hit counter script

أخبار محليّة

الراعي: أولى اهتماماتنا مساعدة شعبنا على البقاء في أرضه والحفاظ عليها

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٥ - 12:36

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

شارك البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي مساء أمس بدعوة من البطريركية السريانية الإنطاكية الأورثوذكسية والكاثوليكية في الحفل الإفتتاحي لمؤتمر ابادة السريان " شهادة وايمان"، مع البطاركة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، مار اغناطيوس افرام الثاني، يوحنا العاشر اليازجي، وابراهيم اسحاق وبحضور الكاثوليكوس آرام الأول كيشيشيان، السفير البابوي غابرييلي كاتشا، المطارنة كيرلس بسترس ممثلا البطريرك غريغوريوس الثالث لحام وميشال قصارجي ممثلا البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو، الوزير نبيل دو فريج ممثلا رئيسي مجلس النواب ومجلس الوزراء، الدكتور داوود الصايغ ممثلا الشيخ سعد الدين الحريري، الوزير طوني كرم ممثلا الدكتور سمير جعجع وروجيه عازار ممثلا العماد ميشال عون، اضافة الى لفيف من الاساقفة والرؤساء العامون والرئيسات العامات والكهنة والإكليريكيين والراهبات وفعاليات سياسية واجتماعية وثقافية، في قاعة البابا القديس يوحنا بولس الثاني في جامعة الروح القدس –الكسليك.

افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني اللبناني وقدمت للحفل الإعلامية كلود ابو ناضر الهندي.

وبعد إنشاد جوقة أبرشية زحلة والبقاع الصلاة الربانية باللغة السريانية، وقف الحضور دقيقة صمت لراحة نفوس الشهداء.

ثم كان عرض لوثائقي القى الضوء على مجزرة سيفو التي ذهب ضحيتها نحو 500 ألف سرياني وكلداني وأشوري في العام 1915 قتلوا ونكل بهم وهجروا من ارضهم على يد السلطات العثمانية.

وتخلل الوثائقي مداخلات للبطريرك يوسف الثالث يونان والبطريرك مار اغناطيوس افرام الثاني أكدوا في خلالها وجوب الإعتراف بهذه الإبادة لافتين الى ان هذه المئوية ستكون انطلاقة جديدة لمراجعة التاريخ من دون ان يكون هناك مكان للفشل لأن وجهة المسيحي هي السماء وليس المدن القائمة على الأرض. هذا واستذكر الحضور المثلث الرحمة الراحل البطريرك نرسيس بدروس ملتمسين من الله ان ينعم عليه بالرحمة الإلهية.

وكانت كلمة لبطريرك الكنيسة السريانية الأورثوذكسية مار اغناطيوس افرام الثاني، اكد فيها ان "ما حدث في العام 1915 لم يكن مجرد اضطهاد بل هو ابادة جماعية بكل ما للكلمة من معنى. واليوم وبعد مرور مئة عام على هذه الإبادة نحن هنا لنتذكر لعل في الذكرى عبرة. نحن نؤمن ان المسامحة هي طريقنا الى السلام، نغفر ولكن هذا لا يعني ان ننسى. ومن هنا نحن ندعو اخوتنا في تركيا الى اعتراف بهذه الجريمة النكراء لكي نقيم معهم علاقات محبة ومودة. ونطالب الدول التي نعيش فيها من لبنان الى سوريا والعراق بالإعتراف بهذه الإبادة لأنه لو تنبه العالم لما كان يحدث من مجازر في بلادنا لما كنا نسمع اليوم بابادات جديدة".

بدوره، ألقى السفير البابوي غابرييلي كاتشا كلمة ذكر فيها ان "قداسة البابا فرنسيس أشار في عيد القديسين بطرس وبولس الى عمليات القتل والإضطهاد والسجن التي تعرض لها الرسل"، لافتا الى ان "الإضطهادات الوحشية واللاإنسانية وغير المبررة لا تزال مستمرة في اكثر من مكان في العالم، وغالبا ما تتم وسط سكوت تام وعلى مرأى من الجميع".

وتابع: "نحن هنا اليوم لإستذكار ما حصل من مأساة منذ 100 عام اصابت الجماعة السريانية في تركيا وهي عرفت باول ابادة في القرن العشرين كما قال البابا فرنسيس في بازيليك مار بطرس. كل هذا لنتذكر ان هناك رابطا قويا بين الإيمان والشهادة وبعيدا عن التفسيرات السياسية والتاريخية التي تعطى هناك الإنجيل الذي يقول ان الرسل سيضطهدون باسم المسيح. لهذا فان التقليد يقول لنا ان ركائز الكنيسة الإثني عشر هم الرسل الذين بنوا الكنيسة على دم شهادتهم. والمسيحيون الأوائل الذين تم اعلانهم قديسين كانوا شهداء. الإيمان بالله لديه ثمن ايضا."

