش كجيشنا.
وفي العدد الحالي، هم كثر، وقالها العماد عون للواء إبراهيم بأن ذلك قد يُشكّل حلاً مثالياً، ويؤدي إلى تحريك الحكومة ومجلس النواب لكن لا يمكن القبول ان يتم ذلك على حساب قائد الجيش سواء في ما خص التخمة والكلفة، رشقنا النص وعندما تمّ المجيء إلى قادة الأوّلية، فإن وظائفهم قائمة، وقالوا بقادة المناطق والمعاهد، لم نضف كلفة إضافية على الجيش، لذلك هي حجة ساقطة وهي حجة الرئيس فؤاد السنيورة، اما ان نريد ان نعطل الحكومة، فهذا خطأ لأنه بمجرد اننا سرنا بمبادرة اللواء إبراهيم انقذنا الوضع الحكومي من مأزق حول كيفية الشرعنة، لأنهم يُدركون انهم ارتكبوا مخالفة، لا يمكن لا في الدستور ولا بمقتضى المادة 55 من قانون الدفاع الوطني الذهاب إلى تأجيل تسريح القادة الأمنيين. اما وقد أصبح ذلك ممكنا بعد تمادي المخالفة، وجدنا في هذه المبادرة حلاً يشرعن قياداتهم وتعييناتهم، وتأجيل تسريحهم. لم نسع إلى الحل لأجلنا، في الوقت نفسه أرادوا الاعطاء لبعض قادة الأولوية المميزين حظوظاً متكافئة كي لا يدفعوا اثمان هذا التسريح التعسفي، فارتضينا وقلنا بشرط عدم الشخصنة، لأن مرشحنا رفض الرشوة الوظيفية وتأجيل التسريح، لم يرغب بالدخول إلى قيادة الجيش من الباب الخلفي، نحترم مرشحينا وهم بدورهم يحترمون قياداتهم ومؤسساتهم.
بغياب الرئيس الذي اقسم اليمين للمحافظة على الدستور، ما انتقل من صلاحياته إلى الحكومة هي الصلاحيات غير اللصيقة بشخصه، والخاضعة للاستنساب وتمارس في مجلس الوزراء الذي يُشكّل هيئة جماعية اناط بها الدستور السلطة الاجرائية، ولو كانت المادة 65 من الدستور ستطبق بالتوافق أولاً وبالاكثرية الموصوفة في المواضيع الـ14 الأساسية أو بالاكثرية العادية في سائر المواضيع، لكانت نصت على حالة خلو سدة الرئاسة، ولما كانت هناك من مادة مستقلة وهي المادة 62 التي تنيط بمجلس الوزراء ممارسة الصلاحيات عن الرئيس. عندما يُؤكّد الرئيس برّي والفقهاء والدستوريون وأرباب الطائف ان المراسيم العادية تحتاج إلى توقيع الـ24 وزيراً، فكيف يمكن لمرسوم عادي ان يحتاج إلى 24 توقيعا وأن يتم الاكتفاء بالاكثرية العادية أو الأكثرية الموصوفة في المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء.
وعلى مَن ستمر هذه الهرطقات؟ على حراس الهيكل، متى قلنا اننا حراس الهيكل، كان المقصود بذلك مجموعة مجلس الوزراء، مثلي مثل أي وزير انا جزء من الرئيس، لم نقل اننا الرئيس، قلنا شاركونا في القرارا لأنه من خلالها نمارس ونقدم بعض التنازلات في المواضيع غير الميثاقية والحساسة، لكن لا نمرر لبعضنا البعض ونعمد إلى توقيف أمور لبعضنا البعض لتقطيع مرسوم. هذا ما يسمى بالحكم الرشيد أو المسؤول، نجح تمام بك سلام في إدارة هذا الملف في الشهور الأولى من عهده، فماذا حصل حتى انقلبت المقاييس؟
{ تحدثت عن مساع للرئيس برّي وللنائب وليد جنبلاط لمعالجة الأزمة الحكومية، وهي تتمحور حول إعادة المراسيم واعتبارها كأنها لم تكن، فهل من طبخة يجري الاعداد لها بفتح مرسوم دورة استثنائية وعودة المجلس إلى الانعقاد بشكل طبيعي على أساس التوافق السابق؟
- مساعي الرئيس برّي هي مساع عامة في التواصل مع الوزير جبران باسيل، لا تواصل مباشر بينه وبين الجنرال، في حين ان النائب جنبلاط تواصل مباشرة معه، ما من طبخة، إنما نطالب بحل عبر معالجة هذه المراسيم.
