hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - ابراهيم درويش

هذا ما حصل معي حرفياً... بعد اعلان إستشهاد المقدم ربيع كحيل

الخميس ١٥ تموز ٢٠١٥ - 06:05

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تعبت الأقلام من الرثاء، وبُحّت الحناجر من المطالبة، فكل من في لبنان يغني على ليلاه، والكل يدعي حب لبنان من زاويته وعلى طريقته، ويشد به الى الجهة التي تناسبه، حتى يكاد يتمزق الوطن بين أيدي "الأحبة".

تجمع غالبية الشعب أن مشاكل لبنان هي في الطاقم السياسي الحاكم، وترفض هذه الغالبية الاعتراف بأنها المسؤولة عن ايصال هذه الطغمة الحاكمة الى الحكم، وأنها من أوكلتها ادارة أمورها وتنازلت لها عن حقها في المحاسبة والمساءلة. ترفض هذه الغالبية أيضاً أن تعترف أنها مجموعة من المكونات "المتطيّفة" و"المتمذهبة" و"المسيّسة" و"المتحزّبة"، وهي من المستحيل أن تنظر الى القضايا الوطنية الجامعة الا بالعين الطائفية والحزبية والمناطقية والسياسية، ولكي أقارب هذا الموضوع مقاربة مباشرة حسية أنقل اليكم حادثتين واجهتمهما اثر خبر إستشهاد المقدم ربيع كحيل، هاتان الحالتان اللتان تشكلان نموذجاً نمطياً عن حالات واسعة في المجتمع اللبناني المريض. واليكم ما حصل: فور انتشار خبر إستشهاد المقدم ربيع كحيل، تلقيت اتصالا من شخص تربطني به معرفة عادية جداً، واذ به يسألني عن الانتماء الطائفي للمقدّم الشهيد، استفزّني السؤال وأجبت بعدم معرفتي لجهة الانتماء، فما لبث أن قام هذا الشخص بالبحث المناسب، وتكلّف عناء الاتصال مجددا ليخبرني بما توصلت اليه تحرياته الخاصة حول الانتماء المذهبي للمقدم الشهيد.
ما كادت تمر خمس دقائق، حتى تلقيت اتصالاً آخر من شخص ايضاً تجمعني به علاقة سطحية أيضاً وسألني بالحرف "اللي قتله ربيع كحيل، مين هني؟"، لم افطن للسؤال جيداً، فبادلت السؤال بسؤال "كيف يعني مين هنّي؟"، فجاء السؤال ليجلي الغموض الذي أحاط بالسؤال الأول " لأي حزب بينتموا اذا بدك"؟، جوابي كان حاضراً "لا أعلم"... "شكرا" انتهى الاتصال.
مؤسف جداً، أن يكون هاجس البعض معرفة الانتماء الطائفي للقاتل والمغدور، فالجريمة لا دين لها والأبطال الذي يدافعون عن لبنان ينتمون الى كل الطوائف، الا اذا كان هذا الكلام في ظاهر الامور فقط، وعندها تُستوجَب المكاشفة والشروع فوراً في التقسيم، فقد أظهرت الجرائم المتكررة أن حتى الثوابت باتت محل نقاش وسجال، وأن ما اتفق عليه السلف لم يعد يلزم الخلف، لنخلص الى ضرورة الشروع بارساء عقد اجتماعي جديد، واعادة بناء هيكلية دولة جديدة بهيبة محفوظة تفرض على الناس احترامها وتمنع التلفت في الشوارع وتلجم حسابات التصفية الخاصة، كي لا تشرع شريعة الغاب وتصبح عرفاً متواتراً.
أفادت المعلومات أن الفاعل قد اصبح خارج البلاد، في وقت تتحضّر فريسته لتُزف الى مثواها الاخير في بلد يلوذ به الفاعلون بالحماية والاحتضان وتسهيل الهرب وتخفيف الاحكام، ثم يأتي البعض حاملاً لواء المحافظة على هيبة الدولة في معركة طواحين الهواء.
أما ختاماً، فالأمل اليوم معلّق على خروج بطل ما في هذه الدولة، ليحمل حبل المشنقة بين يديه لا ليلفه حول اعناق الفاعلين حباً بالتشفي، بل ليحصّن به أرواح أبناء بلد بكامله، " فهل لا تزال الاحلام مسموحة في بلدي...؟ أم أنه قد ولّى زمن المعجزات "، وما ان كنت قد اقتربت من الانتهاء من كتابة هذه السطور حتى علمت ان أحد الجانيين اصبح بعهدة الاجهزة الأمنية، التي نطالبها بتطبيق القانون والعدل، في بلد كانت عاصمته يوماَ أماً للشرائع!
 

  • شارك الخبر