hit counter script

باقلامهم - ماريو نصار

هل نحن في خضم حرب عملات أو ان ما نواجهه هو مجرد انذار كاذب؟

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٥ - 07:24

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في ثلاثينيات القرن الماضي جرى تخفيض للعملات العالمية بهدف التنافس، وهو الامر الأكثر إقناعًا خلال فترة الكساد الكبير، وقد استخدمت الدول المتقدمة هذه الاستراتيجية لتحفيز اقتصاداتها. وبعد التخلي عن معيار الذهب العالمي، نفذت ثلاثة أطراف رئيسية، وهي فرنسا، والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا العظمى، سياسة التيسير النقدي لدعم النمو الاقتصادي والتوسع التجاري. بمعنى آخر، لوحظ وجود تخفيض متعمد في العملة المحلية من قبل السلطات من أجل زيادة الصادرات، وبالوقت عينه تخفيض الواردات، وبالتالي زيادة الإنتاج في الاقتصاد المحلي وتقليل معدلات البطالة. ومع ذلك، فإن رد فعل البلدان الأخرى، عبر تخفيض قيمة عملاتها الخاصة، جعلت هذه السياسة غير مجدية، إنما، على العكس من ذلك، ساهمت في عدم استقرار الاقتصاد الدولي، وتهديد القوة الشرائية للأسر ومعدلات إنفاقهم، وعززت التضخم. ولحسن الحظ، انتهت الحرب في العام 1936 مع إبرام "الاتفاق النقدي الثلاثي الأطراف" غير الرسمي والمؤقت بين الدول المذكورة آنفًا، وقد أبرم هذا الاتفاق لضمان استقرار عملات هذه الدول سواء في الداخل أو في أسواق الصرف الدولية.
بعد أزمة العام 2006، عادت العوامل المتسببة لحرب العملات، بما في ذلك العجز المالي الضخم والركود الاقتصادي. وقد ازدادت المخاوف في العام 2010 بشأن بداية حرب عملات، إلا أنّ غالبية الاقتصاديين يعتبرون بشكل خاطئ أنّ هذه الأخبار مبالغة. فمن جهة، ألقت الولايات المتحدة الأميركية اللوم على الصين فيما يتعلق ب "التلاعب بالعملة" والتجارة غير العادلة. وقد أُجبرت الصين نتيجة الضغوط السياسية المتصاعدة، إضافةً إلى معدلات التضخم المرتفعة، إلى إعادة رفع قيمة عملتها عدة مرات، ومع ذلك، فالنتيجة النهائية تقوم على تخفيض متعمد ومستمر لقيمة اليوان الصيني. ومن جهة أخرى، ساهم انخفاض قيمة الدولار، نتيجةً لتخفيف القيود النقدية لمواجهة أزمة العام 2006، وقيمة اليوان، ببقاء سعر صرف اليورو مرتفعا. وكرد فعل على ذلك، وتحت ذريعة تعزيز النمو الاقتصادي، أعلن البنك المركزي الأوروبي تنفيذ خطة مالية بقيمة 60 مليار يورو تقوم على شراء السندات الحكومية الصادرة خلال الفترة 2015-2016. بالإضافة إلى ذلك، زادت الأخبار حول أزمة الديون اليونانية من انخفاض قيمة اليورو وساهمت في حدوث حرب العملات الحالية. وقد سبقت هذه الخطوة سياسة التيسير الكمي التي نفذها البنكان المركزيان في اليابان وبريطانيا العظمى.
في حين أن النوايا المعلنة لجميع السياسات النقدية الخاصة بالبلدان تركز على محاربة الأزمة المالية الأخيرة وتعزيز النمو الاقتصادي، الهدف الأساسي من التيسير النقدي الملاحظ حاليًا هو حرب عملات حقيقية لن تنتهي أبدًا إلى حين التوصل إلى تسوية اقتصادية واضحة من قبل جميع الاقتصادات الكبرى. وإلا فإن الاقتصاد العالمي سيواجه انتكاسة كبيرة مماثلة لتلك التي شهدناها في بداية الثلاثينيات.

 


 

  • شارك الخبر