{ إذا تمّ التوافق على المادة 62 هل يعود وزراء التكتل إلى مجلس الوزراء ويسقط الشرط القديم بعدم بحث أي موقف قبل التعيينات الأمنية وتفعيل الشراكة؟
- كلا، لم يسقط الشرط، فهو موجود في المبادرة. بالنسبة لي، تحققت المرونة عندما قبل العماد عون بمبادرة اللواء عباس إبراهيم، قطعنا مرحلة التعيين الواجب إلى تعديل قانون الدفاع مرحلة تعديل هذا القانون باستحداث مراكز ألوية، قمت بما يطلب مني كتنازل مرن، فلتطرح مبادرة اللواء إبراهيم ولماذا الدوران في حلقة مفرغة؟ وقلنا ان هناك أفرقاء أبدوا تفهماً لهذه المبادرة، فلماذا لا يُصار إلى طرحها في مجلس الوزراء؟ بعد الطائف أسر الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى بعض المخلصين، ومنهم من أسر لي بقول أعلن نصفه ولم يعلن نصفه الآخر، القول كان: الرئيس (أي رئيس الجمهورية) الذي لا يحسن تأليف الحكومة بضمان الثلث المعطل له، لا يفقه شيئا في الطائف، انتم تتهموننا بأننا اخذنا كل صلاحيات الرئيس لكن هل من طريقة أخرى؟ يا فخامة الرئيس، أمن لنفسك تشكيلة الحكومة، لأن هذا يقع في ضمن توقيعك. وذلك من خلال تحالفاتك وتفاهماتك والثلث زائداً واحداً تمسك بناصية الحكم، وإن لم تكن رأس السلطة الاجرائية، أما ما لم يعلن منه ويتوافق مع الدستور هو ان رئيس الجمهورية الذي لا يعرف كيف يضغط على وزرائه بالمراسيم العادية لا يفقه الطائف، المرسوم العادي هو الصلاحية المتبقية لرئيس الجمهورية، إنما كي يتمكن من تفاوض وزيره، لأن هذا المرسوم كان مقيداً بشرط توقيعه وغير مقيد بزمن، كما هي المراسيم المتخذة في مجلس الوزراء. لرئيس الجمهورية الحق في توقيف مرسوم يتعلق بأحد الوزراء، وجاء مكانه ان يقول له إذا كانت هناك من مشكلة اذهب لحلها وعد لي. هذه هي وسيلة ضغط لرئيس الجمهورية ولماذا علينا ان ننتزعها منه. هل يقف العد عند ما قاله الرئيس الشهيد؟ يقف العد بالشراكة في السلطة الاجرائية وبقانون انتخابي يؤمن المناصفة الفعلية. أريد ان اشارك ليس بصلاحيات رئيس الجمهورية فحسب، لقد تمّ نقلها في الطائف من شخصه الكريم الذي عبث فيها، إلى هيئة اسمها مجلس الوزراء التي نحن جزء منها. نحن جزء من صناعة القرار الاجرائي، أين هو اليوم؟ غاب الرئيس ونحن جزء من صلاحياته، لكن أين نحن اليوم؟ يتم توقيع المراسيم من دوننا. في التشريع، يفترض ان يكون تمثيلنا يراعي قواعد العيش المشترك ويؤمن صحة تمثيل شتى الفئات اللبنانية، وفقاً لوثيقة الوفاق الوطني. ولكن المادة 24 قالت بالتساوي. وكيف يكون ذلك؟ هل بالرقم؟ نعم. لا اتحدث عن الرقم إنما بالمناصفة الفعلية التي تراعي قواعد العيش المشترك. لدينا الارثوذكسي فوق في الإمكان النزول عنه قليلاً، وغيرنا لديهم قوانين في الإمكان النزول عنهم، الرئيس برّي لديه المختلط في امكانه الصعود قليلاً، فلنلتق، للاتفاق على قانون انتخابي يؤمن مناقصة شبه فعلية. لماذا لا نقدم على ذلك؟ ولكننا ذهبنا إلى تفسير آخر متقدّم يقول إذا اعتبرتم القانون الارثوذكسي الذي يستكين في ظله كل مكون إلى مصيره، فعندما يستكين، نذهب معاً إلى دولة المواطنة، هذا هو سر المادة 95 لماذا لا تطبق، وعندما اتى الرئيس برّي لإلغاء الطائفية السياسية، كنت من المشجعين وسلمته محضراً قديماً منذ وضع الدستور العام 1926، وقلت له ان مشكلة إلغاء الطائفية السياسية غير منزلة ولا يمكن ان تترك كل شعب لبناني اليوم، لأن كل مكون يستكين إلى مصيره ودوره، أنت بإمكانك ان تأخذني إلى دولة المواطنة، وكيف بالإمكان الاستكانة في ظل مجلس يستأثر بقسم من مكوني في تمثيله. لست مستكيناً لمصيري كي اذهب إلى إلغاء الطائفية السياسية، تخلينا عن الارثوذكسي للاستكانة للذهاب معاً الى دولة المواطنة، وقالوا ان الارثوذكسي يراعي قواعد العيش المشترك. وهذا تجذر للطائفية ونحن علمانيون، وقالوا لا للنسبية هل اتحدث بالأكثري وبمناصفة فعلية.
{ هذا ان حزب الله يريد إسقاط النظام للوصول الى مؤتمر تأسيسي؟ هل انتم مع هذا الرأي؟
- لم يناد العماد عون يوماً بالانقلاب على الطائف، ولم اسمع في ادبياته أو اوساطه كلمة واحدة عن الطائف، وعندما قال سيّد بكركي بالعقد الاجتماعي الجديد، هرعنا نسأل عنه وماذا يريد؟ قال سأقره.
وعندما قال سماحة السيّد حسن نصر الله في إحدى مقابلاته عن المؤتمر التأسيسي الجديد عاد وشرح في مقابلة أخرى ان التوقيت احيانا بأهمية المضمون، وهذه المرة الوحيدة التي سجل فيها على نفسه تراجعاً علنياً. وقال يا اخوان إذا اصابتكم «النقزة» من هذا الكلام، لأن التوقيت غير صحيح أو ان مضمونه نافر، فنعود عنه، فتطور الكلام في الخطاب الأخير إلى المطالبة بالدولة العادلة. قد اصدم عندما اقول ان سماحته عبر إلى الدولة بينما آخرون كثر في الركب. عبر حزب الله إلى الدولة العادلة بمفهومها، لا بدّ من فتح الأبواب والدخول إلى الشراكة الحقيقية. هل يشك أحد بالقوة التمثيلية لحزب الله بالمعايير الديمقراطية؟ حزب الله حزب وازن في طائفته يعبر إلى الدولة ويفتح افاقاً جديدة. هل يجب وصفي بالخارج لأنني اشكل همزة وصل معه في ظل هذه الفتنة التي تكاد تكون عصية على الوأد؟ لماذا اقفال الباب بوجهي وبوجهه؟
{ كيف يمكن العبور إلى الدولة وهو يملك السلاح؟
- هل نحن متفقون بأن إسرائيل هي العدو؟ نعم وهل نحن متفقون بأن الإرهاب الذي يدمر البلاد العربية هو العدو؟ نعم على الأقل، حددنا العدو، وعقيدتنا القتالية بتحديد اعدائنا راسخة. اما النقطة الأخرى والمتصلة بوظيفة السلاح فتجعلني اسأل من هو صديقي وشريكي في الدولة؟ متى نضع المواصفات للعبور، وهنا نتحدث في الاستراتيجية عن كل مكون إلى مصيره في ظل السلاح أو غيره والشراكة وقرار الحرب والسلم. لكننا لا نزال في المربع الأوّل، حزب الله يريد ان يعبر بوزرائه ونوابه، واشجعه على الإدارات العامة. لا بدّ من الاستفادة من التزامه في عدد من مؤسسات الدولة في مكان ما، ولا بدّ من إدخاله بشكل أكبر في منظومة الدولة من دون اقفال الأبواب بوجهه أو بوجهي لانني شريكه.
