hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - نبيه البرجي

تخيّلات حول حزب الله

الثلاثاء ١٥ تموز ٢٠١٥ - 06:51

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

للالماني عانتر غراس «لا تستغربوا ان يكون الله قد صنع بعض السياسيين هكذا، ربما ليلهو بتلك المخلوقات العجيبة».
لبنانياً،قد لا تحصى المخلوقات العجيبة. بادىء بدء يفترض الاعتذار من الاخ العزيز دونكيشوت. على الاقل، هذه الشخصية التي ابتدعها ترفانثس كانت تحارب طواحين الهواء. طواحين ماذا يحارب الساسة عندنا؟
في حضرة احدهم الذي لم يتورع عن اتهام طهران بالوقوف وراء ازمة النفايات، دون ان يعتمد على «التحليل الديالكتيكي» فقط، كلام عن بنيامين نتنياهو الذي يرى «ان حسن نصر الله اشد خطراً بكثير من القنبلة النووية».
اذاً، كان ينبغي على باراك اوباما، وبين يديه قرار مجلس الامن الدولي رقم 1559 وصولاً الى القرار 1701، ان يفاوض الايرانيين على تفكيك «حزب الله» كونه «الذراع النووية» لآيات الله في ارجاء المنطقة، ربما في ارجاء الدنيا..
المعلومات التي لدى الـ «احدهم»، وهو شخصية سياسية، مستقاة، كما يشيع، من مرجع عربي عال جداً، تقول ان اللوبي اليهودي الذي يتولى «ادارة العمليات» في اروقة الكونغرس يضغط على البيت الابيض، وبوسائل شتى، لحمله على التغطية الكاملة لاي عملية عسكرية اسرائيلية تتوخى اجتثاث «حزب الله» في لبنان، وعلى اساس «القيام بعملية نوعية غير منتظرة».
ولان معلومات الشخصية إياها نزلت للتو من السماء، او ادنى من ذلك بقليل، تلفت الى ان هيئة الاركان الاسرائيلية في حالة استنفار قصوى، وبمنتهى السرية(!!). واذ « يخيّل» للبعض ان خطة عسكرية اعدت لضرب ايران، فإن الهدف الحقيقي هو «حزب الله» بعدما اجريت مناورات معقدة، وقيل خارج اسرائيل، لتنفيذ عمليات انزال على بعض القمم اللبنانية ذات الحساسية الاستراتيجية العالية، وتحويل البلاد الى مربعات عسكرية مقفلة.
والشخصية السياسية تعتبر ان المناخ السيكولوجي في لبنان الآن قابل للتفاعل مع اي عملية عسكرية اسرائيلية، وحتى للتنسيق معها، واكثر بكثير مما حدث في عام 1982 حين اعتمد ارييل شارون على قوة او جهة لبنانية واحدة، ودون ان تتطرق الشخصية الى التغطية العربية، وبكل الوسائل، لدعم اي خطوة من هذا القبيل.
ولا تنسى الشخصية الاشارة الى ان سوريا التي كانت تمثل العمق الاستراتيجي لـ«حزب الله» تفككت، اي انها لم تعد تصلح حتى كمدى تكتيكي للحزب الذي يدرك ذلك جيدا، من هنا كانت مغامرته الكبرى على الارض السورية ليس فقط لمساندة نظام هو في الرمق الاخير، وانما لتأمين امتداد جيوسياسي له، وهذا ما حمل ايران على وصف الحزب بقوة اقليمية لا يشق لها غبار.
لا حدود لثقة الشخصية السياسية بأن ثمة جهة عربية بدأت بـ «رص الصفوف» لمواجهة «حزب الله» سياسيا واعلاميا الى ان تحين تلك اللحظة التي يغدو فيها سيناريو « الاغتيال» جاهزا، ومع اعتبار ان «التحول التركي» يمضي في هذا الاتجاه، اذ ان رجب طيب اردوغان يراهن، وبعد انهاك تنظيم الدولة الاسلامية، على تجاوز واشنطن لاءاتها حول تقويض النظام خشية ان يكون البديل في قصر الشعب ابا بكر البغدادي...
هذا الكلام يتردد بوضوح في حضرة الشخصية السياسية( لم نقل ذلك المخلوق العجيب) التي توحي بأنها تقارب المشهد الاقليمي والدولي بانوراميا، فيما تبدو المقاربة مسطحة الى حد بعيد، ودون الالتفات الى الواقع الذي يمكن ان تفرضه انعكاسات الاتفاق النووي على خارطة المعادلات في المنطقة.
لا احد الا ويعلم كيف يعمل اللوبي اليهودي حاليا، وكيف تنشط اسرائيل في مهلة الستين يوما للحصول على ثمن حساس وخطير مقابل تمرير الاتفاق في تلة الكابيتول، ولكن اي ثمن اذا كان رئيس الولايات المتحدة قد استمات، وبدعم كامل من البنتاغون ومن اجهزة الاستخبارات، للوصول الى الاتفاق وصياغة افق جديد للعلاقات مع طهران التي يعلم القاصي والداني ماذا يعني، بالنسبة اليها، «حزب الله».
لا بد للمخلوقات العجيبة ان تمضي في تخيلاتها. ألم يقل الروائي الالماني الرائع ان الله صنعها ربما ليلهو بها؟!
 

  • شارك الخبر