hit counter script

أخبار محليّة

ريفي: حماية الضحية واجب أخلاقي ومعنوي قبل ان يكون قانونيا

الخميس ١٥ تموز ٢٠١٥ - 18:58

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أطلق وزير العدل اللواء أشرف ريفي ورئيس كاريتاس لبنان الأب بول كرم، "الحملة الإعلامية لمناهضة الإتجار بالأشخاص" خلال مؤتمر صحافي عقد في مكتب ريفي، بدعوة من "مركز الأجانب في رابطة كاريتاس لبنان"، بمناسبة "اليوم العالمي لمناهضة الإتجار بالأشخاص"، في حضور ممثل وزير العمل المحامي سمير خلف وعدد من القضاة والشخصيات والضباط، ومديرة كاريتاس الدكتورة ريتا رحيم، ومدير مركز الاجانب في كاريتاس لبنان برونو عطية، ووفد من المحامين في المركز، وفريق العمل.

بداية اكد كرم أنه "في آخر تشبيه للاتجار بالبشر، يقول الكرسي الرسولي في الفاتيكان عنه انه وباء صامت"، وقال: "لكي نتغلب على هكذا وباء بالعمل الانساني واحترام كرامة الشخص البشري، علينا ان نكسر صمت العديد من ضمائر كبار التجار والمستفيدين من اي نوع من من التجارة الرخيصة للانسان، هذا الانسان المخلوق على صورة الله ومثاله، لا تضاهيه اموال الدنيا بأسرها، فالانسان اهم مخلوقات الله، يتمتع بمواهب وخلوق ومبدع، لذا من واجبنا الانساني ان نقف وقفة تضامن في اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالاشخاص الذي يعتبر بمثابة فرصة لاستنهاض الهمم من اجل وضع حد لهذه الجريمة واتاحة بصيص من الامل للضحايا. وفي هذا السياق يقول الامين العام للامم المتحدة بان كي مون: "ذلك يلزمنا ان نتصدى للمتاجرين بان نقطع عليهم سبل التمويل ونصادر املاكهم، واني اهيب في هذا المقام بكل البلدان ان تصدق على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة وعلى بروتوكولات الدول المتعلق بالاتجار بالاشخاص لكي ينفذوها بالكامل".

أضاف: "بعد سنوات من الجهود التي بذلت مع الكثيرين ممن يعاونوننا في رابطة كاريتاس لبنان وتحديدا في مركز المهاجرين الاجانب، فضلا عن التعاون مع الوزارات المعنية وبشكل خاص وزارة العدل، التي شكلت لجنة لتسيير الخلية الوطنية لمكافحة الاتجار بالاشخاص مع وزارة العمل، وبالانسجام التام مع مذكرات التفاهم الموقعة مع المديرية العامة للامن العام والمديرية العامة لقوى الامن الداخلي، وإثر حملات التوعية لتجديد اسباب وطرق الوقاية لمكافحة ومعالجة وحماية وصون حقوق الضحايا وللسعي الى سلوط طريق العدالة في معاقبة المرتكبين ولخلق آلية للتعاون بين بين اصحاب الشأن في الداخل والخارج كي نحد من هذه الآفة، صدر في الاول من ايلول 2011 قانون رقم 164/2011، الذي يجرم ويعاقب الاتجار بالاشخاص ويتضمن الآلية الواجب اتباعها للوصول الى احقاق الحق وتأمين الحماية والملاحقة القانونية".

وتابع: "يقدر عدد الذين يقعون ضحية العبودية الحديثة والاتجار بالاشخاص بنحو 2.5 مليون إنسان، فالرجال والنساء والاطفال يقعون فريسة بين ايدي المتاجرين بالبشر سواء في بلدانهم او في الخارج. ويتأثر كل بلد في العالم بظاهرة الاتجار بالبشر، سواء كان هذا البلد هو المنشأ او نقطة عبور او المقصد للضحايا والعبودية، في جميع اشكالها القديمة والحديثة، تعتبر عملا مشينا ومخجلا لا مكان له في عالمنا".

