hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - دافيد عيسى

ميشال عون... ما له وما عليه

الإثنين ١٥ حزيران ٢٠١٥ - 08:16

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تتفق مع العماد ميشال عون أو تختلف معه، انتَ في الحالين أمام حالة سياسية خاصة فريدة من نوعها، ليس لها من شبه أو مثيل، وأمام سياسي فرض نفسه وايقاعه على الحياة السياسية وشكل اختراقاً للواقع والمألوف واخلالاً بقواعد اللعبة.
العماد عون امتلك دائماً عنصر المفاجأة. فهو لا يعطي سرّه لأحد ويفاجىء خصومه وحلفاءه من حيث لا يتوقعون. ومنذ عودته قبل عشر سنوات يعرف كيف يخاطب الناس ويدغدغ مشاعرهم ويخوض المعارك السياسية واحدة تلوى الآخرى...
يقاتل العماد عون على عدة جبهات ويخوض عدة معارك في وقت واحد الاولى: معركة رئاسة الجمهورية والتي وضعها جانباً منذ فترة بعدما وصل إلى قناعة ان الظروف اليوم تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية بسبب ارتباط معظم القوى الاساسية اللبنانية باجندات اقليمية، وان لبنان موضوع وحتى اشعار آخر في «الثلاجة» انتظارآ لما ستؤول اليه الاوضاع في المنطقة، والثانية: معركة التعيين في قيادة الجيش التي خاضها ويخوضها في التوقيت الخطأ، والثالثة: المعركة ضد الحكومة التي خذلته في التعيينات، والرابعة: المعركة ضد الطائف المبتور والمجتزأ في تطبيقه وضد النظام الذي لم يعد يتناسب مع الواقع اللبناني والوضع الجديد في المنطقة.
وانطلاقاً من مبدأ صديقك من صَدَقَكَ لا من صَدَّقَك، نحن نصفّق للعماد ميشال عون ونؤيده عندما يكون على حق وصواب، ونخالفه الرأي ونعارضه في الاسلوب عندما نعتبر انه على خطاء.
من هنا نبدأ بالمسائل التي نخالفه الرأي فيها :
1 - موضوع رئاسة الجمهورية ...
اذا كنا مع الطموح السياسي المشروع للعماد عون وحقه في الترشّح الى رئاسة الجمهورية وموقعه المتقدم بين سائر المرشحين نظراً إلى مكانته وتمثيله الذي لا يجادله احد فيه، الا اننا وبعدما تأكد للقاصي والداني وبعد أكثر من سنة على شغور مركز الرئاسة ان انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية أمر متعذر لا بل مستحيل في ظل التوازن الداخلي الدقيق والصراع الاقليمي المستعر، لم يبادر حتى إلى محاولة البحث عن اسم رئيس توافقي يكون له الرأي المرجح فيه.
2 - المطالبة بتعيين قائد جديد للجيش...
لا أحد يجادل العماد ميشال عون في هوية الضابط الذي يرشحه لقيادة الجيش ويريد تعيينه في هذا المنصب. انما الاعتراض هو على المبدأ، مبدأ فتح ملف التعيين في قيادة الجيش في ظل عدم وجود قائد اعلى للقوات المسلحة اي رئيس للجمهورية والذي يجب ان يكون له الكلمة الاساسية في اختيار قائد جديد للجيش. فكيف يعقل ان نضغط باتجاه تعيين قائد للجيش وان نسهم في ترسيخ واقع وانطباع ان «البلد ماشي» مع أو من دون رئيس مسيحي للجمهورية، وكيف يتناسب هذا التوجه مع حرصه الدائم على صلاحيات الرئيس ودور المسيحيين في السلطة ؟
3 - موضوع تعطيل عمل وجلسات الحكومة ...
اذا كنا مع استخدام الوسائل السياسية الديمقراطية في الاعتراض والاحتجاج وممارسة الضغوط على الحكومة، إلا اننا لا يمكن ان نكون مع اساءة استعمال هذا الحق ولا يمكننا ان نكون مع تعطيل عمل الحكومة وشلّ قدراتها وقراراتها. ليس فقط لأنها المؤسسة الدستورية الوحيدة التي تعمل بعد فراغ الرئاسة، وانما لأن أمور الدولة ومصالح الناس لا يمكن ولا يجوز ان تستخدم وترهن في لعبة التجاذبات والخلافات السياسية ولا يجوز لعجلة الدولة ان تتوقف عن الدوران فكيف إذا كنا في ظروف صعبة وضاغطة لا تحتمل تأجيلاً في القرارات وخصوصآ ان الاستحقاقات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية كبيرة وصعبة .
4 - موضوع التهديد باللجوء إلى الشارع ...