وختم كاتشا:"اشكر الشهداء واقول انه ان لم نصلي اكثر وان لم نشهد اكثر فان استشهادهم سيذهب سدى".

ثم وجه البطريرك يوحنا العاشر اليازجي كلمة أعلن فيها أن "أبخس الأثمان في لعبة الامم هي الدماء البريئة وحقوق الإنسان" موضحا" نحن هنا لنقول للدنيا ان المسيحيين معجونين بتراب هذا المشرق، والقمار الصناعية بامكانها سبر اعماق المريخ ولكنها تطبق باصريها عندما يتعلق الامر بمطراني حلب. نود ان نؤكد ان حماية المسيحيين تكون باحلال السلام في ربوعهم وليس بارسال الاسلحة او الطائرات. حماية الشرق وناسه تكون بإسكات نار الحروب وليس بإرسال بوارج للسفر او القتال".

اما المطران بسترس فقد القى كلمة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام للروم الكاثوليك وقال:" لئلا تتجدد الإبادة فلنتذكر. سياسة الإقصاء والإستبعاد هجرت المسيحيين اليوم من ارضهم في العراق وسوريا فطردوا منهاهذه الارض التي عاشوا عليها منذ 2000 سنة. واللقاء اليوم هو للتنديد بما جرى في الماضي وما يجري اليوم. قيل ان ما يجري اليوم هو صراع الحضارات ولكننا نقول انه صراع بين الحضارة والبرابرة. الله لا يمكن ان بكون اله الحرب والقتل وانما هو جوهر السلام، ومن يعيرون انفسهم بالمؤمنين هم مشركون يستغلون الدين للسيطرة على الناس وهم كفار لا علاقة لهم لا بالدين ولا بالإيمان".

وندد الكاثوليكوس كيشيشيان ب "ما يحدث اليوم من مجازر ترتكب بحق الابرياء"، مؤكدا ان "ما تعرض له المسيحيون في العام 1915 من مجازر ليس سوى ابادات بحق الارمن والأشوريين والكلدان والسريان والأقليات المسيحية".

وتابع: "بعض الدول لم يعترف بهذه الإبادة ولأسباب جيو سياسية ولكننا نقول انها كانت ابادة منظمة وممنهجة وهدفها القضاء على هذه الأقلية المسيحية. نحن ابناء هذا الشرق ونحن متجذرون فيه ولن نتركه مهما كانت التضحيات لأن شهداءنا هم من يطالبنا بالبقاء في شرقنا هذا كي لا تذهب شهادتهم سدى".

واعتبر المطران قصارجي كلمة التي ألقاها باسم البطريرك مار لويس روفايل الأول ساكو ان "قافلة الذين يبذلون دماءهم في سبيل ايمانهم طويلة ومستمرة"، مشيرا الى ان "الكنيسة الكلدانية قدمت 160 الف شهيد على مذبح الصليببين رجال دين وعلمانيين".

وطالب "المجتمع الدولي واصحاب النفوذ السياسي والإجتماعي الإعتراف بهذه الإبادة مشيدا بالموقف الذي اطلقه قداسة البابا فرنسيس والذي وصف فيه المجازر التي ارتكبت بحق الأرمن والكلدان والأشوريين والسريان بالإبادة"، داعيا الى "تضافر الجهود والقوى المسيحية لمواجهة الواقع ورفع الصوت عاليا"، مشددا على "اهمية قيام احتفال موحد بالشهداء المسيحيين في الشرق كعلامة من علامات الوحدة ومطالبة السلطات التركية بالإعتراف بهذه الإبادة".

بدوره، أكد البطريرك الراعي أن "هذا الإحتفال بذكرى ابادة السريان ليس من اجل الحقد والثأر وانما هو دعوة للأسرة الدولية للاعتراف الرسمي بالإبادة لكي لا يرتكب بعد اليوم مثيلات لها".

