hit counter script

أخبار محليّة

فضل الله: نحن مع كل صوت يطالب بإزالة الفساد ولكننا لسنا مع خراب البلد

الجمعة ١٥ آب ٢٠١٥ - 14:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، التي هي الزاد ليوم تأتي فيه كل نفس تجادل عن نفسها؛ يوم يقوم الناس لرب العالمين. وحتى نبلغ التقوى، لا بد من أن نستهدي بإمام من أئمة التقوى، الإمام الرضا؛ هذا الإمام الذي استعدنا ذكرى ولادته في الحادي عشر من شهر ذي القعدة. وسنغتنم هذه المناسبة لنذكر ثلاثة أحاديث من درر كلام هذا الإمام. فقد قال: "إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن أمه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيرى الآخرة وأهلها، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا. وقد سلم الله عز وجل على يحيى في هذه المواطن الثلاثة، وأمن روعتها، فقال: {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا}، وقد سلم عيسى بن مريم عليه السلام على نفسه في هذه المواطن الثلاثة، فقال: {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا}". وقال: "صديق كل امرئ عقله وعدوه جهله"، وسئل عن حد التوكل، فقال: "أن لا تخاف أحدا إلا الله".

وأضاف: "إن التزامنا بكلام الإمام الرضا لا ينبغي أن يقف عند حدود العاطفة، بقدر ما هو التزام بالسلوك والعمل والمواقف التي نواجه بها التحديات، ولا سيما في لبنان، الذي شهد خلال الأسبوع الماضي حراكا شعبيا واسعا هو بعيد هذه المرة عما عهده من تحركات شعبية سابقة، كانت تعبيرا عن الانقسام السياسي أو الطائفي أو المذهبي. لقد جاء هذا الحراك على وقع أزمة النفايات المتفاقمة، والتي شكلت عبئا ثقيلا على كاهل المواطنين، ولكنه توسع ليعبر عن وجع الناس وآلامهم وما يختزنونه من قهر ومعاناة على مستوى الخدمات الأساسية، من ماء وكهرباء وطبابة وتعليم، فضلا عن الوضع الاقتصادي المتفاقم، وصولا إلى ترهل النظام السياسي، وانعدام التخطيط، واعتماد أسلوب المحاصصة والصفقات وتقاسم الحصص. وهذا ما عبرت عنه كلمات المشاركين المعبرة، وصرخاتهم العالية، ومشاعرهم ودموعهم الصادقة، والتي لا يمكن لمنصف أن يضعها في خانة التسييس ويدير الظهر لها".

وتابع: "نحن أمام هذا المشهد، وعلى الرغم من التحفظات على خلفيات بعض المنظمين لهذه التظاهرات، أو على بعض الشعارات التي طرحت، أو الارتجال الذي شهدته، والذي أتاح دخول المندسين، وأدى إلى تحويل هذا المشهد الحضاري في أساسه إلى حالة من الفوضى والاشتباك مع القوى الأمنية، ما أدى إلى سقوط ضحايا، وقد كنا نأمل ألا تنتهي الأمور إلى ما وصلت إليه، فإننا ورغم كل ذلك، لا نستطيع إلا أن نقدر هذا الحراك من ناحية المبدأ، لكونه تعبيرا عمليا عن عودة الإنسان في هذا البلد للعب دوره، والخروج من سياسة الوكالة المطلقة التي كان قد أعطاها لممثليه أو لرموزه، حيث لم يعد يكتفي بالتذمر في مجالسه الخاصة أو في المنابر أو من خلال كتاباته، بل نزل إلى الأرض ليشكل قوة ضاغطة وعينا تبصر ما يجري في أروقة الدولة".

ورأى ان "هذا الحراك أثبت فعاليته، وهو يستطيع أن يحقق النتائج إن تابع سيره بتخطيط مدروس، وبنية صافية، وأهداف واضحة، وخرج من الارتهان والتسييس، ونحن نأمل على كل من هم في مواقع المسؤولية، أن تكون هذه الرسالة قد وصلت إليهم، وأن يفكروا جيدا في استعجال الخطوات للخروج من كل هذا الواقع الفاسد، بدلا من التفكير في كيفية إجهاض هذه التحركات أو العبث بمسارها، كما أجهضت مطالب سابقة أو تحركات مماثلة".

وقال: "نحن أمام ما جرى، كنا نأمل من القوى الأمنية، مع وعينا للوضع الضاغط عليها، أن تكون أكثر رفقا بالناس الطيبين، وأكثر حزما في مواجهة المندسين والعابثين بالأمن وبممتلكات الناس ومقدراتهم، بحيث لا يصنفون الناس ويضعونهم في صف واحد، حتى لا يسقط ضحايا أبرياء، ولا سيما أن هناك من وضعه الصحي في حالة حرجة، ونسأل الله له الشفاء العاجل".

