hit counter script

مقالات مختارة - وليد أبو سليمان

كي نحمي ثورتنا...

الخميس ١٥ آب ٢٠١٥ - 09:21

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

"البلد"

حين يخرج الناس عن صمتهم ويصرخون في وجه حكامهم، غير مكترثين لكمّ الفوارق الفاصلة بينهم، ولا يتطلّعون الّا للقواسم التي تجمعهم، يصبح الكلام من بعدها مجرد تتمات لفظية لا تبدّل في اتجاه الريح.

لا صوت يعلو فوق صوت الشعب. ومتى قرر الشعب أن يثور ويكسر قيود الصمت ليقلب السائد والمفروض رأساً على عقب، ستصبح حينها بقية الطروحات بعض حواشٍ لا تقدّم ولا تؤخّر في الأصل والأساس. هكذا بدا مشهد ساحة رياض الصلح خلال الأيام الأخيرة. وكأنه ولادة جديدة لسلطة الناس التي قالت من دون أن تلفظ: الأمر لي.
لوحةً اعتقد اللبنانيون لوهلة أنّها من نسج الخيال، وأنّ الواقع لن يسمح برسمها، لا بل إنّ أمراء الطوائف والقابضين على أرواح الناس، لن يسمحوا بقيامها. وبالفعل، اشتغل هؤلاء شغلهم وعمدوا من خلال بعض زعرانهم الى تشويه المشهد وتحويله الى ساحة حرب... وإذ بإرادة الناس تنتصر، وترفض الإذعان.
قد تكون اللحظة المنتظرة منذ عقود. أن يستعيد أصحاب الوكالة، وكالتهم من الذين أساؤوا استخدامها وراحوا يستغلونها لخنق وكلائهم فقراً وكذباً وسرقة ونهباً وتنكيلاً ووقاحة ما بعدها وقاحة.
في هذه اللحظة، لا تعود للأجندات السياسية أي مكانة. لا جدوى من صياغات تسووية ترقيعية تزيد الألم ألماً لأنها لا تخدم الّا أصحاب المصالح المافيوية الممسكة بعنوق الناس وبأنفاسهم.
عندها لا تنفع المطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية أو بتسيير عمل الحكومة أو بتنشيط مجلس النواب. حلول تخديرية ستعطي برءاة ذمة لكل من سمحت له نفسه بأن يمد يده الى السلطة العامة والمال العام والحقوق العامة. عندها لا بدّ من استئصال المرض من جذوره واللجوء الى علاجات الكيّ.
في هذه الحالة، يستعيد الشعب سلطته ليصبح هو الحاكم، هو صاحب الوكالة، صاحب القرار. تعود السلطة الى الأساس، ليبدأ البناء من جديد على أسس متينة وصالحة.
ليس عيباً تجاوز الاستحقاق الرئاسي للمطالبة بإجراء انتخابات نيابية سليمة وفق قانون يحترم الخصوصيات اللبنانية ويعرف كيف يحاكيها لتأمين التمثيل الصحيح من خلال تكريس مبدأ النسبية المعتمد في أرقى الدول وأكثرها ديمقراطية. لا بل هو واجب علينا أن نترك كل التفاصيل لنعود الى الأصل. والأصل هو في كلمة الشعب التي تعبّر عنها صناديق الاقتراع.
في كل دول العالم، حين تواجه السلطات القائمة أزمة دستورية، تعود الى الشعب، الى مصدر السلطات، لتحتكم اليه، وتدعو الى اجراء انتخابات نيابية مبكرة للخروج من عنق أزمتها. هذا ليس اختراعاً جديداً، هو جوهر الممارسة الديمقراطية الصحيحة وعلاج الأزمات الكبيرة.
نحن لا نطالب بإجراء انتخابات مبكرة، نحن نطالب باجراء انتخابات نيابية مؤخرة منذ أكثر من سنتين، تم ضرب مواعيدها بدم بارد. كفى تحايلاً على الناس وعلى سلطتهم التي لا تعلوها سلطة. كفى ضرباً لأبسط حقوقهم. كفى سحقاً للديمقراطية. اعطونا ما لنا، فقد أخذتم أكثر مما لكم.
هكذا، ولحماية الحراك العفوي الذي احتضنه الشارع خلال الأيام الأخيرة لا بدّ من وضع خريطة طريق لمعالجة أزمة الحكم القائمة، والتي يرفض بعض الطبقة السياسية المافيوية الاعتراف بوجودها، تقوم أولاً على وضع قانون عادل للانتخابات ومن ثم الدعوة الى اجراء انتخابات عامة تكون الحجر الاساس لاعادة بناء هيكل السلطة، بما فيها رئاسة الجمهورية والحكومة. اما غير ذلك فستضيع جهود اللبنانيين المتعطشين الى سلطة تمثلهم وتتماثل مع طموحاتهم، هباء...

  • شارك الخبر