hit counter script

باقلامهم - دافيد عيسى

تحية إلى الشهيد الحي الياس المرّ

الإثنين ١٥ تموز ٢٠١٥ - 06:37

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

"تنذكر وما تنعاد " بهذه الكلمات البسيطة وحدها يمكن لاي لبناني ان يعبر او يتذكر ذاك اليوم المشؤوم الذي تعرض فيه وزير الدفاع السابق الياس المرّ ورفيقه العميد الياس البيسري ومرافقه امين المرّ لعمل اجرامي حاقد وغادر ومجرم في مثل هذه الايام منذ تسع سنوات.
 نعم... في مثل هذه الأيام قبل تسع سنوات تعرّض الشهيد الحي الياس المرّ ورفيقيه لمحاولة اغتيال ارهابية نجوا منها باعجوبة وحمتّهم العناية الالهية وابعدت عنهم يدّ الشرّ والغدر. وهذه العملية الفاشلة كان اصحابها ومن يقفون وراءها يريدون الغاء الياس المرّ واسكات صوته إلى الأبد، لأنه صوت حرّ وجريء، ولكن مشيئة الله كانت اقوى من يد المجرمين .
الياس المرّ له ما له وعليه ما عليه وهو بالنتيجة إنسان يصيب ويخطىء في السياسة وربما هناك البعض ممن لا تعجبه شخصية الياس المرّ أو خطه السياسي أو أسلوبه أو "تسريحة شعره" او طريقة كلامه إلى ما هنالك من أمور شخصية وخاصة، لكن ليس هناك من لبناني موال أم معارض، 8 أم 14، مسيحي أم مسلم، إلا وشعر بالمنّ والأمان حين كان المر وزيراً للداخلية وأطمأن على نفسه وعلى عائلته وعلى أولاده وكانت وزارة الداخلية يومها من افضل وافعل واهم وزارات الدولة، فاعتبروه عن حق الرجل المناسب في المكان المناسب.
هذا الرجل حافظ على الثوابت والمبادىء وظلّ أميناً لفكره ورسالة لبنان السيّد الحرّ المستقل، لم يحدّ يوماً عن قناعاته ولم يؤثر فيه ضغوط وتهديدات ومداخلات، واستمر سداً منيعاً في وجه كل المحاولات الهادفة لتقويض مشروع الدولة وضرب مؤسساتها وسلطتها.
لطالما كان الياس المرّ متعلقاً بفكرة ومشروع الدولة التي وحدها تحمي وتصون الحقوق والمصالح وتبقى الملاذ الآمن لكل المجموعات والطوائف. وشاءت الاقدار والظروف ان يكون الياس المرّ على رأس الهرم السياسي والإداري لمؤسسات عسكرية وأمنية بتوليه وزراتيّ الداخلية والدفاع، فكانت مساهمته فاعلة ومؤثرة في رفع مستوى الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وتعزيز قدراتهما ودورهما وهذا ما ادى الى زيادة ثقة اللبنانيين بجيشهم وقواهم الامنية وبالتالي ثقتهم بدولتهم...
كان الياس المرّ سباقاً في استشراف خطر الارهاب وطرح الافكار والمشاريع لمحاربته بعدما أطلّ الارهاب برأسه من لبنان قبل سنوات من الارهاب الناجم عن ثورات وعواصف "الربيع العربي ". وهذه الرؤية السبّاقة والرائدة كانت موضع إشادة وثناء من المجتمع الدولي والدوائر الدبلوماسية والأمنية في دول متقدمة عبّرت عن اعجابها بقدرة لبنان على مواجهة الارهاب بامكانات متواضعة وعلى تحقيق ما لم تستطع دول وجيوش كبيرة من تحقيقه...
وعندما وصل الياس المرّ إلى رئاسة منظمة الانتربول فانه لم يأت من فراغ ولم يصل بواسطة او تزكية من جهة محلية او دولية او اقليمية. وانما التجربة الناجحة التي خاضها اثناء توليه مهامه والخبرة التي راكمها والمقترحات والافكار التي ابدع فيها، هي التي حملته إلى هذا الموقع الدولي الحساس ليرفع اسم لبنان عالياً وينتزع اعترافاً دولياً بدوره في محاربة الارهاب والجريمة المنظمة وفي تحسين ظروف بيئة دولية آمنة.
المجتمع الدولي كافأ الياس المرّ على جهوده ونظرته الثاقبة والمتقدمة للخطر الذي يعيشه عالمنا في هذه المرحلة، وكذلك فان المجتمع اللبناني لم يتأخر ولم يتردد في مكافأته على تفانيه واخلاصه وعنفوانه ونظرته الاستباقية لخطر الارهاب. الياس المرّ له زاوية دافئة في قلوب اللبنانيين وتقدير خاص منهم.
الياس المرّ لك منا تحية وفاء في ذكرى أليمة وحزينة، ذكرى خروجك ورفاقك من بين الركام والنار والحقد والاجرام...
 

  • شارك الخبر