وقال:"يسعدني أن أشارك في إحياء الذكرى المئوية الأولى لإبادة إخواننا السريان، المعروفة بسيفو، افتتاحا للمؤتمر الذي تنظمه مشكورة بطريركية السريان الأرثوذكس وبطريركية السريان الكاثوليك بعنوان: "شهادة وإيمان. يطيب لي أن أحيي اخواني اصحاب القداسة والغبطة الذين تكلموا كذلك احيي سعادة السفير البابوي وجامعة الروح القدس التي تستضيف هذا المؤتمر بشخص وليها الرئيس العام الاباتي طنوس نعمة وجميع المحاضرين الذين سيشاركون في هذا المؤتمر وسيتوسعون في مضمونه. صاحب القداسة البطريرك مار اغناطيوس افرام الثاني، وصاحب الغبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث، وإخواني أصحاب القداسة والغبطة الذين تكلموا. ويؤلمنا غياب وجه المثلث الرحمة الكاثوليكوس البطريرك نرسيس بدروس التاسع عشر، الذي انتقل إلى بيت الآب في السماء. كما أحيي أصحاب السيادة المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات، وجميع المحاضرين والمشاركين".

وأضاف:"إبادة السريان حقيقة تاريخية موثَّقة في كتب ومخطوطات وتقارير بالعربية والسريانية وبلغات أجنبية. نحيي ذكراها لا من أجل الحقد والثأر اللَّذين ينافيان تعليم الإنجيل والكنيسة، ولا من أجل المطالبة بتعويض مالي، فالذين استشهدوا لا يثمنون بمال. لكننا نحيي ذكراهم وفاء لهم، لأنهم رووا بدمائهم كنائسنا، فبالرغم من الإبادة تقوى المسيحيون وتنشطت الكنائس. ألم يكن يردد آباء الكنيسة: "دم الشهداء بزار المسيحيين؟، وأيضا دعوة للأسرة الدولية للاعتراف الرسمي بالإبادة، لكي لا تسمح بعد اليوم بارتكاب مثيلات لها، وتحفيزا لنا وتشجيعا للمثابرة على الشهادة والإيمان في بلدان هذا المشرق، من أجل كل شعوبها، فحاجتهم الكبرى اليوم هي إلى إنجيل المسيح، إنجيل المحبة والعدالة والسلام، إنجيل قدسية الحياة وكرامة الشخص البشري، إنجيل الحقيقة والحرية والأخوة".

وتابع:"طالما لم يتم الإقرار الرسمي بالإبادة التي شملت الأرمن والسريان والأشوريين والكلدان واليونانيين في سنة 1915، يضاف اليها الذين استشهدوا في لبنان في المجاعة الكبرى والذين علقوا على المشانق والذين قتلوا بحد السيف والخنجر، أو بالجوع وهم مشردون في الأودية والجبال بدون طعام وماء، طالما لم يتوفر الإقرار الرسمي بالإبادة يبقى الباب مشرعا أمام المجازر والإبادات المماثلة، كما نشهد اليوم في بلدان الشَّرق الأوسط، حيث التنظيمات الأصولية – الإرهابية تقتل وتهدم وتهجر، وكأنها وسيلة في يد الدول الكبرى، مدعومة منها بالمال والسلاح، من أجل مآرب سياسية واقتصادية واستراتيجية".

وأضاف: "كل هذه المجازر وهذه الإبادة هي جريمة ضد الإنسانية، ووصمة عار في تاريخها، وعلى جبين القرن الحادي والعشرين حيث الاكتشافات العلمية والتقنية وتطوراتها المتسارعة بلغت ذروتها. وكم يؤسف ويؤلم أن التقدم العلمي والتقني المتصاعد بشكل مذهل، واكبه بالمقابل انحدار مخيف في إنسانية الإنسان، ظاهر في تجريد قلب الإنسان من كل عاطفة إنسانية وجعله قلبا من حجر، وظاهر أيضا وبخاصة في اللاأخلاقية السياسية العالمية، وموت الضمير، وفي خنق صوت الله في أعماق قلوب المسؤولين السياسيين وحكام الدول".

وتابع: "فيما نحيي المئوية الأولى لإبادة إخواننا السريان الأرثوذكس والكاثوليك، ننحني أمام ضحايا يتواصل فيها عمل فداء المسيح للجنس البشري. إن تقدير أعدادها، موثق في المحفوظات البريطانية، وموثق في احصاءات وقد سمعنا عن عدد منها سواء في هذا الفيلم الوثائقي أو في الكلمات ولا حاجة الى تردادها. من البلدات التي هدمت والكنائس والأديار والعائلات التي أبيدت والأشخاص الذين قتلوا من أساقفة ونواب أسقفيين وكهنة ورهبان".

