hit counter script

مقالات مختارة - مفيد سرحال

نظام المحاصصة يعني توزيع «المزابل» بالتساوي

الإثنين ١٥ تموز ٢٠١٥ - 07:31

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

وصف مرجع سياسي عتيق النظام السياسي اللبناني ربطاً بازمة النفايات على انه اكبر المزابل التي رشحت عنها كل الازمات والمكبات، وبات بحاجة الى الفرز والتدوير سيما انه يدور في حلقة مقفلة عصية على الكسر تحت وطأة الافرازات الطائفية...
ويقول المرجع : كيف لنظام سياسي هجين يكتنف هذا الكم من العطالة الدستورية والاعطاب السياسية والخواء القانوني والعجز ان يستمر على هذا النحو الكارثي في ادارة شؤون الناس، فما من مشروع اقتصادي حيوي او حياتي او تنموي يتبلور الا ممهوراً بالرشوة و«النصب» المشرّع والمقونن على قاعدة 6 و6 مكرر حيث استشرى تفاقم الفساد على نحو لم يعد الفاسدون يعتورهم الخجل او الوجل من ارتكاباتهم ليغدو البلد اسير مليارات الدولارات من الديون المتراكمة من دون مساءلة او محاسبة تطبيقاً لمعادلة «دعه يسرق دعه يمر»، فالسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة ولكن المسؤولية العامة في لبنان تمطر اكثر من ذلك قصوراً وودائع في المصارف الاجنبية وعقارات واسهماً او انصبة في شركات ومؤسسات خاصة ومصارف، لذا لم تعد المسؤولية العامة تكليفاً او خدمة عامة بل باب من ابواب الدخول الى نادي الثراء السريع وتحصيل المال «الحلال» من جمهورية الحرام والازلام...
ويتابع المرجع: لم يشتم مسؤولو النظام رائحة الفساد والعفن في الادارة ولن يشتموا روائح المكبات، وعمارات النفايات التي ارتفعت على نواحي الطرقات والساحات العامة وحواشي القرى والبلدات ووقفوا عاجزين عن وأد الغازات المنبثعة من جبال القمامة كما عجزوا حتى الان عن استثمار ثروة الغاز في بحرنا وارضنا.
فكيف لدولة مصابة بهذا القدر من فقدان المناعة السياسية والادارية ان تستمر وتقف مكتوفة الايدي امام معضلة «سوكلين» وكل المشاريع «المسوكلة» في لبنان بالرشى والسمسرات والعقود الوهمية والمنافع الخاصة، فاي دولة هذه التي لا تقيم وزناً للقوانين والانظمة، ومؤسساتها مرتع للفاسدين والمفسدين ولا تخرّج الا اللصوص المحترفين وبكل احترام وتقدير فالمقامات محفوظة الكرامات والمس بها مس بأقدس المقدسات ونيل من الطوائف وسمعتها فالكل يحمي الكل طالما الكل في المدرسة متساوون في المقاعد وصاحب النصيب من يغرف من خرج الدولة الاتان التي يركبها ومد اليد الى الخرج مهارة وحق من حقوق الجماعة لا فضل للص على الاخر، الا بالنهب المنظم وتحت سقف القانون.
ويتابع المرجع: لقد تم خلط الزبالة بالسياسة، وطالما ان السياسة بالية، فمعنى ذلك ان الزبالة ستتكدس وتملأ الساحات في بلد معطل نظامه خارج الخدمة وطالما يجري توريع المنافع فيما بين اهل الحكم على قاعدة المحاصصة فلماذا لا تكون لكل طائفة زبالتها وكما توزع المغانم فلتوزع المزابل وكما يسرق البلد بالتساوي فلتوزع الروائح النتنة بالتساوي حرصاً على «الزبالة المشتركة» عملاً بقاعدة ان اي سلطة لا تراعي صيغة الزبالة المشتركة تفقد شرعيتها الدستورية وهذا افضل وجوه «اللامركزية الزبالية» الموسعة والتي لا زالت بنداً اصلاحياً غير مطبق في دستور الطائف...
ويتابع المرجع: المسألة لم تنته عند «النفايات» كما لم تبدأ بها، فالنفايات احدى روائح النظام السياسي العفن العاجز والمريض والممتلىء بالبثور والقبح الطائفي والمذهبي والفساد الاداري فاذا كان هذا النظام غير قادر على معالجة اتفه المشكلات فكيف سيواجه المعضلات الوطنية الكبرى؟ فالشلل القائم لا يُحل بالمجاملات والمعهودة او الصفقات التسووية التي سلفت منذ 1943 وحتى اليوم فالخلل البنيوي في النظام تجب معالجته بالادواء المناسبة والصيغ المستقبلية لا الارتدادية او الرجعية والطائف محطة آن الاوان ان يخرج منها قطار البلد الى حيث دولة القانون والمؤسسات دولة المواطن لا دولة الرعاية في جماعات طائفية، دولة العلاقة المتصلة مع المواطن من خلال هيئات مدنية لا الطائفة كوسيط مستبد ثقيل غليظ، دولة اللاتمييز بين المواطنين على اساس الطائفة والمذهب حتى داخل الطائفة الواحدة، دولة المحاسبة والمساءلة لا دولة «اللفلفة» والنفاق المتبادل والسرقة الموصوفة بحمائية موصوفة من هذه الطائفة وتلك...
