أخبار اقتصادية ومالية
سلامه: على المسؤولين اتخاذ قرارات تعيد الثقة للمستثمرين والمستهلكين
الثلاثاء ١٥ تموز ٢٠١٥ - 14:01
أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامه أن لبنان يحافظ على سيادته من خلال تطبيق قوانينه والمحافظة على الليرة اللبنانية واستعمالها، بالرغم من أن جهات في أميركا أو أوروبا تمنع بعض المصارف والأفراد من التعامل بعملتها أو بنوكها، كاشفاً من جهة اُخرى النقاب عن أن الودائع المصرفية التي تنمو بين 6 و7 في المئة هذه السنة كافية لتمويل احتياجات القطاعين العام والخاص.
وبالرغم من إشارته إلى أن لبنان يمرّ بأوقات وظروف صعبة، إلا أنه قال "جميعاً لم نيأس يوماً كما لن نيأس هذه المرة"، داعياً المسؤولين إلى ضرورة وضع الخطط والتوجّهات واتخاذ القرارات التي من شأنها أن تُعيد الثقة إلى المستثمرين والمستهلكين، لمعالجة التباطؤ الاقتصادي الحاصل، والمتجلّي أساساً في تراجع التسليفات والانخفاض الحاد لحركة مقاصّة الشيكات.
تصريحات الحاكم سلامه جاءت خلال رعايته العشاء السنوي الذي أقامته جمعية الإعلاميين الاقتصاديين مساء الإثنين في فندق "فور سيزونز"، بمشاركة وزير الإعلام رمزي جريج، الوزيرين السابقين عدنان القصار وريّا الحسن، ممثل وزير الاقتصاد والتجارة برونو زهر، رؤساء وأعضاء الهيئات الاقتصادية والنقابات، وحشد من الإعلاميين الاقتصاديين العاملين في مختلف وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمطبوع والإلكتروني.
بعد تقديم من الزميلة كوثر حنبوري، استهل الحاكم كلمته بالقول "أصحاب المعالي والسعادة، سيداتي سادتي، يشرفي أن أكون موجوداً معكم في لقاء أُحب من خلاله أن أؤكد على احترامنا لوسائل الإعلام وأهميتها، وخاصة في جزئها الاقتصادي، حيث يسعى المصرف المركزي منذ سنوات إلى تحقيق شراكة بينه وبين وسائل الإعلام، من أجل توصيل رسالتنا وخططنا واستراتيجيتنا إلى الأسواق واللبنانيين وكل المعنيين بالسوق اللبناني في الخارج".
أضاف "فعلاً، إن الثقة التي استطعنا بناءها تتأكد سنة بعد اُخرى، بالرغم، مع الأسف، من أن أزمات مهمة تعصف بلبنان، وهذه الثقة في جزء كبير منها نتكل عليكم كي تعززوها"، مشيراً إلى "أننا نتعرض لهجمات، ولا يوجد مصرف مركزي في العالم لا يوجد لديه من ينتقده، ونحن نعمل عن قناعة لما فيه مصلحة لبنان".
وتوجه الحاكم إلى العاملين في مجالات الإعلام الاقتصادي كافةً بالقول "ليس لدينا ما نخفيه عنكم، ونحب دائماً أن تستخدموا الشفافية التي نعمل بموجبها لما يكون مناسباً وإيجابياً، كما نتمنى".
وتابع قائلاً "صحيح أن لبنان يمرّ اليوم بظروف صعبة، لكن ما نراه في الأسواق حالياً هو وضع مستقر على صعيد سوق القطع، حيث تُسعَّر الليرة مقابل الدولار بأسعار تقل عن أسعار التدخل التي يعتمدها مصرف لبنان، وهذا ما يؤكد أن السوق مرتاح للعملة اللبنانية، وأن لبنان لا أزمة نقديةً لديه، وإن كان يعاني أزمات اُخرى".
