hit counter script

أخبار محليّة

الراعي في جنازة أبي صابر: وجه لامع في الرهبانية والكنيسة

السبت ١٥ آب ٢٠١٥ - 15:19

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي جنازة مثلث الرحمة المطران جورج أبي صابر، عاونه راعي أبرشية مار مارون مونتريال - كندا المطران مروان تابت ولفيف من الاساقفة، في كنيسة دير مار انطونيوس خشباو - غزير، في حضور ممثل النائب العماد ميشال عون الوزير السابق ماريو عون، ممثل وزير العدل أشرف ريفي، السفير البابوي المونسنيور غابريال كاتشيا، ممثل النائب وليد جنبلاط النائب هنري حلو، ممثل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع شوقي الدكاش وشخصيات وفاعليات اجتماعية وروحية.

وألقى الراعي عظة بعنوان "أنا باب الخراف. أتيت لتكون لها الحياة، وتكون وافرة"،
(يو10: 7 و10) ، جاء فيها:"المثلث الرحمة المطران جورج ابي صابر مطران أبرشية مار مارون مونتريال سابقا، سليل الرهبانية اللبنانية المارونية الجليلة، دخل من باب المسيح إلى رحاب الكنيسة المارونية ومن خلالها إلى رحاب الكنيسة الجامعة يوم قبل سر المعمودية في كنيسة وادي الست الشوفية العزيزة بلدته منذ اثنتين وتسعين سنة. ثم عاد ودخل باب المسيح من خلال الرهبانية الجليلة وهو في الرابعة عشرة من العمر، في دير مار جرجس الناعمة، حيث لبس ثوب الابتداء، وأبرز بعده النذور الرهبانية الأولى. ومن يومها بدت عليه حياة النعمة الإلهية الوافرة، من خلال فضائله الروحية وصفاته الرهبانية ومواهبه العلمية. فأدرك تماما أن "المسيح هو باب الخراف"، من يدخله "تكون له الحياة الوافرة" (راجع يو 10: 7 و10). فنعم هو بهذه الحياة الوافرة، وساعد الكثيرين في رسالته الرهبانية والكهنوتية والأسقفية على الدخول من باب المسيح ونيل الحياة بالشكل الأوفر".
وقد قال يوما: "كلما دنونا من الرب يسوع، ازداد النور على دربنا، يشع منه علينا، ومنا على سائر الأشياء والمخلوقات. وكلما تمرسنا به، غدونا نورا بدورنا، وبات لزاما علينا أن ينتشر هذا النور على الآخرين".
أضاف: "إننا بالأسى الشديد وصلاة الرجاء نودعه الوداع الأخير، مع أبينا صاحب الغبطة والنيافة وإخواننا السادة المطارنة أعضاء السينودس المقدس، والمطران بول مروان تابت، راعي أبرشية مار مارون مونتريال - كندا، وإكليروسها ومؤمنيها، ومع قدس الأباتي طنوس نعمه، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية ومجمع الرئاسة العامة وأبناء الرهبانية، ومع شقيقتي المثلث الرحمة وأولاد المرحومين أشقائه وشقيقته وعائلاتهم، وسائر ذويهم والمحبين. نسأل الله أن يشرك الحبر الجليل والراعي الصالح في سعادة الحياة الوافرة في مجد السماء".
وتابع: "المطران جورج وجه لامع في الرهبانية والكنيسة. وقد خصه الله بمواهب روحية وفكرية عديدة، ساعدته السلطة الرهبانية على إنمائها وتثميرها بالعلم الرفيع الذي وفرته له وبالمسؤوليات الكبيرة التي أسندت إليه.