{ هل يمكن الحديث عن صفحة جديدة؟ وماذا عن اللقاء الأخير مع الوزير نهاد المشنوق؟ وماذا عن إنهاء الأزمة الحكومية ونحن امام انتفاضات شعبية؟
- يمكن المراهنة على الحديث مع الوزير مشنوق وكان الاتفاق على تنظيم الخلاف بأقل اضرار ممكنة. المبادرة التي شرحها العماد عون في مؤتمره الصحافي تملكه ولا يملكها هو. هذه أكثر من مبادرة بل وصية سياسية لبناء مشروع الدولة في جميع الإدارات والاسلاك والمالية العامة والاقتصاد ومعالجة الديون وتنمية المناطق، هناك مشروع متكامل نعمل بموجبه.
{ لكن مشروع بناء الدولة يبدأ بانتخاب رئاسة رئيس للجمهورية، ولكن تمسك العماد عون بترشحه يعيق بنائها ويساعد على تهديمها وإنهاء الدور المسيحي، هذا الكلام يقوله الرأي العام، فماذا تقول؟
- نظرتنا تقول أي مرشّح إلاَّ العماد عون. لا تقوم هذه النظرة على اما العماد عون أو لا أحد. نرى الأمور بطريقة مختلفة ونكرر اي مرشّح إلاَّ العماد عون، ونسعى إلى أتفه الأسباب في جميع المرات. هناك أسباب تاريخية تمّ تمريرها في بعض المحطات والمواقف، وأن الدولة على حين غفلة تحاول القول ألا يحق لنا ان نرتقي إلى مستوي نقول فيه جميعاً نرغب بسلام الشجعان والاقوياء. بلدي يعيش ضمن هزات في المنطقة، وعلى تماس مع البراكين ومحاصر مالياً واقتصادياً وأسير دينه وبيئته وتردي صحته. ألا يحق لي بالحلم بهذا السلام ولو لمرة وإنقاذ لبنان من براثن هذا المرض الخبيث؟ إلاَّ يحق لي الحلم بالمكون الأقوى؟ والممثل الأقوى للمكون المسيحي والتمثيل الأقوى للمكون السني والممثل الاقوى للمكون الشيعي الأقوى كي تستقيم الشراكة الوطنية. إذا كان هناك من يريد منعي من حلمي فهو إسرائيل. ولا يمكن ان أقرّ ان هناك فريقاً وطنياً يريد رفض ذلك. لماذا عليه رفض ذلك. دستورنا واضح بالصلاحيات والمواقع والادوار. فلماذا لا يحق لي في ان افكر.
{ لماذا لا ينسحب التوافق الذي تحدثت عنه على عملية انتخاب رئيس للجمهورية؟
- قال العماد عون فليسر التوافق على جميع المواقع، لماذا لا نرتقي بالتوافق إلى الأقوى والاسمى والاشجع؟ لو لم يسم الرئيس سعد الحريري زعيم الأكثرية الساحقة في المكون السني تمام سلام، هل كان في امكانه ان يكون رئيساً للحكومة، ولنرتقي بالتوافق إلى فوق أي بأفضل ما لدينا من ممثلين. ما سيزعجني بالرئيس الحريري وماذا سيزعجني بالمكون الشيعي الأقوى؟ وطالما اننا نعيش في ظل دولة طوائف والمرحلة الانتقالية التي تدوم وتطول لماذا لا أنجز التوافق من فوق؟ خصوصاً انني جربت ذلك من تحت، وكله أدى إلى قلق على المصير وهجرة وديون وآفات أخرى ضربت لبنان.