واردف: "إن هذا الشكل من التعاون مع وزارة العدل ورابطة كاريتاس والمجتمع المدني سيقوم على تطبيق مشاريع ونشاطات لنشر ثقافة العدل وللتوعية حول احترام الحقوق والتقيد بها وانسنة العلاقة بين الجميع. فليعي كل واحد منا ان الانسان هو محترم في العالم وعليه ايضا ان يكون محترما في منطقتنا المقهورة في هذا الشرق الذي ينزف باستمرار، فلا يجوز ان يسمح بالتمادي في العديد من اوجه الاتجار بالبشر، اكان الدعارة القسرية، وتجارة الاعضاء وبيع الاطفال او استغلالهم بالعبودية الحديثة، فلهم ولنا الحق ان نتنشق هواء نظيفا، وان نشعر باننا هنا، نعيش ونعمل معا من اجل نشر ثقافة المحبة والسلام والتآخي، عبر اتخاذ تدابير الحماية اللازمة".

وختم: "نشكر وزارة العدل راعية هذا الاحتفال ونؤكد لمعاليكم تعاوننا، كما ونشكر وزارات الداخلية والعمل والشؤون الاجتماعية والصحة والاقتصاد والمديرية العامة للامن العام والامن الداخلي، لما قاموا وسيقومون به في هذا المحال. فتعالوا معا في هذا اليوم العالمي لمناهضة الاتجار بالاشخاص لنجعل منه فرصة لتوحيد الجهود واستنهاض الهمم وحث الجميع للحد من هكذا جرائم واثقين باحسن تطبيق للانظمة والقوانين التي تحفظ حقوق الجميع".

بدوره تساءل ريفي: "هل يكفي أن نصدر قانونا يعاقب جريمة الاتجار بالاشخاص ويحمي ضحيتها والشهود عليها حتى نعتبر أننا إنجزنا وأجبنا وأدينا مهمتنا؟ وهل تقتنع وزارة العدل بما إجتازته من تحد وهو كبير، شقا حمائيا بدا مستعصيا من قانون وجد ليس فقط من أتجر بإنسان، وإنما أيضا لحماية هذا الانسان أيا يكن لونه أو عرقه أو دينه أو جنسه أو جنسيته".؟

أضاف: "كان بوسع وزارة العدل أن تكتفي بما أبرمته من إتفاقية مع رابطة كاريتاس، لتعلن أنها قد أتمت ما أناطه بها القانون من دور حمائي، لكنها لم ولن تفعل، وكان بإمكان وزارة العدل أن تتذرع بضيق إمكانياتها وشح مواردها ونقص طاقاتها، ولكنها لم ولن تفعل، كان بوسعها أن تلقي التبعة على غيرها، ولكنها ما أعتادت من واجب أو التنصل من مسؤولية".

وتابع: "الواجب أخلاقي قبل كونه قانونيا، والمسؤولية معنوية قبل أن تكون قانونية، والتحدي الحقيقي هو تجاه أنفسنا، تجاه مجتمعنا، وتجاه وطننا الذي يأتمننا على أمنه وأمانه، وواجبنا هذا لا يقتصر على حماية ضحية تحمل الجنسية اللبنانية، وإنما يمتد ايضا ليشمل كل إنسان كان ضحية إتجار او إستغلال في لبنان، ولكن كيف نحمي هذه الضحية؟ كيف نصل اليها؟ كيف نعبر اليها؟ كيف نعلمها بوجود قانون وضع لحمايتها ولمعاقبة من أتجر بها؟ كيف نبني جسر الثقة؟ كيف نخرق جدار الصمت ونحطم حاجز الصمت؟ كيف نجعل الضحية تثق بنا، وتأمن لنا وتؤمن بقضاء هو وحده قادر على حمايتها؟ كيف نخاطب ضحية أجنبية قد لا تفهم لغتنا، أو تجهل قوانيننا، أو تخاف من السلوكيات المولجة تطبيقها؟ كيف نقنعها بأننا قادرون على حمايتها ومعاقبة من استغلها؟".