فبعد أن أنهى دروسه الفلسفية واللاهوتية في جامعة القديس يوسف - بيروت، أرسلته السلطة إلى الجامعة الكاثوليكية في ستراسبورغ، حيث حاز على إجازتين في اللاهوت والحق القانوني. وبعد الرسامة الكهنوتية في تموز 1952 عادت فأرسلته إلى روما للتخصص في اللاهوت العقائدي في المعهد الحبري الشرقي، فحاز على شهادة دكتوراه فيه وفي العلوم اللاهوتية الشرقية.
وفور عودته إلى لبنان، أسندت إليه السلطة الرهبانية تعليم اللاهوت العقائدي في جامعة الروح القدس - الكسليك، ثم رئاسة الدير والجامعة، فعمادة كلية اللاهوت. وتسنى له أن يرافق النشء الرهباني، ولا سيما الإخوة الدارسين. فانطبعت في عقولهم صورة الأب جورج المربي والمعلم والإداري والمسؤول، فأحبوه ورأوا فيه المثال والقدوة. ذلك أنهم نالوا الحياة الوافرة من المسيح على يده".
أضاف: "أتقن من اللغات الأجنبية الفرنسية والإيطالية والالمانية والانكليزية، ومن القديمة السريانية وآدابها، وقد تولى تعليمها لسنوات في الجامعة اللبنانية. ولمع اسمه بين كبار اللاهوتيين الشرقيين، فعينه القديس البابا بولس السادس عضوا في اللجنة اللاهوتية الدولية سنة 1974. ومن قبلها تولى رئاسة مدرسة مار شربل في الجيه، وإدارة مدرسة القديسة تقلا في وادي شحرور، كما انتخب في صيف 1974 مدبرا ونائبا عاما في عهد المرحوم الأباتي شربل قسيس.
وفوق ذلك ترك للأجيال نتاجا فكريا متنوعا أغنى المكتبة العربية. فبالإضافة إلى العديد من المقالات، ألف ما بين 1961 و1974 ثماني مؤلفات، هي: "إعتبارات في الحياة الرهبانية"، باللغة العربية، "هل نحن على مفترق"، باللغة العربية، "رسائل رعوية من القرن الثاني"، باللغة العربية، "أناشيد سليمان"، باللغة العربية، "العماد المسيحي عند المدافعين في القرن الثاني"، باللغة الفرنسية، و"اللاهوت العمادي عند القديس افرام"، باللغة الفرنسية، سلسلة منشورات طريق المحبة، بالتعاون مع مجموعة الآباء، السنكسار الماروني مع الأب بولس ضاهر.
لقد أمن للأجيال بواسطة كل هذه المؤلفات الطريق المؤدي إلى المسيح الباب فإلى الحياة الوافرة".
وتابع: "ورأت فيه الكنيسة شخصية مكتملة بالروحانية والفضائل الكهنوتية والرهبانية، وبالعلم والخبرة الراعوية والإدارية، فانتخبه سينودس أساقفة كنيستنا المقدس في آب 1977 مطرانا لأبرشية اللاذقية المستحدثة، وهو المطران الأول عليها. فقام بمهمة التأسيس الصعبة في أبرشية خالية من المكونات والموارد. فتحمل السكن الوضيع الخالي من المقومات الأولوية، وتمكن بموآزرة نائبه العام الذي خلفه في رعاية الأبرشية، المثلث الرحمة المطران انطوان طربيه، وبموآزرة الأصدقاء والمحبين، من بناء كرسي أسقفي لائق ومتمم بكل مكوناته في طرطوس، على عقار اشتراه لهذه الغاية رئيس أساقفة حلب الأسبق المثلث الرحمة المطران يوسف سلامه، الذي أسندت إليه مدبرية اللاذقية.
وراح يؤسس الرعايا ويعزز حياة الكهنة والدعوات الإكليريكية. وملأ أرجاء الأبرشية بالروحانية، وهو الواعظ المفوه، والعالم اللاهوتي، والمقنع في عظاته وإرشاداته. فتعلق به أبناء الأبرشية، ورأوا فيه فجر عهد جديد واعد لهم.
وأسند إليه القديس البابا يوحنا بولس الثاني في أوائل الثمانينات مهمة زائر رسولي على رأس لجنة حبرية كنا عضوا فيها، لإجراء الإصلاح الرهباني الجديد في رهبانية الراهبات اللبنانيات المارونيات، بإنشاء رئاسة عامة ومجمع رئاسة، مع حفظ استقلالية الأديار. فأتم المهمة بنجاح، وتعينت أول سلطة رهبانية عامة فيها، وأجري التعديل على القوانين والرسوم.
