hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - فادي عبود

الفرز المنزلي اليوم قبل الغد

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٥ - 07:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ااجمهورية

أعتقد ان الجميع اقتنع اليوم وبشكل لا يقبل الجدل ان الطريقة التي كانت متبعة في ادارة النفايات في لبنان هي طريقة مشبوهة ومهندسة خصيصا للحفاظ على مصالح عدد من الاشخاص والحفاظ على امتيازات شركة معينة والمشكلة الاساسية هي بشروط العقد التي غابت عنها مصالح الدولة اللبنانية


لامجال للغوص في شروط العقد التي كانت بالواقع مخالفة لابسط الشروط البيئية والمصلحة العامة ومنها مثلا عدم لحظ لصالح من تباع المواد المفروزة من النفايات وعدم فرض ضريبة على الطمر من أجل زيادة التدوير للتخفيف عن المطامر.

وفي سياق البروباغندا التي تمت ممارستها لاطالة عمر احتكار الشركة ، كان الترويج لمفاهيم خاطئة تم غسل العقول بها وابرزها استبعاد طريقة الحرق ، وتصويرها كانها الشر الاكبر وكنت قد كتبت مقالاً حول شيطنة الحرق ، علما ان الحرق معتمد اليوم في اكثر الدول الاوروبية الصديقة للبيئة لانتاج الطاقة وكما هو معتمد في الصناعة وعلى رأسها صناعة الاسمنت وبالطبع نتحدث عن معامل حرق حديثة ومتطورة تراعي الشروط البيئية المعتمدة في الاتحاد الاوروبي وليس الطرق المعتمدة عشوائياً. وطبعا الحرق بعد فرز كل المواد الصالحة للتدوير .

اليوم الحالة كارثية ومتأزمة ، سببها المباشر غياب التخطيط وعدم امتلاك رؤيا في بلد انهكته المصالح الفردية وعدم الاكتراث بالمحافظة على المال العام.

واود التطرق في هذا السياق لأجيب عن سؤال كان قد طرحه الزعيم السياسي الصديق ، الذي تساءل عن عدم اهتمام هذه الحكومة بالشؤون الاقتصادية ، وجوابي بسيط انه لن نصل الى حكومة يكون الهم الاقتصادي عملها الاساسي ما لم يكن أكثر من نصف وزرائها ممن يدفعون رواتب آخر الشهر ، ليكونوا على ارض الواقع ويدركون المعاناة الاقتصادية اليومية .

لا مجال اليوم للتريث واعتماد الحلول المثالية على المدى القصير والخطط التي تستوجب في هذه المرحلة انشاء معامل متطورة فالوضع الحالي لا يتحمل الانتظار، النفايات على الابواب ، والمسؤولية مشتركة ، وانتظار خطط حكومية وتلزيم شركات بالمبدأ يجب عليها ان تؤمن المطامر لا اعتقد ان هذا سيحصل على مدى اشهر وحتما سيتطلب سنوات.

وحسب معلوماتي لن تتقدم اي شركة لبيروت وجبل لبنان قبل تأمين المطامر، وانا اتحفظ على شروط المناقصات التي تسمح بطمر الى 40% من النفايات مع عدم فرض ضريبة طمر وهذا لب المشكلة التي اوصلتنا الى الحالة التي نحن عليها اليوم .

نجاح اي حل يستوجب حس وطني من الجميع ، وخاصة ان المشكلة تتهدد كل فرد من المجتمع ، فلا طائفة ولا زعيم ولا تحالفات اقليمية ستخرجنا من جبل النفايات الذي يتهدد المناطق ، الحل بين ايدينا واراه كالتالي:

اولاً اذا كان بالامكان فرض الفرز في المصدر فيجب ان يحصل اليوم كما يقول المثل الانكليزي it is now or never
تُصدر كل البلديات تعميماً بعدم رمي النفايات المنزلية قبل فرزها منزليا ، وهي مسؤولية وثقافة يجب ان يبدأ المواطن اللبناني باستيعابها في التعامل مع النفايات ، وبالتالي تعمم البلديات انه سيتم تقسيم المستوعبات على الشكل التالي ، وعلى كل مواطن ان يتولى رمي النفايات المطابقة داخل كل مستوعب وتترافق هذه الخطة بخطة اعلامية كثيفة وكثيفة جدا الى حد غسل الدماغ تتولاها كل وسائل الاعلام عن اهمية فرز النفايات:

1. الورقيات والتي تتضمن كافة انواع الورق والكرتون الخ ...
2. البلاستيك
3. المعادن
4. الزجاج
5. مواد صلبة أخرى
6. المواد العضوية وبقايا اطعمة وبقايا مختلفة
7. البسة واقمشة

وبحسب هذا التقسيم تتعاون البلديات مع جامعي الخردة لنقل القناني البلاستيكية والمواد البلاستيكية الاخرى القابلة للتدوير ، الورق والكرتون ، الزجاج ، المعادن الى المصانع المختصة لتدويرها ، وبالطبع سيقوم جامعو الخردة بالقيام بالعمل مجانا كونهم سيبيعون هذه المواد للمصانع ، اما المواد العضوية فتتكفل الشركات بتسبيخها كما تفعل عادة حتى بت مصير العقد ، اما المواد البلاستيكية الاخرى والتي لا يجمعها جامعو الخردة فممكن التواصل مع المصانع المؤهلة لحرقها ، وتذهب البقايا الاخرى التي لا مجال لتسبيخها او حرقها الى الطمر وهنا يجب ان لا تتخطى نسبتها ال10% .

كما على البلديات ان تنشيء مركزا لاستلام الادوات الكهربائية مثل البرادات والتلفزيونات والغسالات واجهزة الكومبيوتر الخ كي لا يتم رميها في المستوعبات ، وهذه من الممكن معالجتها واستخراج قطع منها لاعادة الاستعمال ويتم ايضاً التعاون بشأنها بين البلديات وتجار الخردة.

هذه الخطوط العريضة لخطة على المدى القريب تشرك الجميع من البلديات الى المصانع والمواطن اللبناني ، لازاحة نفاياتنا عن الطريق ، فلا يمكن في ظل هذه المعضلة ان نستمر بالتعامل مع رمي النفايات كما فعلنا سابقاً .

قد تكون هذه الخطوط هي نفسها لخطة مستقبلية متطورة تعتمد التدوير والحرق لانتاج الطاقة للوصول الى اقل من 1% طمر كما فعلت السويد مثلاً التي تعتبر منشآت الحرق لديها من المنشآت الصديقة للبيئة حتى انها تقوم باستيراد النفايات من الخارج لحرقها .

يجب ان لا ينتظر اليوم رؤساء البلديات حلولا سحرية من الحكومة فهي لن تأتي ، وان يبادروا الى اعتماد خطط بديلة لا يكون الحرق والطمر العشوائي من سماتها كي لا ندمر ما تبقى لدينا من بيئة ، وسيبدأ المزايدون بالقول ان هذا الحل لا يمكن اعتماده الا في القرى الصغيرة ، وهذا غير صحيح ، فبالتعاون الحقيقي يمكن الوصول الى الفعالية في التنفيذ ، وبدل ان يصرخ المواطن «وينعي الدولة «عليه ان يكون جزءاً من الحل . فموضوع الفرز المنزلي ليس ترفاً اليوم انه قصة حياة او موت. ولا احد يمنعنا اليوم من القيام بواجبنا الا التخاذل ، فهل اصبحت هذه سمتنا العامة؟
 

  • شارك الخبر