وقال: "العودة إلى موضوع المؤتمر "شهادة وإيمان" نجده بالترجمة الفرنسية:Martyreet foi، والإنكليزية "Matyrdom and Faith" أكثر تعبيرا وملاءمة لمعناه الحقيقي والبيبلي. فاللفظة اليونانية لكلمة شهادة هي "Martyrion" و"Martyria"، وبهذا المعنى نجدها في العهد الجديد. فيسوع الشاهد الأمين والصادق" (رؤيا3: 14) للآب ولكلامه بالكرازة والآيات أمام الرسل والشعب والسلطات اليهودية والحاكم الروماني، بلغ بشهادته لهذا التعليم ولمحبة الآب إلى قبول الاستشهاد أي الموت على الصليب لفداء الجنس البشري. والرسل الاثنا عشر بالإضافة إلى بولس الرسول أدوا الشهادة ليسوع، لسر موته وقيامته، ولتعليمه بإعلان إنجيله، وصولا إلى قبول الاستشهاد من أجله، المعروف بشهادة "الدم – martyrion".

أضاف:" لى هؤلاء شهود الدم من أجل الإيمان يضاف شهداء العهد القديم الذين يذكرهم كاتب الرسالة إلى العبرانيين (11: 35-40): "منهم من عذبوا ولم يقبلوا النجاة ليحرزوا قيامة أفضل وآخرون قد ذاقوا الهزء والسياط حتى القيود والسجن. لقد رجموا، نشروا، ماتوا بحد السيف، تشردوا في جلود الغنم والمعز معوزين، مضايقين مجهودين، هم الذين لم يكن العالم مستحقا لهم. تائهين في البراري والجبال والمغاور وكهوف الأرض. وهؤلاء كلهم، وإن شهد لهم بالإيمان، لم ينالوا الموعد، لأن الله إذ أعد لنا مصيرا أفضل، لم يشأ أن يبلغوا إلى الكمال بمعزل عنا. ويضاف إليهم ايضا الشهداء – أبطال الأمانة للشريعة الإلهية في العهد القديم مثل الإخوة المكابيين السبعة مع أمهم (راجع 2 مكابيين 6: 18-31؛ 7: 1-41)".

وتابع: "إن شهداء مجازر الإبادة، الذين نحيي ذكراهم، يندرجون في خط هؤلاء الشهود من المسيح إلى اليوم. فينبغي على الكنيسة، برعاتها وأبنائها وبناتها ومؤسساتها أن تواصل هذه الشهادة بشجاعة من أجل حياة العالم عامة، وبلدان الشرق الأوسط خاصة، التي ننتمي إليها. لا يمكن أن نضحي بالألفي سنة من حياة المسيحية في هذا المشرق، وانطلاقتها منه إلى العالم كله. ولا يمكننا التخلي عن رسالتنا مع مواطنينا المسلمين التي تتواصل منذ ألف وأربعمئة عام، وقد تخللتها سلبيات وإيجابيات، أيام فرح وايام حزن. ولكننا خلقنا معا، عبر اختبارات هذه السنوات، ثقافة الاعتدال والانفتاح والتنوع والعيش معا، وبنينا تاريخا وحضارة".

وختم:"ينبغي أن نعمل، بيد واحدة وقلب واحد، على شد أواصر الوحدة والتضامن بين كنائسنا، وبين المسيحيين، من أجل خدمة أوطاننا وتقدمها وازدهارها، بحكم المواطنة الأصلية والأصيلة. إن أولى اهتماماتنا تنصب على مساعدة شعبنا على البقاء في أرضهم، والمحافظة عليها. فالأنظمة تتغير، والدول تتبدل، لكن الأرض تبقى، والملكية تنادي صاحبها. والأمل كبير في أن نواصل الرسالة المسيحية على هذه الارض المشرقية، ونبني عليها سلام المسيح الذي يشمل جميع الناس والشعوب. كل هذا الالتزام تدعونا إليه دماء شهدائنا الذين نحيي ذكراهم اليوم، وأولئك الذين تبعوهم على طريق "الشهادة والإيمان" حتى يومنا".

بدوره، اعتبر البطريرك يونان انه " لو كانت لدينا الشجاعة والرؤية للمستقبل لان نطالب بنظام اذا لم يكن فدرالي اقله لا مركزي في لبنان، ونحن ندعو اخوتنا الذين هجروا من ارضهم في العراق وسوريا واتوا الى لبنان ان يبقوا في هذه الارض المشرقية وان لا يهاجروا عبر البحار".

وفي الختام، قدمت الدروع التذكارية الى البطاركة بعد عرض وثائقي عن تهجير المسيحيين من ارض الموصل وسهل نينوى في العراق.
 

  • شارك الخبر