hit counter script

أخبار محليّة

فضل الله: واثقون أن الحرصاء على البلد سيبادرون إلى إيجاد الحلول

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٥ - 13:47

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، التي هي خير الزاد: {وتزدوا فإن خير الزاد التقوى} وحتى نبلغ التقوى، لا بد من أن نستهدي بمن أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيرا، وجعله قدوة في العبادة والحلم والزهد والبذل والعطاء؛ من كان أشبه الناس خلقا وخلقا وهديا وسؤددا برسول الله؛ إنه الإمام الحسن المجتبى، هذا الإمام الذي مرت علينا ذكرى ولادته في الخامس عشر من رمضان. وهنا، نورد بعضا من كلماته، عندما قيل له: "كيف أصبحت؟"، قال: "أصبحت ولي رب فوقي، والنار أمامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وأنا مرتهن بعملي... والأمور بيد غيري، فإن شاء عذبني، وإن شاء عفا، فأي فقير أفقر مني"، وفي حديث آخر له، قال: "عجبت لمن يفكر في مأكوله، كيف لا يفكر في معقوله، فيجنب بطنه ما يؤذيه، ويودع صدره ما يرديه". وقال: "لا تخرج نفس ابن آدم من الدنيا إلا بحسرات ثلاث: أنه لم يشبع بما جمع، ولم يدرك ما أمل، ولم يحسن الزاد لما قدم عليه". وقال: "من أراد عزا بلا عشيرة، وغنى بلا مال، وهيبة بلا سلطان، فلينتقل من ذل معصية الله إلى عز طاعته. إن إخلاصنا لهذا الإمام، وحبنا له، لا يكون بخفقات القلب فقط، بل لا بد من أن نتبع هذا الحب بخطوات العمل، وبذلك نواجه التحديات".

أضاف: "انتهى الأسبوع الماضي على العديد من الأحداث الدامية التي تنقلت ما بين الكويت في التفجير الذي أودى بحياة العديد من المصلين، الذين لا ذنب لهم إلا أنهم كانوا يتوجهون إلى ربهم في صلاة الجمعة، وتونس في ما جرى من استهداف لأناس قدموا إلى هذا البلد، ظانين أن فيه أمانا، ولم يعرفوا أن هناك من يستبيح دماءهم. ومصر في الاغتيالات التي حصلت فيها، والتفجيرات التي عبثت بأمن هذا البلد، وما جرى في فرنسا من استهداف لصورة الإسلام السمح ومحاولات لتشويهه، والتي تأتي استكمالا لكل هذا المشهد الدامي، الذي يعانيه أكثر من بلد عربي وإسلامي، ويكتوي بناره".

ورأى ان "كل ما يجري على امتداد العالم العربي، بات يستدعي عملا عربيا وإسلاميا جادا، وعلى مختلف المستويات، لمواجهة هذا الإرهاب المستشري، وتداعياته التي باتت تأكل من رصيد المسلمين وحضورهم في هذا العالم، وكل تاريخهم".

وقال: "أما لبنان، فيبدو أن عقدته الحكومية لن تصل إلى حل، في ظل بقاء الأطراف السياسيين على مواقفهم، حيث يبدو، وإلى أجل غير معروف، أن على اللبنانيين أن يتعودوا على الفراغ في هذا الموقع الأساسي، إضافة إلى المواقع الأخرى، والذي بات يوحي بمدى استهانة من هم في مواقع المسؤولية بالتحديات التي تواجه هذا البلد على كل المستويات، والأخطار التي تحدق به، والفتن التي نخشى أن تحصل في داخله".

اضاف: "إننا لا نزال على ثقة بأن الحريصين على هذا البلد، لن يدعوه يقع في مهاوي الضياع، وسيبادرون إلى إيجاد الحلول لما يجري، ونتمنى أن يكون ذلك بأسرع ما يكون، فالبلد لا يتحمل".

وتابع: "نحن أمام هذه الأجواء الصعبة والمعقدة التي نعيشها في المنطقة وفي لبنان، نستعيد الذكرى الأليمة؛ الذكرى الخامسة لرحيل سماحة السيد، ونستذكره وهو يحذر المسلمين جميعا من مغبة الوقوع في أتون الفتن، التي من شأنها أن تسقط الهيكل على رؤوس الجميع. إننا نفتقده وسط كل هذه الفتن التي تعصف بالعالم الإسلامي، وخصوصا الفتنة المذهبية، التي كان قد شخصها ووضع لها الدواء، وهو من استشرف المستقبل بعين المجرب الخبير، وقرأ ما يمكن أن يحدث فيه، وحذر منه، ومن هنا كانت بعض فتاواه ومواقفه".

