hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - مازن عبّود

استفاقة على اكوام النفايات

الجمعة ١٥ آب ٢٠١٥ - 06:07

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ثمة اختصاص في علم الاقتصاد يسمى "الاقتصاد البنيوي او الهيكلي" وهو يدرس تأثيرات عوامل أخرى لا تلحظها قواعد الاقتصاد التقليدية على الإنتاج والنمو. وهو يعنى بالبحث عن اكلاف ما يسمى بأكلاف التبادل الاجتماعي لشرح أسباب التدهور الحاصلة نتيجة تعثر النظم الاجتماعية في مكان ما.
ما حدث ويحدث في لبنان في عهد الحكومة الحالية واخواتها ممن أتوا قبلها لا يمكن فهمه من خلال قواعد اقتصاد السوق المبني على تحديد السعر على أساس المنافسة نتيجة العرض والطلب. فمن الواضح ان الحكومات المتعاقبة عززت سياسات الاحتكار في حقل النفايات، واخفقت في حل مشكلة الكهرباء، وذلك حفاظا على مصالح هذه المجموعة او تلك تحت غطاء الطائفة او الحزب او التيار.
وقد أخفقت هذه الحكومة في تبرير أسباب وجودها، اذ انّ الدولة في فلسفتها هي السلطة الناظمة والرادعة. فلا السلطة عندنا ناظمة ولا هي رادعة بل هي حلبة لتقاسم المغانم على حساب الشعب. وهذا ما يشكل العائق الأكبر امام مسيرة النمو. اطر تعززها ثقافة شعبية تكوّنت بفعل الأيام. وورثتها غالبية الدول التي احتلتها السلطنة العثمانية عنها. فصارت هذه العقلية السبب الرئيسي وغير المباشر لعدم التطور
لكن المفاجئة جاءت هذه المرة مدوية في الشارع الذي بدأ يستفيق. فقد تبين انّ مارد ما يعرف بالمجتمع المدني ليس ورقا انما بدأت الروح بدأت تعود اليه بفعل المغالاة في تجاوز حد السلطة واستغباء الناس. وهذا ما دفع من يتقاسمون المغانم الى اغتيال التحرك عبر ادخال مدسوسين عملوا على سرقته وجره الى العنف والتطييف، ومن ثمّ بناء حائط فصل عنصري مادي ما بينهم وبين الناس كان ومازال وسيظل موجودا ومن صنع أولئك بفعل عدم المحاسبة. ثمّ صار تحوير لنتائج المناقصات التي ما اريد لها اصلا ان تنجح، ولا صممت كي تنجح بل بدأت تتدحرج بفعل الضغط الشعبي. الا انّ ما صمم كي يكون جسرا لتمديد الواقع المؤقت والضروري والملح لا يصلح كي يطير ويكون حلا. نعم لقد عرفت الطبقة السياسية ان تستفيد من الوضع فصار الخوف من استقالة الحكومة ودخول لبنان آتون المنطقة يعمل لحسابهم في مواجهة صحوة من صحا. فالزمن زمن الفراغ وركود كل شيء حتى مؤشرات النمو التي تضاءلت حتى لامست الصفر. ما نجا من ذلك الا مؤشرات الفساد التي جعلت لبنان في مصاف الدول الأكثر فسادا وغلاء.
جمع الزعيم "نفايات" من حوله أناسا من كل الاطياف، بدأ يضرب الاصطفافات المعروفة. مما أشّر الى استفاقة المرحوم "مجتمع مدني" الذي كان الامراء قد دفنوه تحت سابع ارض على أثر ابرامهم لاتفاقية الطائف وتقاسمهم للمغانم واحتكارهم للسلطة. وهو المولج في نطارة السلطة مغبة تجاوزها حدها، ويشكل والقضاء ضمانة عدم وقوع البلد في الديكتاتورية والغي التي تمارسها القلة الحاكمة.
فحتى نتائج المناقصات المبتورة قرأت على هواهم. وصار مطلوبا من اللبنانيين الاعتذار من الاحتكار وتأييده. ومن الجدير ذكره انّ أكلاف سوكلين لا تتضمن معالجة فعلية للنفايات بل جمع وكنس ولم بعض المواد، وتوضيب زهاء 85 بالماية ومن النفايات وأكثر، وطمرها.
إني اعتقد بانه إذا ما رادات السلطة وقتيا التمديد لسوكلين بعد ان سحبت ورقة المطمر من النائب وليد جنبلاط فلتتفضل الدولة وتؤمن مساحة للمعالجة (لزوم بناء معامل الفرز وفق ما نص العقد)، وقد تخلفت عن تأمينها اراديا، فكان ان سددت للشركة مبالغ من صندوق البلديات لقاء خدمة لم تتلقاها يوما. فلا يجوز ان تتآمر السلطة على من يدفعون الضرائب وتستمر بالتمديد لذلك.
طبعا ليست النفايات الموضوع الوحيد الذي تآمرت فيه الحكومات على الدولة والشعب بل انّ الملفات كثيرة وفي مقدمها الكهرباء وغيرها. ما حدث من حراك بالرغم من كل التشوهات ومحاولات الجر الى الاستغلال يشكل درسا لا بل خطا بيانيا جديدا على خارطة صنع القرار لا يجب تخطيه من قبل الحفنة الحاكمة مغبة وقوع البلد في حلقة العنف والفقر واللا استقرار.

  • شارك الخبر