hit counter script

باقلامهم - ماريو نصار

الأزمات الاقتصادية: أزمة اليونان والاتحاد الاوروبي

الثلاثاء ١٥ آب ٢٠١٥ - 06:37

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ستستمر أزمة الاقتصاد الدولي، بشكل خاص في منطقة اليورو، وذلك بسبب أزمة الديون اليونانية إلى حين اتخاذ إجراءات صارمة من قبل الحكومة اليونانية. وهذا القرار هو اليوم بين أيدي الحكومة اليونانية، لا الدائنين. وهناك حاليًا نوعان من الخيارات المتاحة، السيء والأسوأ. يقوم الخيار الاول على التخلف عن السداد وخروج اليونان من الاتحاد الأوروبي مع خطر محتمل في مواجهة الصدمات الاقتصادية والمالية القصيرة المدى. أما بالنسبة إلى الخيار الأخر، بإمكان اليونان إعادة هيكلة ديونها مرة أخرى، إلا أنّ هذا الخيار قد يكون بمثابة الموافقة على استمرار اليونان في موته البطيء. وفي هذه المقال، سنوضح جذور الأزمة، ودور صندوق النقد الدولي في تفاقم أزمة الديون والتوقعات المستقبلية.
تواجه اليونان أزمة ديون، على غرار العديد من البلدان المحيطة الأخرى. وقد بدأت الأزمة بالتطور منذ انضمام هذا البلد الأوروبي إلى منطقة اليورو. وعلى الرغم من أنّ معظم التحليلات السائدة تلوم اليونان على الأزمة الاقتصادية الحالية، وتعتبر الفساد، والإنفاق العام غير المسؤول طوال السنوات الماضية، وغياب إنتاجية اليونانيين ، الدوافع الرئيسية لأزمة الديون، إلا أنّ هذا المقال يعتبر هذه التحليلات خاطئة. إذ ان حجتنا الرئيسية تقوم على أنّ الدين العام هو نتيجة للأزمة لا سببًا لها.
وفي عملية ولوج اليونانيين إلى منطقة اليورو، ومن ثم اعتمادها العملة الأوروبية الموحدة، حذّر علماء الاقتصاد الهيترودوكسي من المخاطر المحتملة التي سيواجهها الاقتصاد اليوناني في المستقبل. وكان فقدان الإنتاجية وتدهور الميزان التجاري لليونان الحجتين الرئيسيتين آنذاك. وان ثبات الأجر لليد العاملة الألمانية منذ سنوات، والوضع الصناعي المؤاتي والقدرة على إغراق السوق اليونانية بإنتاجها الأكثر تطورًا بفضل الانفتاح التجاري، كانت الصناعات اليونانية تتدهور ببطء. وفي حالةٍ مماثلة، فإن أية دولة اخرى ستعمد حتما الى تخفيض قيمة عملتها من اجل مواجهة العجز التجاري واستعادة القدرة التنافسية لإنتاجيتها. ولكن، للأسف، كانت اليونان محاصرة في منطقة اليورو وفي العملة الموحدة، وبالتالي تراكم العجز الخارجي. ولذلك، اضطرت الحكومة أن تستثمر مبالغ ضخمة من المال لمواجهة الآثار الجانبية لاعتماد اليورو.
وكان الائتمان، السبيل الوحيد لتغطية العجز الهائل المتراكم على مر السنين الماضية. وقد فرض صندوق النقد الدولي والدائنون ما يعرف باسم "الثالوث المقدس" القائم على التحرر الاقتصادي، والخصخصة والتقشف لمواجهة الأزمة اليونانية. وقد حذّر علماء الاقتصاد الهيترودوكسي مجددًا من أنّ الخطة المفروضة على الاقتصاد اليوناني ستزيد من دمار الاقتصاد، وتساهم بشكل غير مباشر بتدهور العجز في الميزانية. إلا أنّ هذه الأصوات لم تّسمع، واليوم، نجد أن هذه الآراء كانت محقة.
للحكومة اليونانية خيار واحد فقط، وهو رفض التقشف على التقشف والانفتاح العشوائي المالي والاقتصادي الذي يدمر الاقتصاد المحلي والخصخصة التي تضغط على الموازنة العامة. وبالتالي يجب أن يكون القرار القاسي الأول الذي تتخذه الحكومة قائم على التخلف عن سداد الديون، فضلًا عن الخروج من منطقة اليورو. ومن المتوقع أن يصيب اليونان اضطرابات مصرفية وتجارية ونقدية في المدى القصير، إلا أنّه لا يمكن التهرب من هذا المصير السيء. أما على المدى المتوسط والطويل، فإن هذه الاضطرابات ستختفي وسيبدأ النمو بالظهور، على شرط أن يتم تنفيذ المزيد من الإصلاحات. وتشمل هذه الإصلاحات، على سبيل المثال لا الحصر، رقابة صارمة على تنقل رؤوس الاموال، وإعادة توزيع سياسات الثروة، والسياسات الصناعية الواسعة النطاق، وأخيرًا، إعادة هيكلة المؤسسات العامة.

غدا الاقتصادية (القسم 6): هل نحن في الوقت الحاضر، في خضم حرب عملات أو ان ما نواجهه هو مجرد انذار كاذب؟
 

  • شارك الخبر