hit counter script
شريط الأحداث

خاص - ملاك عقيل

دولة الزعران... ومهرجانات الفرح

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٥ - 06:33

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يستحيل لدولة في العالم ان تحصي فوق كيلومتراتها الصغيرة، التي تكاد لا تبلغ حجم النقطة على خريطة الكوكب، كل هذا القدر الهائل من التناقضات.

صار من المسلّمات الحديث عن تناقض ضمن الفريق السياسي الواحد، ضمن العائلة، ضمن الحزب... لكن الصورة تعدو أبشع حين يصبح المواطن هو الضحية.

هل تتخيّل فقيرا "يعدّ" فتات ماله يوميا، يركن سيارته في مكان ممنوع الوقوف ليوفّر ثمن ربطة خبز، ليتفاجأ لاحقا بمحضر ضبط  كلفته تكفي إطعام عائلته لاسبوع. ويصدف ان هذا المحضر قد حرّره ممثل دولة، على شكل شرطي، اغرقت هذا الفقير مع أغنياء وفقراء بلاد الارز بمستنقع من النفايات!

دولة زعران بامتياز. لا يكفيها شغفها بإغراق مواطنيها بالزبالة ومحاضر سير "سويسرية" تتخطى أحيانا الحد الادنى للاجور. تحت جناحي هذه الدولة أب يقتل فلذة كبده. طفل يُشنق. ضابط يسقط برصاص زعران محصّنين بحماية درجة أولى. كهرباء بالقطارة. سيدة تدهس سيدة و"تهرسها". مجرم يكزدر بسكينه بين الابرياء. سياسيون لا يكفّون عن استغباء الاغبياء أصلا. عنف مسشتري صار مصدر إلهام لأفلام الرعب والاكشن في هوليوود. جرائم بلا عقوبة. لا رئيس ولا حكومة ولا نواب أمة، فقط أصنام ينتظرون التعليمات. عنف عائلي لا يقلّ ضراوة عن العنف السياسي والارهابي...

كل ذلك والدولة تسير كأن شيئا لا يحدث. في خضم كل هذا السواد ينبعث الامل من الجبال والمرتفعات. من الناس الفرِحة رغم همّها. في الارز يرقص سمير جعجع وستريدا جعجع. على الاغلب الخصور السياسية تهزّ في مهرجانات أخرى. الفرح جميل هنا وفي الامكنة الاخرى. وكأن لا أحقاد دفينة في القلوب.

ما الذي يمنع أصلا من أن تكون طقوس الفرح حقيقية غير مصطنعة. تشرب يوميا كل يوم مع كباية الحليب او الماء.  يمكن تخيّل احتفالية أكثر تشويقا. في مهرجان القبيات ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري يشبكون الايادي في وصلة دبكة شمالية. في جبيل عونيون وقواتيون يعتلون الكراسي و"يخلعون". في بيت الدين وليد جنبلاط يصفّق ويهزّ ويبرم في أرضه...

دولة الزعران والوسخ  يبقى فيها الكثير من الامل. الناس وتفاعلهم مع لحظات الفرح هم اصدق أنباء من أخبار النعي المتواصل لشبه الدولة. ثمّة من يزيح القمامة من أمامه منزله، يستحمّ على ضوء شمعة ثم يتوجّه الى مهرجانات الغناء والموسيقى والرقص... رغم كل التعتير والقرف والذل والروائح الكريهة إرادة الحياة اقوى من الظلاميين. الجميع يبحث عن فَرَج تأخّر كثيرا. لا بأس،  في الوقت الضائع اللبناني احترف ملء الفراغ بالكثير من الابتكارات. آخرها مذهل فعلا. ومن الزبالة.. نفرز مصدرا جديدا للحياة والاستمرارية!

  • شارك الخبر