المرشح الأقوى في مكوني هو العماد عون، ان أطلب بملاقاتي إلى فوق وأن تتم تسمية المرشح الاقوي وكذلك رئيس المجلس لأنجز معه سلام الشجعان والاقوياء، انا أطلب ملاقاتي في القمة، فهل انزل إلى الأسفل؟ انا أطلب منك ان تجربني بالاقوى من فوق.
{ سُمي الدكتور جعجع من قبل فريق 14 آذار أليس في المستوى عينه؟
- لا إشكالية مع الدكتور سمير جعجع ولا مع الأقطاب الأربعة، اللجنة السياسية في بكركي سمت الأقطاب الأربعة، ولكن تعرف من هو القطب الأقوى مسيحياً وكذلك الدكتور جعجع.
{ أين يمكن ان يصل مسعى بكركي؟
- بكركي تريد رئيساً أولاً وقبل كل شيء. ولا اعتقد ان هناك مسعى جديا لدى بكركي في جمع الأقطاب الأربعة، وسيد بكركي يعمم فكرة تقول الرئيس أولاً ثم نرى، واللقاء الأخير بين العماد عون والبطريرك الراعي كان عميقاً، هناك مبادرة اليوم، فلنتعاط معها بإيجابية ولنر مقومات النجاح فيها. وإذا كانت هناك من حلول أخرى فنحن منفتحون لها.
{ ما هي قراءتك للنتائج المتصلة بانتخابات التيار الوطني الحر وما صحة ما يحكى عن انها ستؤدي إلى نهاية التيار؟
- التيار الوطني الحر هو ثمرة من ثمرات نضال العماد ميشال عون، إذا هو تعبير مؤسسي لظاهرة تبدأ بالرجل وتنتهي عند الرجل واسمها الظاهرة العونية في علم الاحزاب السياسية. عندما تنتقل من الظاهرة إلى المأسسة أين الشخص الذي يُجسّد هذه الظاهرة أي إلى المأسسة أي إلى الحزب، حكماً هناك محطات لا بدّ من التوقف عندها على طريق التطور، كما فعل ديغول عندما انتقل من الديغولية التي كانت ظاهرة، تبدأ وتنتهي بشخصه إلى ما يسمى، بالتجمع من أجل الجمهورية، فأتى بميشال دوبريه وقال له: «استودعك الظاهرة».
وبالنسبة إلى الظاهرة العونية، فهناك محطة أساسية تمر قبل المأسسة ومنها يتم الاجتياز إلى هذه العملية وهي تشكّل محطة تأمل وهي من يأتمن صاحب الظاهرة ارثه السياسي، ليس المقصود بذلك بمناصب أكبر أو الرئيس الفخري في المؤسسة النضالية.
وأجرى العماد عون تقييماً حول من يؤمن مقومات الظاهرة وعدم بعثرتها على الطريق وعبّر عنه تاركاً للقاعدة حق التصرف. اجتمع الجنرال مع قادة التيار وعندما رأى ان الظاهرة تنتقل إلى المأسسة ضمن البيت الواحد، حصل خرق أي تشنج وتعدد كلام لاذع، وبحكم فطرة اندفاع من الذات والانتصار على الخطر الرسمي يتهدد الظاهرة، كانت للعماد عون ردة فعل وقال كفى تشنجا في الداخل، واذهبوا إلى التوافق. وفي ساعة من الساعات استشعرنا ان البيت الداخلي للتيار الوطني الحر تمّ استهدافه من الداخل ومن الخارج، ليس من داخل بتحريض من خارج، بل من داخل خرج إلى العلن. ومن استشعار هذا الخطر قال العماد عون اذهبوا إلى التوافق، وأتت التزكية وهي أرقى مستويات الديمقراطية، وأتى العلاج لحماية هذه المؤسسة، فهنيئاً للتيار الوطني الحر وللبنان ولمذكرة التفاهم وللانفتاح بجبران باسيل. 

  • شارك الخبر