hit counter script

مقالات مختارة - ترايسي شمعون

المعضلة اللبنانية: السمكة الكبيرة في الحوض الصغير الملوث

الثلاثاء ١٥ آب ٢٠١٥ - 10:20

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في المجتمعات الطبيعية يكون التغيير هو خارطة الطريق نحو الديمقراطية، أما في لبنان فالتغيير هو العقبة والعائق في طريق الديمقراطية.

فقد شكل هذا البلد الصغير، للأعوام الثلاثين المنصرمة، بقرة حلوباً للطمع الجامح للطبقة الأوليغارشية المحافظة على الوضع القائم من خلال امساكها بزمام أمور الدولة وما تبقى من مؤسساتها. وبدلاً من العمل إنطلاقاً من مبدأ الوفرة الكافي للجميع، يعمل القادة المترسخون من زاوية الشح حيث يكمن مخزون ذخيرة السلطة!

نتيجةً لذلك، ما يمكن إعتباره مشكلة سياسية طبيعية، للأسف، لا حل له في لبنان، لأن الحلول يجب أن تبنى على تنازلات وتسويات من أجل الصالح العام، لا الجشع العام!

الأمثلة كثيرة:

الموازنة: لا يوجد موازنة عامة كون هناك مبالغ كبيرة من المال ما زالت "في عداد المفقودين" وإن أي عملية حساب بسيطة ستؤدي حتماً إلى كشف مصادر الكثير من الثروات الخاصة!

قانون الإنتخاب: ليس في البلاد قانون إنتخاب لأن أي قانون يجب تصميمه "a la carte" من أجل إشباع رغبات وعدم أمان وخوف القادة من عدم إعادة انتخابهم.

الإنتخابات النيابية: لا تجرى الإنتخابات النيابية خوفاً من "خطورة النتائج الديمقراطية"!

رئاسة الجمهورية: لا رئيس للجمهورية نتيجةً "للضرورة القصوى" المتمثلة بمبدأ "مصلحة الدولة العليا" الكامنة بضرورة معرفة إسم الرئيس مسبقاً!

أزمة النازحين السوريين: ليس هناك أي إستراتيجية لإتخاذ موقف (وليس مسؤولية)، الشيء الذي يمكن أن يكون غير جائز سياسياً لهؤلاء الذين يلهثون من أجل المحافظة على شعبويتهم الطائفية.

محاربة الإرهاب: إن الذهاب حتى النهاية في معركةٍ ضد الإرهاب أكان في عبر أو طرابلس أو عرسال والنيل من المجرمين الإرهابيين وجعلهم عبرة للجميع بعد أن نكلوا وقتلوا خيرة ضباط وعناصر جيشنا الوطني، وهذا من شأنه أيضاً بعث رسالة خاطئة إلى البعض! لذلك، من الافضل أن ننسى أسطورة "العدالة" ومن الأسهل الإدعاء بأن أحداً لم يستشهد وبأن مدينة بكاملها ليست أبداً رهينة حفنة من الإرهابيين!

الدستور: فعلاً، إن الطلب من الجميع التقيد بالدستور وأحكامه هو طلبٌ كبير ومبالغ فيه! لكن إعادة كتابته وتعديله ضمن معايير نفعية كي يتماشى مع رغبات البعض أفضل بكثير! مثل "خلق أو إختراع" منفذ قانوني لتمديد ولاية القادة الأمنيين والعسكريين، وبدعة "تنصيب النفس" التي أدت بسبب فشل البرلمان بإنتخاب رئيس، إلى بدعة أخرى من نوع التوقيع بالإجماع على كل القوانين والمراسيم كي تمر!

متى وكيف ستتوقف الإنتهازية؟!

في لبنان اليوم شعبٌ يقدر عدده ب 3.3 مليون إنسان "محتاج". مليونان من هؤلاء مركزون في المناطق الأكثر فقراً والأكثر بؤساً. هناك أكثر من 340,000 ولد بلا تعليم! المستقبل مكتوب وواضح!

على ماذا يتقاتلون بعد؟ ألا يدركون إنه قريباً لن يعود هناك شيء ينهشوه؟!
 

  • شارك الخبر