hit counter script

الحدث - إبراهيم درويش

سيروا في الطرقات وتنفسوا لبنانهم الذي يريدون!

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٥ - 06:25

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا يكاد يمر يوم من دون أن تستوقفك حادثة قتل في مكان ما على أرض هذا الوطن المفعم بأسباب الموت المتعددة.
ليس بعيداً عن حوادث السير التي تحوّلت الى روتين يومي، لم يعد بالأمر الغريب أن تصادف جثة سابحة في بركة من الدم ملقاة على قارعة الطريق بانتظار أن يتدخل بطل للاتصال بالصليب الأحمر أو لمعاينة وضع المريض الى حين وصول الجهات المختصة، فالعبارة المتكررة دائماً "شو الله جابرني".
في سياق متصل، لا تخلو الأخبار العاجلة اليومية من عمليات القتل المتعمد والتي بعضها نحا المنحى الوحشي وسط حضور جماهيري حاشد، بعضهم كان مذعوراً والآخر متحسراً، لكنهم جميعاً كانوا عاجزين.
جدتي كانت تقول الدني قلّ خيرها... هذه العبارة كانت كفيلة بأن تثير ذعر ذلك الطفل الصغير التي كانت تعصف به حينها كوكبة من المشاعر والأحاسيس، فيغرق في حسابات طفولية عن غدٍ مخيف مقلق.
قد تكون أحرُفي هذه موسومة برائحة السوداوية، لكن كل المؤشرات والممارسات اليومية تدل على انحدار وطننا السريع نحو القاع، فهنا طفل يُغتصَب وآخر يُخطَف، وآخر يُقتَل لأسباب غامضة، وهنا مواطن يُذبَح في الشارع، وصبية يُصَفّون حساباتهم بالنار في عرض طريق، يختارونه وكأنهم في مشهد هوليودي مثير، وهنا نقابة تنحاز انحيازاً أعمى، وقضاة مشكك بنزاهتهم، وصحافيون يبيعون أقلامهم، وأطباء يتاجرون بالمرضى، وموظفون مرتشون، هنا بلد بلا رئيس، هنا بلد بمراكز شاغرة رئيسية ، هنا: لا مياه، لا كهرباء، لا طرقات معبدة، لا ضمان، لا طبابة، لا أمن، لا أمان، بس في "أحلى من لبنان"!
"ما في أحلى من لبنان" نظراً لطبيعته التي خلقها الله ونُمعن كل يوم في تشويهها.
"ما في أحلى من لبنان" نظراً الى شاطئه الجميل الذي نستكمل مشروع ردمه ونغرقه بنفاياتنا وفضلاتنا.
"ما في أحلى من لبنان" نظراً لأحراجه وغاباته التي نستكمل مشروع قضمها واحراقها.
"ما في أحلى من لبنان" نظراً لكرم وضيافة أهله وروحهم الطيبة وتعاونهم وتكاتفهم على الحلوة كما المرة، الصفات التي تنازل عنها كثيرون لصالح ما تم اجتزأوه من فكر التمدن والتحضر والرقي".
لكن مهلاً لا تنغّروا فهذه ليست صورة بلدي التي ترونها اليوم، ليس هذا البلد الذي نما في قلوبنا وعقولنا، ليس هذا هو تراثنا وثقافتنا، فما نشهده اليوم حقبة بائدة حكماً، ليس لنا الحق في أن نورثها لأجيالنا، هذا بلدهم هم، هكذا يروق لهم، فاذا أردتم أن تروا حضارة بلادهم سيروا في الشوارع سيروا بين النفايات المنثورة وتنفسوا رائحة فضائحم، فأن زكمت انوفكم عودوا لنبحث عن لبنان المزروع في قمصان اجدادنا.
 

  • شارك الخبر