hit counter script

أخبار محليّة

الراعي في جناز صادر: كان مطران العيش المشترك ومحدد أسسه

الجمعة ١٥ آب ٢٠١٥ - 14:19

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قبل ظهر اليوم صلاة الجناز عن راحة نفس رئيس أساقفة صور السابق المطران مارون صادر، في كاتدرائية مار جرجس للموارنة في وسط بيروت، في حضور ممثل رئيسي مجلسي النواب نبيه بري والوزراء تمام سلام عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ميشال موسى، شاكر عون ممثلا الرئيس أمين الجميل، الوزير السابق شكيب قرطباوي ممثلا رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون، السفير البابوي المونسنيور غابريالي كاتشا، النائب علي عسيران، الوزير السابق جو سركيس ممثلا رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع، رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، الامين العام للجنة الحوار الاسلامي - المسيحي الأمير حارس شهاب، لفيف من المطارنة والكهنة وممثلي قيادات أمنية وعسكرية. وتلقت عائلة الفقيد التعازي من الرئيس نبيه بري والرئيس تمام سلام والوزير أشرف ريفي.

وبعد الانجيل، القى الراعي يحيط به رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر، رئيس أساقفة صور المطران أنطوان نبيل الحاج، والمطران رولان أبو جودة، المطران مارون عمار، كلمة رثى فيها الأسقف الراحل، وقال: "أنا الراعي الصالح، أعرف خرافي، وخرافي تعرفني"(يو10: 14)، ونودع بالأسى وصلاة الرجاء أخانا الجليل المثلث الرحمة المطران مارون صادر، رئيس أساقفة صور السابق، وهو منطلق إلى بيت الأب في السماء، نودعه مع أبينا صاحب الغبطة والنيافة والسادة المطارنة أعضاء السينودس المقدس، ومع رئيس أساقفة أبرشية صور وإكليروسها ومؤمنيها المطران شكرالله نبيل الحاج ، وأولاد المرحومين أشقاء المثلث الرحمة وشقيقته وعائلاتهم وسائر ذويهم والأصدقاء".

أضاف: "لقد قضى في رعاية النفوس في أبرشية صور 51 سنة بدون إنقطاع، قبل تقديم إستقالته من إدارة الأبرشية لبلوغه السن القانونية. بدأ خدمته في الرعايا ثم في أمانة سر المطرانية وخدمة كاتدرائيتها، ومن بعدها نائبا عاما، وأخيرا أسقفا. وكان شعاره الدائم جواب مريم العذراء للملاك: "فليكن لي بحسب قولك" (لو1: 38)".

وتابع: "في خلال خدمته الأسقفية إنتخبه مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان رئيسا للجنة الأسقفية: "عدالة وسلام"، فكان الصوت المنادي والمدافع عن هاتين القيمتين، والناشر لتعليم الكنيسة بشأنهما، بفضل كل ذلك، نضع على شفتيه كلمة الرب يسوع عن نفسه: "أنا الراعي الصالح، أعرف خرافي، وخرافي تعرفني" (يو10: 14)".

واردف: "لقد وصف الراحل سنوات خدمته المتنوعة، بكلمة افتتح بها كتاب "خمسون في جنوب لبنان" وقال: "كانت رسالتي الكهنوتية والأسقفية تسليما لإرادة الله تعالى، ولقاء مستمرا مع أبناء الأبرشية، وأبناء الجنوب من مختلف الأديان والطوائف ساحلا وجبلا. الله يشهد، وأبناء الجنوب الأعزاء يشهدون أني ما ميزت بين مسلم ومسيحي، أو بين غني أو فقير. إنما كنت أتعامل مع الجميع بروح المحبة والإخلاص، بالرغم من أن الفترة الممتدة من سنة 1975 إلى سنة 1989 كانت من أصعب الفترات في الجنوب، حيث غاب وجود الدولة، وأخذت مكانها الميليشيات من مختلف الاتجاهات والإيديولوجيات".(صفحة 10)، وهذه كانت حصيلة 63 سنة من حياة كهنوتية، و 23 أسقفية. ومن بعد أن قدم استقالته من إدارة الأبرشية منذ 12 سنة كتب: "لا بد أن يتوقف المرء فترة من الزمن ليلقي نظرة على الماضي، فيما هو يتطلع إلى المستقبل بشوق وحنين، فيعيد النظر بما قال وعمل، لعله يجد فيه بصيصا من النور يضيء له طريق العودة إلى بيت الآب السماوي" (صفحة 10)".