اذا كان اللجوء إلى الشارع، اعتصاماً أو تظاهراً، أمر مشروع ومكفول دستورياً في إطار حركة التعبير عن الرأي واعتماد الوسائل السلمية، فان تحريك الشارع في هذه المرحلة أمر غير مستحب وغير مجدٍ ولا يوصل إلى نتيجة. فمن جهة، جرى اختبار الشارع ومدى تأثيره في مجرى الاحداث قبل عشر سنوات تقريباً وتبين للجميع ان الشارع يقابله شارع مضاد، وان اعتصاماً في وسط بيروت دام اشهراً لم يغيّر في الوضع الحكومي والسياسي شيئاً، وكون لعبة الشارع خطرة جداً في ظل اجواء التشنج والاحتقان على المستويين السياسي والمذهبي وحيث لا يعود مضموناً التحكم بالمناخات الشعبية واتجاهاتها وبقاء الوضع تحت السيطرة، ونحن على يقين ان العماد عون مدرك بخطورة الاوضاع ودقتها ومدرك ايضاً لمحدودية التجاوب الشعبي مع أي دعوات إلى التظاهر والاعتصام وهو الذي يرى تدفقاً خجولاً لانصاره إلى دارته في الرابية. وهذا الوضع من عدم التجاوب وعدم التفاعل الشعبي مع دعواته هو لسبب بسيط هو ان الناس اصبحوا في وادٍ والحكام والسياسيون في وادٍ آخر. فالناس قلقون على المستقبل ومهتمون بتحصيل لقمة عيشهم وتأمين حياة كريمة لاولادهم ولائقة في ظل ظروف امنية واقتصادية ومعيشية وحياتية ضاغطة .
وإذا كنا لا نجاري العماد عون في هذه العناوين والمسائل الاربعة فاننا نؤيده في اربع عناوين اخرى تستحوذ على متابعتنا واهتمامنا:
1 - الحوار بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ...
ندعم وبقوة الحوار الذي بدأه العماد عون والدكتور جعجع وكنا من أول الداعين إليه كضرورة وحاجة على المستويين المسيحي والوطني لأن قوة لبنان من قوة الحضور والدور المسيحي فيه، وقوة المسيحيين من وحدتهم واتفاقهم فيما بينهم. وحتى الآن يسير الحوار بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية بخطى بطيئة ولكن ثابتة وراسخة ما يدل إلى جديته وصدقيته خصوصاً وان نتائجه الأولية جيدة في تصفية ذيول الماضي وفتح صفحة جديدة وإزالة كل اجواء الحقد والكراهية واراحة الوضع المسيحي بشكل عام واستعادة المسيحيين ثقة بانفسهم ومستقبلهم كادت ان تضيع، لاستعادة دور وطني صار مفقوداً... الحوار بين التيار والقوات مطلوب ان يستمر وان يتطور ويتقدم وممنوع ان يعود إلى الوراء أيا تكن الظروف، لأن المطلوب ان يكون المسيحيين موحدين اقوياء في هذه المرحلة المصيرية والوجودية وهم الذين يجعلون من لبنان قيمة مضافة في هذه المنطقة وليس مجرد رقم إضافي على خارطتها...
2- تطبيق الطائف ...
نحن مع العماد عون في مطالبته بتطبيق صحيح وكامل لاتفاق الطائف بمعنى تطويره ليكون متناسباً مع الواقع اللبناني الجديد ولاقفال الثغرات التي ظهرت من خلال مسيرة تطبيقية غير ناجحة دامت حتى الآن 25 سنة.
3 - المشاركة المسيحية الفعلية في الحكم، وقانون جديد للانتخابات ...
نؤيد دعوات العماد عون المتكررة، إلى مشاركة حقيقية في الحكم من خلال المناصفة الفعلية في الدولة واداراتها ومؤسساتها بدءاً من المؤسسة الأم مجلس النواب. ونحن على يقين ان الخطوة الأولى في هذا الاتجاه تكون بوضع قانون جديد للانتخابات، قانون من شأنه ان يؤمن التمثيل الشعبي والتوازن الطائفي الحقيقي ويتيح للمسيحيين انتخاب من يمثلهم بدلاً من ان يصل النواب المسيحيون بأصوات الآخرين ويظلون في حالة تبعية لسياسيين من طوائف آخرى.
4 - الفدرالية واللامركزية الادارية ...
نتفهم ونشجّع الدعوة الصادرة عن العماد عون بشأن تطبيق اللامركزية الموسعة إدارياً ومالياً والتي هي شكل من اشكال الفدرالية. ونحن نرى ان هذا الطرح يتناسب مع الواقع التعددي في لبنان وما يفرضه من حفظ وصيانة خصوصيات المجتمع اللبناني وتوازناته الطائفية، كما انه ينسجم مع التطورات والمتغيرات الجذرية في المنطقة التي تسير في اتجاه الفدرالية والكيانات والاقاليم الطائفية والعرقية من اليمن وليبيا إلى العراق وسوريا.

  • شارك الخبر