وأضاف: "نحن أمام التحركات القادمة، وحتى لا تتكرر المشاهد المؤلمة التي لا تريدها القوى الأمنية ولا الناس الذين نزلوا إلى ساحات الاعتصامات، ندعو منظمي هذه التحركات إلى أن يأخذوا بعين الاعتبار دقة هذه المرحلة وخطورتها، ووجود مندسين قد يدخلون في صفوفها من أجل حرفها عن أهدافها. إننا ندعوهم إلى تحمل مسؤولياتهم، فلا يمكن لمن يدعو إلى تجمع أو تظاهرة أن يدع الناس لشأنهم، فهو مسؤول عن التحرك وتداعياته، وبالقدر الذي يستطيع. وفي هذا المجال، ندعو إلى تعاون جاد بين المنظمين والقوى الأمنية، فنحن مع كل صوت يطالب بإزالة الفساد والمفسدين، ولكننا لسنا مع خراب البلد، ولا مع من يسيء إلى السلم الأهلي، ولا نريد للبنان أن يلتحق بمسيرة الفوضى التي تعم العالم العربي، والتي نعاني تداعياتها، أو أن يكون أي تحرك أداة في أجندة دولية وإقليمية، وحتى لا نفهم خطأ، لسنا مع الذين يقولون: إما القبول بالواقع كما هو بكل سيئاته، أو الفوضى، ولسنا مع الذين يقولون: لا فائدة من هذه التحركات".

وأكد انه "من الواجب أن ينطلق صوت الحق والعدل دائما، وخصوصا في مثل هذه القضايا التي نعرف أنها تحتاج إلى نفس طويل لإحداث التغيير، وحكمة، وحسن إدارة، ولا سيما في ظل نظام تجذر طويلا، وهناك الكثيرون ممن يعيشون على مكتسباته".

وقال: نبقى في لبنان، لننبه إلى خطورة ما يجري في مخيم عين الحلوة، نظرا إلى موقع هذا المخيم ومحيطه، وإلى طبيعة الصراع الذي يجري داخله، والأثر الذي يتركه ذلك في الشعب الفلسطيني، ولكونه يساهم في زيادة تيئيس هذا الشعب، ودفعه إلى الهجرة أو التهجير، ما يراكم معاناته، ويسيء إلى قضيته".

ودعا "الفصائل الفلسطينية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه هذا الشعب، والإسراع في العمل لإيجاد حل في ما بينها، وكف يد كل الجهات التي تريد العبث بأمن المخيم وجواره، ولا سيما في ظل الحديث عن التحضير لنهر بارد جديد".

وتوقف "عند الذكرى السابعة والثلاثين لتغييب الإمام الصدر ورفيقيه؛ هذا التغييب الذي لا يزال في دائرة الغموض، ونخشى استمراره على الرغم من سقوط النظام الليبي، ولكن مع كل الغموض الذي يلف هذه القضية، فقد بات من الواضح استهداف هذه الشخصية، حيث كان لا يراد لهذا الإمام أن يلعب دوره الريادي الذي بدأه منذ مجيئه إلى لبنان في تعزيز روح المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني، وسعيه لتعزيز الوحدة الوطنية والإسلامية، لا سيما عندما بدأت أيادي الفتنة تعبث بهذا البلد، أو في الجهد الذي بدأه في العالم العربي لتعزيز مواقع قوته، أو في دعمه للثورة الإسلامية في إيران، أو في عقله الإسلامي المتنور والمنفتح على قضايا العصر، والذي كان يمثل تهديدا لكل عقل انغلاقي، ولمن لا يريد للإسلام أن يكون له دوره في ساحة الحياة العامة".

وختم: "إننا أمام هذه المناسبة، لا نملك إلا أن نتوجه إلى الله ليكشف كل الغموض الذي يحيط بهذه القضية ومجرياتها، في الوقت الذي ندعو إلى متابعتها، ونتقدم بالشكر إلى الذين يتابعونها، حتى لا تنسى ولا تتكرر".

وكان العلامة فضل الله استقبل وفدا من حركة "أمل"، ضم نائب رئيس المكتب السياسي، الشيخ حسن المصري، وعضو المكتب عبد الله موسى، حيث سلمه دعوة للمشاركة في الاحتفال الذي تقيمه الحركة عصر الأحد في مدينة النبطية، في الذكرى السابعة والثلاثين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر. 

  • شارك الخبر