وأكد ان السيد حمل، ومنذ بداية حياته، هم الإسلام، وسعى لأن يبقيه صافيا لا تشوبه الشوائب التي علقت به من عصور الجهل والانحطاط، أو ممن يريدون العبث به وتشويه صورته، أو ممن لم يفهموه حقدا. كان يريد لصورة الإسلام أن تبقى نقية في العقول وفي الوجدان، وكان يريد أن يقدمه للعالم كما هو؛ الإسلام المنفتح على الحياة، القادر على حل مشكلات العصر، والمشاركة في نهوض المجتمع؛ القادر على أن يطرق أبواب الشرق والغرب، وأن يصل إلى كل مكان فيهما. وفي ذلك، كتب ونظر وحاور وتحدث".

وقال: "حمل السيد هموم العالم العربي والإسلامي وقضاياه، وقد اتسعت اهتماماته لتطال أبعد من الساحة اللبنانية، رغم أنه كان يرى لها الأهمية، لتنوعها ولحيويتها وقابليتها لأن يقدم الإسلام فيها نموذجه، وسط هذا الغنى في الأديان والثقافات والتوجهات الفكرية والسياسية الإقليمية والدولية. وهو في ذلك، لم يتأطر بإطار، ولم يغلق الباب أمام أحد، ولم ينغلق على أية قضية، بل اتسعت اهتماماته لكل العالم، ليحتضن كل قضايا الإنسان والشعوب.. ويدافع عن كل إنسان مظلوم ومستضعف ومحروم، وهو الذي حمل شعار: "القلب مفتوح، والعقل مفتوح، والبيت مفتوح".

واشار الى انه "قد عاش قضية فلسطين، واعتبرها القضية الأساس، وأوصى بها وبالمقاومة. ودعا إلى النظر بكل جدية إلى خطورة هذا الكيان، فهذا الكيان ليس كيانا عاديا له حدود يريد أن يعيش في إطارها، بل هو بلا حدود ولا سقف.. ووقف في وجه همجية الاستكبار العالمي وظلم السياسات الغربية، ولكنه لم يعاد الغرب كثقافة أو شعوب غربية، وفي ذلك، كان يقول: ليست لدينا عقدة من الغرب، وليست لنا عداوة مع شعوبه، بل نريد أن نكون أصدقاء العالم".

اضاف: "لقد وقف السيد مع المقاومة واعتبرها جيشا شعبيا ليس بديلا من الجيش اللبناني وقوته، بل سندا له، واعتبر أن قوة لبنان في قوته لا في ضعفه. لقد كان يثق بالشعوب العربية والإسلامية، وكان يرى فيها الخير الكثير. ولكنه كان دائما يدعوها إلى الحذر من اللاعبين بعواطفها وأحاسيسها، والزارعين فيها المخاوف، وكان يدعوها إلى عدم الخضوع للانفعال والارتجال، وتدبر عواقب المواقف والخطابات غير المسؤولة، لئلا تقع في الأفخاخ التي ينصبها لها الأعداء بكل تلاوينهم".

وتابع: "لقد دعا السيد إلى الوحدة الإسلامية، واعتبر أن العمل للوحدة دينا ما دامت هذه الوحدة هدف الأعداء الذين يريدون لهذه الأمة أن تكون ساحة توتر وانفعال، وهو من عمل على إخراج الساحة الإسلامية من الهواجس والمخاوف المتبادلة، وكان صمام الأمان في ذلك. آمن السيد باللقاء الإسلامي المسيحي، وبالانفتاح على كل الديانات السماوية، ورأى أن الديانات تتكامل في ما بينها، وأن ما يجمعها هو أكثر مما يفرقها، واعتبر أن الحوار هو السبيل لحل القضايا، لكنه ليس أي حوار، بل الحوار البناء، لا حوار العصبيات للعصبيات، ولا حوار الذات للذات، بل حوار العقل للعقل، الحوار المنتج والهادئ".

كما أكد ان "السيد آمن بدور الشباب والمرأة، وشدد على حق الطفل، وآمن بحق الإنسان بالعيش الكريم، ودعا المجتمع إلى أن يتحمل المسؤولية تجاه الذين يعانون ضغوط الحياة وصعوباتها، وأن يمد اليد إليهم. وانطلق مع كل الطيبين في مسيرة مؤسسات الخير للأيتام والمعوقين وللمسنين والمؤسسات الصحية والتربوية، واعتبرها أساسا لقوة المجتمع وثباته أمام التحديات، وكان شعاره أن هذه المؤسسات من الناس وإلى الناس".

وختم: "إن الوفاء للسيد لن يكون أبدا إلا الوفاء لكل القضايا التي عاش لها، ونحن على ثقة بأن الأمة التي أتعب السيد حياته من أجلها، وهو من قال: "الراحة علي حرام"، بقيت وستبقى وفية لفكره ومؤسساته ولكل هذا التراث الديني الذي تربت في ظلاله، وتعتبره أساسا لبناء سوف يستمر بإذن الله بالنمو، لما فيه خير الإسلام والعرب والمستضعفين".  

  • شارك الخبر