ويتابع المرجع: لم يعد مهماً على الاطلاق الشلل الحاصل في مؤسسات الدولة كما ليس من الاهمية بمكان استقالة الحكومة او على الاقل رئيسها، هذه مساءل غير ذات قيمة، القيمة الوحيدة هي انها المدخل لاعادة ترتيب البيت اللبناني بادارة سياسية مختلفة بمعنى تفاهم سياسي جديد يسميه البعض مؤتمراً تأسيسياً والبعض الآخر مؤتمراً وطنياً انما حقيقة هو طي صفحة الطائف الذي لم يطبق اصلاًَ واذا طبق غرق مطبقوه بالاجتهادات والتأويلات وثبت بالملموس انسداد الافق بالتعامل كوثيقة وطنية ترسي حالاً من الاستقرار السياسي لا بل من العكس اتفه المشكلات تعيق مسار المؤسسات وتسبب انقساماً وتهدد السلم الاهلي وتطيح الوحدة الوطنية. وبالتالي لا خير في اتفاق يلد الازمات ولا يلد الحلول، يشعر فريقاً من اللبنانيين بفقدان الدور والخوف والتهميش ويصنف المواطنين درجات حتى داخل الطائفة الواحدة، يكرس الافتئات على الحقوق وما تجلبه معها من احقاد وظلم، ويصاب بالاعياء والهزالة عند اقل خضة سياسية فالطائف كرس الطائفية وكان طائفياً بامتياز وعقيماً الا في استيلاد المناكفات السياسية والتجافي السياسي والقطيعة الوطنية واشعار العديد من الفئات بالغبن والدونية...
ويتابع المرجع: ان سقوط المؤسسات ليس لعنة او نقمة ولعل فيه الخير كل الخير كي يقف الجميع امام مسؤولياتهم ويقوموا الى طاولة حوار موسعة تجمع كل الاطياف لانجاز اتفاق تاريخي وليس باسم مدينة لبنانية عملاً بالاستقلال والسيادة ولتطرح فيه كل الهواجس وهذا امر حتمي ولا يظنن احد ان العودة للطائف ممكنة لان هذا الاتفاق ولد ليؤجل الازمات ويرقعها وكل حلوله «راهنية» تجميلية واتراه يهتز عند اول تجربة وخاصة التجارب السطحية فكيف اذا كانت عميقة وتطال «رد كرامة وحضور جماعات تشعر بالتغييب والاستلاب دوراً ومكانة ووظيفة وطنية».
ويختم المرجع: التغيير آت والبحث عن صيغة جديدة قدر اللبنانيين المؤمنين باستمرار البلد ومدخل التغيير الحقيقي سيكون قانون انتخاب يعتمد النسبية التي تكسر نظام المحاصصة الطائفية وتسقط دولة الفساد والافساد فتنشأ دولة المواطن القائمة على الحقوق والواجبات والكفاءة والمساءلة اليس من المعيب ان تطيح الدولة «ثورة الزبالة»؟ اين النخب وهيئات المجتمع المدني والاحزاب والاتحادات العمالية ترفع الصوت لانقاذ البلد من نظام عقيم، عندما يطرح زعيم طائفي الصوت يا غيرة الدين ترى الناس يملأون الشوارع صراخاً وزعيقاً طائفياً؟ اما في شأن مطلبي اصلاحي فالكل ينام لقد خدّر النظام الطائفي او بالاحرى نظام الطائف، الناس والعامة وتلاشوا في طاحونة الطائفية والمذهبية واستسلموا للواقع الطائفي والمذهبي فالانسان عندنا رقم في طائفته وبيدق في جماعة... فالجنرال عون سواء احبه البعض ام كرهه فالرجل قرع ابواب الاصلاح ورسم سقفاً لمعالجة الازمة السياسية الحاصلة بقانون انتخاب انتخابات نيابية وثم انتخابات رئاسية وهذه شروط موضوعية تشكل اساساً لتبديل المشهد الذي ارساه الطائف يبنى عليه ركائز دولة المواطن ولا يبدو ان تراجعات ستحصل في توجهات الجنرال وصحيح ان الرجل انطلق من حقوق مسيحية صرف في اطروحاته الحالية الاصلاحية سواء في مسألة الحكومة او مجلس النواب انما المكسب الوطني الكبير من الحالة الخاصة الى الحالة الوطنية العامة امر محسوم على مستوى النتائج كونه يطال بنية النظام الملتبس بالتعقيدات الطائفية والمذهبية خاصة ان المنافع تطال فئات من الطوائف لا الطوائف بمجملها وهنا يبرز البعد الوطني للحراك العوني فالمكاسرة على اشدها ولبنان على مفترق حاسم بين الدولة واستمرار نظام اللادولة»...
 

  • شارك الخبر