hit counter script

مقالات مختارة - محمد بلوط

استقالة سلام خط احمر

الثلاثاء ١٥ تموز ٢٠١٥ - 06:50

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

صحيح ان الرئىس تمام سلام وصل الى حدود نفاد الصبر بعد ان كشفت ازمة النفايات هشاشة وضع حكومته، لكن الاستقالة التي استعدّ لها غير مرة تكاد تكون خطاً احمر.
واذا كان رئىس الحكومة قد وجد نفسه ينزلق مؤخراً الى موقف صعب للغاية وبدأ يخسر من رصيده الذي جمعه بـ«السراج والفتيلة»، فانه في الوقت نفسه يدرك محاذير الاستقالة ونتائجها.
في معركة آلية عمل مجلس الوزراء حاول سلام اعتماد سياسة الشدّة واللّين في آن معاً، فتمسك بقوة بصلاحية وضع جدول الاعمال مقابل فتح الباب امام مناقشة طريقة اتخاذ القرارات انطلاقاً من صيغة التوافق.
وبدا من خلال ما حصل في الجلستين السابقتين ان الجميع أيّدوا شراء الوقت وترحيل الازمة قدر المستطاع اولا لتفادي الوصول الى طريق مسدود وانفجار الوضع الحكومي برّمته، وثانياً لانضاج صيغة التسوية التوافقية.
ومع انفجار ازمة النفايات طرأ عنصر جديد ساهم ويساهم في تعقيد الازمة من جهة، ويرفع منسوب الضغط على رئيس الحكومة من جهة ثانية خصوصاً مع تفاقم الوضع في بيروت التي وجدت نفسها محاصرة باكوام النفايات بعد ان انعدمت سبل رفعها ونقلها الى اي مكان او منطقة.
تقول مصادر «التيار الوطني الحرّ» ان هذه الازمة جرى توقيتها لأهداف سياسية منها محاولة احراج التيار داخل مجلس الوزراء وكسر مقاومته لاعتماد آلية عمل للحكومة لا تأخذ بعين الاعتبار الشغور الرئاسي وصلاحيات رئىس الجمهورية.
وتتهم المصادر الاطراف الاخرى وتحديداً تيار المستقبل بأنه وراء ما حصل، مشيرة الى ان المشكلة مزمنة وليست وليدة الساعة.
اما أوساط رئيس الحكومة فترى ان الارباك الحاصل هو نتيجة الازمة التي تعصف بالحكومة منذ اسابيع بسبب سياسة التعطيل التي يعتمدها البعض بذريعة البحث عن الية لعمل مجلس الوزراء، بينما الحقيقة مرتبطة بخلفية مواقف هذه الاطراف المتعلقة بموضوع قيادة الجيش.
ولا تخفي الاوساط ان سلام وجد نفسه مؤخراً بين فكيّ ازمة النفايات التي تصيبه خصوصاً في بيروت ومعضلة العمل الحكومي، وهذا ما جعله يضع ورقة الاستقالة هذه المرّة بشكل جدي وليس من قيل المناورة.
وما زاد الطيّن بلّة هو فشل الحلّ الموقت الذي جرى الاتفاق عليه في الايام القليلة الماضية لمشكلة النفايات بعد أن تصاعدت الاعتراضات والاعتصامات وقطع الطرق في اكثر من منطقة بوجه نقل نفايات بيروت وطمرها في هذه المناطق.
وبسبب هذا الفشل بقيت هذه المشكلة تفرض نفسها على كل ما عداها، الأمر الذي انعكس وينعكس ايضاً على اجواء الحكومة، لا بل يهدّد بمزيد من الاحتقان داخلها ويعرضها الى الانفجار.
ووفقا للمعلومات التي توافرت أمس فان البحث في حلول فورية جديدة بدا كأنه مهمة شبه مستحيله، ويحتاج الى مزيد من الجهد لايجاد المخارج المقبولة والمناسبة.
وفي ظل هذا المشهد المعقّد بادر وزراء الى المطالبة بتأجيل جلسة مجلس الوزراء ريثما يصار الى فصل فتيل ازمة النفايات عن مشكلة عمل الحكومة وآليتها.
ويقول مصدر وزاري ان الوضع دقيق للغاية في ضوء التراكمات الاخيرة، وان هناك حاجة لحلول سحرية لم تتوافر عناصرها حتى الآن، وبرأي المصدر ان هذه الحلول يجب ان تنطلق من مسلّمات عديدة ابرزها ان استقالة الرئيس سلام هي خط أحمر، لأن اقدامه على مثل هذا الخيار يعني الوقوع في الفراغ والمجهول.
ويضيف المصدر ان هذه الاستقالة ستؤدي الى تحوّل الحكومة الى حكومة تصريف اعمال، وستفاقم حراجة الوضع السياسي بصورة عامة.
ولأن تكليف رئىس حكومة وتشكيل حكومة جديدة امر متعذر بسبب الشغور الرئاسي، فان الاستقالة لن تكون الحلّ بقدر ما ستساهم اكثر في تغييب الدولة وفتح الابواب امام مزيد من العواصف السياسية والتدهور في البلاد.
ويقول المصدر الوزاري ان المشكلة ليست دستورية فحسب بل هي في جوهرها مشكلة سياسية، لذلك، فان الوسيلة الوحيدة لمعالجتها هي في تعزيز اسلوب الحوار وتوسيعه، فاذا كان جمع الاطراف الى طاولة واحدة متعذرا في الوقت الحاضر فان البديل هو الحوار المتنقل بواسطة الوزراء والمعاونين.
والسؤال المطروح هل يكون البديل عن استقالة رئيس الحكومة هو الاعتكاف ام تجميد جلسات مجلس الوزراء، واستبدالها باجتماعات وزارية على طريقة اجتماعات «خلايا الازمة» با نتظار الحلول السحرية؟
 

  • شارك الخبر