على صعيد آخر، قال الحاكم سلامه إن "الودائع هذه السنة تزيد بوتيرة بين 6 و7 في المئة، وحققت نمواً في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري بحدود 3,5 مليارات دولار، وهي وتيرة كافية لتؤمّن التمويل اللازم للقطاعين العام والخاص".
لكنه أشار إلى "التباطؤ الاقتصادي الذي نشعر به من خلال تراجع التسليفات، حيث لا طلب على التسليف، ومن خلال التراجع الحاد في حركة مقاصّة الشيكات"، معتبراً أن "هذا الشيئ يدعونا فعلاً لحث كل المسؤولين على ضرورة أن يكون في لبنان خطط وتوجّهات وقرارات من شأنها أن تُعيد الثقة للاستثمار والاستهلاك".
في مسألة اُخرى، قال الحاكم إن "مصرف لبنان يحاول، واستطاع، أن يحقق نتائج إيجابية في الحفاظ على سمعة لبنان، في وقت نحن في منطقة لديها عقوبات ناتجة عن قرارات مصدرها خارج لبنان"، لكنه قال "نحن فعلاً نطبّق في لبنان القوانين اللبنانية"، مضيفاً "صحيح أنه أحياناً تُمنَع بعضُ الجهات وبعض المصارف وبعض الأفراد من قبل أميركا أو أوروبا أو غيرهما، من التعامل بعملة هذا البلد أو ذاك، أو مصارف موجودة في هذا البلد، لكن نحن في لبنان نبقى واقفين عند قوانينا وعند استعمال عملتنا التي هي الليرة".
وفي هذا السياق، أضاف الحاكم سلامه "صحيح أنه ليس لدينا نفوذ على العملات التي تصدرها الدول الاُخرى، وهذا أمر طبيعي، لكن سيادتنا نحافظ عليها من خلال المحافظة على الليرة اللبنانية واستعمالها".
في مجال آخر، قال سلامه إن "التطور في الاسواق المالية والنقدية مستمر، ومن خلال هيئة الأسواق المعنية بالأوراق المالية نعمل على تنظيم الأسواق والمؤسسات المالية والوساطة والمصارف، التي تعمل في هذه الأسواق أيضاً، بهدف الدفاع عن سمعة البلد، لأن هذه سوق كبيرة في لبنان، وكانت غير مراقبة والتداولات فيها بعدة مليارات من الدولارات سنوياً، ونحن نريد لهذا التداول أن يكون شفافاً ويحترم الأصول التي تريح الأسواق اللبنانية ومن يريد أن يتعاطى معها من الخارج".
في هذا الإطار، قال الحاكم "نحضر حالياً لإطلاق منصة إلكترونية يشمل التداول من خلالها كافة الأدوات، وحتى الذهب والعملات ما عدا الليرة اللبنانية، وتشارك فيها المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة، ولأنها الكترونية يمكنها أن تتواصل مع الخارج، ومن خلالها يمكن استقطاب استثمارات اللبنانيين القاطنين في الخارج، سواء في العالم العربي أو في غيره".
وأعرب الحاكم عن أمله "من خلال هذه المنصة في أن نستطيع التوصّل إلى رسملة المؤسسات اللبنانية، بحيث لا يبقى كل تمويلها مستنداً إلى الدين".
على صعيد آخر، قال سلامه "إن التوجه اليوم في مصرف لبنان هو لإيلاء الأولوية لتعزيز الطلب الداخلي، ونحن مستمرّون بالبرامج التحفيزية للقطاعات الاقتصادية ومستمرون ونجحنا في تحقيق توسّع في ميزانيتنا من دون احداث تضخم او خطر على الليرة، لأن هذا السقف هو المعيار الذي يفيدنا إلى أي مدى يمكننا المضي قُدُماً بخطط كهذه".