أضاف: "إنه إبن عين إبل العزيزة، وسليل عائلة كريمة فيها والده الياس مارون الخوري صادر ووالدته حنه سليم مارون دياب. تربى، مع أشقائه الخمسة والشقيقة، على الإيمان المسيحي والقيم الروحية والأخلاقية والوطنية. فأتاح له جو العائلة التقي سماع صوت المسيح يدعوه إلى الحياة الكهنوتية. فلباها بورع والتزام وحالا بعد رسامته الكهنوتية سنة 1952 وهو في السادسة والعشرين من العمر، سلمته السلطة الكنسية خدمة رعيتي عين إبل ورميش. فقام بالخدمة الراعوية بكثير من التفاني والنشاط، مع مهمة الإدارة والتعليم في مدرسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين في عين إبل، وفي المدرسة الوطنية التي أسسها في بلدة رميش العزيزة. وتولى مسؤولية الإشراف على مدارس الأبرشية في المنطقة". 

وتابع: "ورأى فيه المثلث الرحمة المطران يوسف الخوري، فور تسلمه زمام أبرشية صور والأراضي المقدسة خير معاون، فسلمه أمانة سر المطرانية سنة 1960، وخدمة كاتدرائية سيدة البحار. وبعد سبع سنوات عينه نائبا عاما. فعاش إلى جانبه 32 سنة، نعم فيها بمحبة هذا الأسقف الكبير والمميز، وبثقته الكاملة، حتى وضع بين يديه إدارة الأبرشية بأسرها، وبخاصة عندما تعثر عليه الوصول إليها في أعقاب الحرب اللبنانية، وقد فرض عليه نوع من الغياب القسري، الذي تخللته بعض الزيارات، ونهض بجميع شؤون الأبرشية، أملاكا ومدارس تابعة لها، وببناء مدرسة قدموس على عقار اشتراه المثلث الرحمة المطران يوسف الخوري في جوار النخل مساحته 137 دونما بالمال الذي توافر من تأميم شركة كهرباء صيدا المسجلة باسم الميتم الماروني". 

وأردف: "لقد واجه المثلث الرحمة المطران مارون، كنائب عام، جميع الأحداث الجنوبية بكل ضحاياها وقتلاها من كهنة وعلمانيين، ومهجريها، وبأخطارها وتهديداتها، وما لحق بالمطرانية من قصف وأضرار، وبخاصة بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982. ويشهد له التاريخ بما قام به من خدمات اجتماعية ووطنية بالتعاون الكامل مع مطارنة أبرشيات الكنائس الأخرى، ورؤساء الطوائف الإسلامية والهيئات السياسية والمدنية والأهلية، وكاريتاس الجنوب، التي أصبحت فيما بعد "رابطة كاريتاس لبنان"، لافتا الى أنه "بفضل كل هذا التفاني في الخدمة والنضوج في الروحانية الكهنوتية والحكمة والفطنة وحس الإدارة، وهذه كانت أمنية المطران يوسف الخوري قبل وفاته في سنة 1992، انتخبه سينودس أساقفة كنيستنا المارونية المقدس في دورة حزيران 1992 مطرانا لأبرشية صور. وإنتخبه مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في السنة عينها رئيسا للجنة الأسقفية "عدالة وسلام" فراح يواصل خدمته في سائر الحقول. وقد حقق مشاريع كنسية وعمرانية واجتماعية عديدة. ومن بينها كنائس وقاعات راعوية وترميمات، ومتابعة بناء مستشفى عين إبل، واستصلاح الأراضي الزراعية، والدفاع عنها بوجه القضم الإسرائيلي. وإمتدت خدمته، على صعيد الكنيسة في لبنان إلى تعزيز التربية على السلام، والمشاركة في أعمال سينودس الأساقفة الروماني الخاص بلبنان، والعمل على تطبيق ما جاء في الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" من مبادىء وتوجيهات وتوصيات، والمشاركة في إعداد المجمع البطريركي الماروني بنصوصه ال 23. وقام بزيارات راعوية لرعايا الأبرشية في لبنان والأراضي المقدسة، ولأبنائها المنتشرين ولا سيما في كندا والولايات المتحدة الأميركية".

