hit counter script
شريط الأحداث

"نيّال مين إلو مرقد عنزة" في قبرص!

الإثنين ١٥ تموز ٢٠١٥ - 07:41

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار- محمد وهبة

يقول بعض المصرفيين في مجالسهم الخاصة إن حصّة قبرص من طلبات الزبائن على القروض السكنية بدأت تزداد بوتيرة مطّردة. الزبائن ليسوا أفراداً فقط يحاولون شراء شقّة تخوّلهم الحصول على إقامة دائمة أو مؤقتة في بلد «أوروبي» لا يبعد سوى 20 دقيقة بالطائرة عن لبنان، بل هم أيضاً شركات تدرس خيار الانتقال إلى هناك حيث تعدّ قبرص أقرب نقطة تفصلهم عن تداعيات الأزمة السورية، وحيث يمكنهم الاستفادة من إعفاءات ضريبية على شركات الـ«أوف شور» لتحريك عملياتهم التجارية المثلّثة.

كذلك انتقل بعض مطوّري وتجّار العقارات إلى قبرص للاستفادة من حالة «القلق» التي تتيح تحقيق الأرباح أكثر بكثير من السوق المحلية «الجامدة» مثل مجموعة جورج شهوان ومجموعة محمد زيدان ومجموعة جبران طعمة وسواهم... بعضهم يشتري أراضي وينشئ عليها أبنية، وآخرون يشترون شققاً قديمة ويعيدون تأهيلها، وبعض ثالث يبحث عن فنادق لشرائها...
وإلى جانب هؤلاء، انتقل إلى قبرص عدد من المضاربين العقاريين بعدما تيقّنوا خلال السنوات الأخيرة من أنه لم يعد ممكناً شراء شقّة على الخريطة في لبنان وبيعها بعد شهرين بسعر مضاعف، بينما يمكن استغلال الظروف السيئة في لبنان وسوريا والعراق لتحقيق أرباح سهلة في قبرص. المضاربات الجشعة تلحق اللبنانيون أينما كانوا.
هذا المشهد بين لبنان وقبرص ليس جديداً، ففي الثمانينيات «هرب» اللبنانيون من الحرب الأهلية إلى قبرص. استأجروا شققا، وأسّسوا شركات، وفتحوا مطاعم ومقاهي... نقلوا معهم أموالهم، سبقتهم المصارف اللبنانية إلى هناك وباتت الجزيرة المتوسطية تستحوذ على 11 مصرفاً لبنانياً تؤدي عملياتها الأوروبية من قبرص فيما تستمرّ في استقطاب الودائع من لبنان. التقديرات تشير اليوم إلى أن المصارف اللبنانية في قبرص، سواء كانت فروعاً أو مكاتب تمثيلية أو مصارف شقيقة أو تابعة، تملك ودائع تفوق 2.5 مليار دولار. اليوم بات لدى هذه المصارف فرصة لزيادة تسليفاتها للبنانيين في الخارج.
لكن لماذا قبرص؟ لماذا تظهر قبرص كلما بدأت عوامل القلق والخوف تزداد في لبنان؟ هل لبنان هو وحده المعني بهذا الأمر؟ هل هناك فئة وحدها معنية بهذا الأمر؟


انتقل بعض مطوّري وتجّار العقارات إلى قبرص لاستثمار حالة «القلق»

في الواقع، فإن خيار قبرص ليس سوى ترجمة لعوامل الخوف والقلق في لبنان والمنطقة. فهذه الجزيرة، أو الجزء اليوناني منها، انضمّت إلى الاتحاد الأوروبي في مطلع الألفية الثانية، واكتسبت سمعة خلال العقود الماضية تخوّلها أن تكون مفتوحة على كل التدفقات النقديّة والسياحية وممراً للعمالة المتوسطية المهاجرة... وعندما ضربت الأزمة المالية العالمية هذه الجزيرة، تبيّن أن هناك تقاطعاً دولياً لمنع سقوط الجزيرة وانحدارها إلى مستويات خطرة كالتي بلغتها اليونان مع دائنيها، سواء لجهة علاقتها بالمودعين الروس أو لجهة الرغبة القبرصية بالانضمام الكامل إلى الاتحاد الأوروبي. ثم أطلقت السلطات القبرصية عملية منافسة واسعة لبعض الدول الأوروبية التي تستقطب رؤوس الأموال، ومنحت مالكي العقارات الأجانب فرصة للحصول على إقامة دائمة أو مؤقتة.
وإذا أضيفت هذه العوامل إلى أوضاع لبنان والمنطقة، يبدو واضحاً أن قبرص هي المهرب أو الملاذ. ففي لبنان، بدأت تداعيات الأزمة السورية تظهر هشاشة البنية الاقتصادية المحلية، وفيما ازدادت الضغوط الناتجة عن هذا الثقل، بدأت عوامل الطرد تعمل في سوريا والعراق بفعل «داعش». ونتجت عن هذا الأمر «حالة قلق عند المسيحيين في لبنان والمنطقة، فاندفعوا إلى شراء شقّة في قبرص» وفق رئيس مجلس إدارة شركة «Plus Proprties» جورج شهوان. ويؤكد الرجل أن غالبية الزبائن الذين يشترون أو يسألون عن عقارات سكنية هم «مسيحيون من لبنان أو سوريا أو العراق».
إذاً، بنية الطلب في قبرص ليست لبنانية فقط، لكن أسباب نشوئها واضح، لكن هل أهدافها واضحة؟ «أهداف الشراء في قبرص كما يصرّح عنها المشترون أنفسهم، هي شقّة احتياط لا تبعد عن لبنان أكثر من 20 دقيقة بالطائرة، وهي قد تكون شقّة يمكن استثمارها من خلال تأجيرها بنسبة 7% من قيمتها، وبعضهم يقول إن شراء شقّة في قبرص هو للاستثمار ولبيعها لاحقاً» وفق شهوان. وبحسب رئيس تجمّع رجال الأعمال فؤاد زمكحل، فإن الأزمة في قبرص دفعت أسعار العقارات إلى الانخفاض، وبالتالي مثّل هذا الأمر فرصة لخلق شركات عقارية لبنانية في قبرص. ويشير إلى انه «سمع عن رغبة بعض الشركات في الانتقال إلى قبرص، لكنني لم أسمع أن السبب هو حالة القلق بل لأن بعض التعديلات الضريبية التي طرأت على شركات الأوف شور في لبنان دفعت بعضها للهجرة إلى قبرص للاستفادة من إعفاءات ضريبية أوسع. هذا النوع من الشركات يعمل في إطار التجارة التي لا تمرّ في لبنان، لكنها أخضعت لمزيد من الضرائب، فقرّر بعضها الانتقال إلى قبرص».
 

  • شارك الخبر