أضاف "كما أننا منخرطون ونريد أن يكون لدى لبنان اقتصاد معرفة نعتبره سيكون أساسياً لاستحداث فرص عمل وتحسين تنافسية لبنان، وأعتقد خلال السنتين الماضيتين الكل شعر بالخطوة الكبيرة التي حصلت في هذا القطاع وردود الفعل المحلية والدولية حيال هذا الأمر".
وانتهى الحاكم سلامه إلى القول إن "لبنان بلد مهم بطاقاته البشرية المهمة، وفي المستقبل سيرتكز على 3 قطاعات أساسية، هي: القطاع المالي واقتصاد المعرفة وقطاع الغاز والنفط"، وختم مؤكداً "نمرّ بأيام صعبة، لكننا جميعاً لم نيأس يوماً كما لن نيأس هذه المرة".
كلمة جمعية الإعلاميين الاقتصاديين ألقايها رئيسها، عدنان الحاج، وقال فيها "حضرة راعي الحفل سعادة حاكم مصرف لبنان، اصحاب المعالي والسعادة، الزميلات والزملاء، الحضور الكرام. كثيرة هي استعمالات كلمة التكامل وهي تنطبق أكثر من غيرها على مجال التكامل بين القطاعات الاقتصادية وهيئاتها والاعلام الاقتصادي الذي يتولى نقل الصورة عن الاعمال والانجازات التي تعكس نشاط الهيئات والقطاعات في الظروف اللبنانية الصعبة في ظل تطورات المنطقة هذا الاعلام هو مرافق النشاطات في حال الازدهار والصعوبات والأزمات بهدف اظهار مدى صلابة ومناعة القطاعات التي تجاوزت بعدما عايشت كل انواع التطورات والتوترات بهدف النهوض والاستمرار".
وتابع أن "القطاعات الاقتصادية مسؤولة على القضية الاجتماعية كما القضية الاقتصادية، وهي معنية بتعزيز نمو فرص العمل ومكافحة البطالة والحد منها في مواسم التزايد في الصعوبات غير المسبوقة، والفراغ الطويل غير المسبوق الذي بعيشه لبنان حالياً نتيجة أزمات المنطقة".
وأضاف قائلاً: "عنصران يكرسان الاستقرار الحالي والجزئي الذي يتمتع به لبنان العنصر الأول هو الاستقرار النقدي الذي يرتبط عضوياً بعنصر الاستقرار الاجتماعي وهو أساسي لضمانه، وكذلك القيمة الشرائية لما تبقى من الاجورفي ظل نمو وتنوع الاعباء، وهو ما يقوم به مصرف لبنان بحماية استقرار النقد بسياسة حاكمه رياض سلامة بالتعاون مع القطاع المالي والمصرفي والعنصر الآخر هو الاستقرار الامني والذي تقوم به السلطات الأمنية والجيش اللبناني بالحدود الدنيا لذلك فإن تأثر أي منها سيصب البلاد والقطاعات بكاملها".
ولفت إلى أن "هذه العلاقة بين القطاعات الاقتصادية والاعلام الاقتصادي من شأنها أن تسهم في تعزيز دور الهيئات الاقتصادية وإظهار ايجابيات نتائجها في ظل الظروف الصعبة تشبه على حد كبير حاجة البلاد إلى الاستقرارين النقدي والأمني".
وخلص إلى القول إن "إيصال المعلومة الاقتصادية بموضوعية من شأنه أن يكون بمثابة عنصر حماية للقطاعات، ناهيك عن التعريف بها مهما تعددت الوسائل الإعلامية، فالخبر غير الموضوعي والصورة غير الموضوعية، من شأنهما أن يوازيا عدم الاستقرار بالنسبة لأمن المؤسسات، فمن هنا ضرورة تعزيز التعاون والتكامل بين العمل الاقتصادي والمالي وبين الخبر الذي يبلوره ويظهّر إيجابياته".
واختُتم الاحتفال بتقديم رئيس وأعضاء الهيئة الإدارية لجمعية الاقتصاديين الإعلاميين درعاً تكريمياً لحاكم مصرف لبنان رياض سلامه.