وأطلق الراعي على "المطران مارون صادر لقب "مطران العيش المشترك" الذي "حاضر وعلم وطبق، في حياته وتعاطيه وتصرفاته مبادىء العيش الواحد، فحدد أسس العيش المشترك ومبادئه الروحية والأخلاقية، وأبرز توصيات الإرشاد الرسولي بشأنه. وترك أثرا في النفوس ودعوة إلى الالتزام من خلال ما قام به من مبادرات تعاون وعمل وطني مشترك في جنوب لبنان، ودعا إلى تربية شبابنا اللبناني على ثقافة هذا العيش الواحد، وإلى العمل على خلق مجتمع أفضل يسوده الحوار المسيحي - الإسلامي السليم. وكان قد تعلم الكثير في هذا الشأن من المثلث الرحمة المطران يوسف الخوري والامام موسى الصدر، رائدي العيش المشترك والحوار المسيحي - الإسلامي، في مفهومهما الصافي، وهما يشكلان قيمة لبنان الحضارية، وخصوصيته ورسالته ونموذجيته على مستوى بلدان الشرق والغرب، كما كان يردد القديس البابا يوحنا بولس الثاني". 

ولفت الى أنه "لما ثقلت عليه أمراض الشيخوخة أحاطه الأهل بالاهتمام الكامل. وأدخل إلى مركز بيت السيدة للعلاج الفيزيائي التابع لراهبات القلبين الأقدسين في حدث بيروت. فلقي عناية خاصة مشكورة. وكتب في مقدمة كتاب "خمسون في جنوب لبنان"، كلمة هي بمثابة وداع ووصية لنا جميعا وبخاصة للمسؤولين السياسيين عندنا: "حاولت في هذا الشطر من العمر تحمل المسؤوليات، وأن أكون كلا للكل دونما تمييز. تعاملت مع الجميع بالمساواة والمحبة، وتجاوبت مع تطلعات الجميع إلى المستقبل، الذي رأيت أنه لن يكون مزدهرا وآمنا إن لم يتعاون فيه جميع اللبنانيين على صنعه، واضعين كل طاقاتهم وإمكانياتهم الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والوطنية من أجل بناء وطن كريم عزيز يتجاوب مع تطلعات الشباب والأجيال الطالعة" (ص11)". 

وختم: "أما الآن وهذا الحبر المسؤول يحضر أمام عرش الله، فإننا نكل إليه أمنيته نفسها، لكي يحرك الله ضمائر المسؤولين السياسيين عندنا للعمل بحسب وصيته النابعة من قلبه، وشبابنا في تظاهرات متتالية لهذه الغاية. فإنطلق، أيها الأخ الجليل، إلى بيت الآب في السماء بعدما أرضيت الله في كل شيء وخدمت وتفانيت من كل القلب والفكر والإرادة. إنطلق وعلى شفتيك صلاة صاحب المزامير: "فرحت حين قيل لي: إلى بيت الآب ننطلق" (مز 122: 1)، فكن عند الله لنا خير شفيع. ومعك نرفع نشيد الشكر والتسبيح، للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد".

ثم ألقى كاتشا كلمة تعزية بإسم البابا فرنسيس، ودفن الجثمان في مثواه الاخير في عين إبل.
 

  • شارك الخبر