وأردف: "فالضحية لن يتسنى لها أن تتصفح جريدة محلية أو رسمية حتى تكتشف ما أصدره لبنان من تشريعات او ما صدقه من معاهدات، ولن تستطيع المشاركة في مؤتمرات وندوات ولقاءات حتى تتعرف الى نظام قانوني وجد لحمايتها وتحصينها ورعايتها، هي ضحية غالبا ما تؤثر الصمت على الكلام، والرجوع الى بلدها على اللجوء الى القضاء، ونيل مستحقاتها المالية على الكشف عن الجريمة، حتى ولو كانت هي ضحيتها، هي ضحية أمعن تاجرها في عزلها وتهميشها ونفيها وتخويفها وتهديدها وترويعها وتعنيفها جسديا ومعنويا، وذلك داخل المنزل أو المصنع وحتى الشارع حيث يستغلها، حتى باتت تشعر انها سجينته الدائمة أو رهينته الابدية، هي ضحية اوهمها تاجرها وربما اقنعها بأنه ملاذها الوحيد، وأن البديل عنه هو الشرطي الذي سيلقي القبض عليها، والقاضي الذي سيرمي بها في السجن، هذه هي الضحية، الوصول اليها صعب شائك وشاق، لكنه ليس متعذرا".

ولفت الى أن "سياسة التوعية، من إعلامية وتربوية وثقافية وقانونية واجتماعية، وحدها كفيلة بمواجهة سياسة العزل والتهميش، والتوعية لا تكون منتجة أو مثمرة، الا اذا تمت بلغة تفهمها الضحية وبأسلوب مبسط ترتاح اليه هذه الاخيرة، التوعية هذه لا تقتصر على الضحية نفسها التي لا تعترف ربما بأنها ضحية، وإنما يجب أن تمتد أيضا شرائح المجتمع على اختلافها، فيشعر عندئذ كل فرد أو شخص بأن مهمة حماية الضحية تقع على عاتقه، ويقتنع بأن قيامه بإعلام القضاء او الضابطة العدلية المختصة بوجود هذه الضحية، انما يؤلف واجبا اخلاقيا وقانونيا على حد سواء".

وقال: "الكثير من المواطنين قد لا يعلمون بأن ما يمارسونه أو يشاهدونه أو يعلمون به، يمكن أن ينطوي في حد ذاته على اتجار او استرقاق او استغلال، فتوعية هؤلاء ايضا قد تحصنهم وتحميهم، وتحول دون إرتكابهم الافعال التي قد يعتبرونها صحيحة نظرا لشيوعها أو ممارستها، في حين أنها تشكل واحدة من تجليات جريمة الاتجار بالاشخاص، او أحد عناصرها او مظاهرها. والسياسة الجزائية الناجحة والفعالة لا تكتفي بمعالجة ذيول الجريمة وآثارها بعد اكتشافها او وقوعها، انما هي سياسة وقائية تستشرف الجريمة قبل حصولها وفق مؤشرات تدل اليها او تمهد لوقوعها، هي سياسة تعتمد التوعية خطابا، والوقاية خطة، والانفتاح على الفئات المهمشة خارطة طريق".

أضاف:"هكذا نفهم المواجهة؟ هكذا نعمم ثقافة تطبيق القانون؟ هكذا نؤسس بيئة حاضنة للقانون؟ هكذا نعبر نحن الى الضحية حتى تثق هي بنا فتلجأ الى قانون وقضاء؟ هكذا ننفتح على مجتمعنا؟ هكذا يتكامل لبنان الرسمي مع مجتمعه المدني والاهلي؟ هكذا ننشر سياسية مكافحة الاتجار بالاشخاص؟ هكذا نقدم نموذجا حضاريا عن شراكة حقيقية وسياسية إيجابية وقدرة على مواجهة أقسى الجرائم وأبشعها؟ وفق طريقة لا تقوم فقط على القمع والمعاقبة وانما أيضا على الوقاية والتوعية".

وختم ريفي: "الحملة التي نطلقها اليوم ما هي الا تتمة لما بدأنا به وإياكم في الامس، فالطريق طويلة وصعبة ولكنها الطريق الصحيحة التي نمشيها سويا دون يأس او احباط او استسلام، مزودين بسلاح الارادة ووضوح الرؤية وصلابة التصميم وعمق الالتزام عبر ايماننا بأننا مؤتمنون على سيادة قانون وكرامة إنسان".  

  • شارك الخبر