وترأس أول لجنة بطريركية لدعوى تطويب البطريرك اسطفان الدويهي في سنة 1987 وقد عاوناه فيها كعضو. وكان الوفد الذي رافق صاحب الغبطة والنيافة سلفنا البطريرك مار نصرالله بطرس إلى الكويت للمشاركة في اجتماعات اللجنة العربية سنة 1989".
أضاف: "في أيار 1986 انتخبه السينودس المقدس نائبا بطريركيا عاما في منطقة الجبه ودير الأحمر، وهو أول نائب بطريركي مقيم. فساس شؤونها لمدة أربع سنوات بروح راعوية متفانية. وفي تشرين الثاني 1990 عينه القديس البابا يوحنا بولس الثاني مطرانا لأبرشية مار مارون مونتريال بكندا، خلفا للمثلث الرحمة المطران الياس شاهين، فكان عليه أن ينهض بأبرشية ما زالت في طور التأسيس، وقد انفتحت أبوابها لعشرات الألوف من المهاجرين الموارنة من لبنان، وانبسطت أمامه مسؤوليات جسام مادية وروحية وراعوية، بإمكانيات ضئيلة. فاتكل على العناية الإلهية وراح يعمل بصبر جميل، حاملا همه الراعوي الأساسي: أن يدخل المؤمنون والمؤمنات من باب المسيح لكي تكون لهم الحياة الوافرة".
وتابع: "ليس صدفة أن يكون الروح القدس قد أقامه على رأس أبرشيات مليئة بالحاجات المادية والهيكلية، وتعاني من قلة الموارد المالية. فكان يستمد قوته من ذبيحة الفادي الإلهي في القداس اليومي، وهو يضم إليها ذبيحة أمه وشقيقه أمين اللذين ذبحا في طريقهما إلى الكنيسة، أثناء حرب الجبل المشؤومة. وكان قد تلقى الخبر المر من وسائل الإعلام. لكنه أعطاه للحال معناه الروحي في ضوء سر المسيح، فادي الإنسان ومخلص العالم. إن دماء الشهداء الأبرياء يزهر، من دون أي شك، ساعة يشاء الله في تصميمه الخلاصي، ورود خير وسلام وتحول في العالم. واصطحب معه إحدى بنات أشقائه هي ابنتنا العزيزة السيدة نوال، للاعتناء بالخدمة البيتية. فلازمته بكل تفان وإخلاص في طرطوس والديمان وكندا. ما خفف من الصعوبات التي كان يواجهها.
وواصلت خدمته في بيتها مع أسرتها بكل محبة وعناية واحترام، بعد استقالته من إدارة أبرشية كندا في تشرين الثاني 1996، وهو في الثالثة والسبعين من العمر. فتأمنت له شيخوخة كريمة حتى وفاته في مستشفى سيدة المعونات بعد ظهر الأربعاء الماضي".
وختم الراعي: "أدخل، أيها الأخ الجليل، باب المسيح السماوي المؤدي إلى المجد الأبدي، وانعم بالحياة الإلهية الوافرة والسعيدة، لقاء خدمتك المخلصة "لراعي الرعاة العظيم" (1بطرس5: 4)، راهبا وكاهنا وأسقفا. وكنْ لنا جميعا عند المسيح الفادي خير شفيع، لكي نهتدي بنعمته مع كل شعبنا اللبناني وشعوب هذه المنطقة إلى بابه الخلاصي، فننجو من أزماتنا السياسية، ومن ويلات الحرب والعنف والإرهاب والدمار والتهجير. وإننا ننضم معك إلى أجواق ليتورجيا السماء ممجدين ومسبحين وشاكرين للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.المسيح قام، هللويا!".
وبعد مراسم الجنازة، نقل الجثمان الى الناعمة حيث ووري الثرى في مدافن الرهبانية اللبنانية المارونية.  

  • شارك الخبر